السبت، 19 مايو 2012

بين التملق والتسلق



أنظمة الطغيان تخلق فئة في المجتمع بدون هوية , ربما يكون البعض من الجهلة وربما من المتعلمين , بل وربما نجد منهم أساتذة في الجامعات .


هؤلاء لا شخصية ولا هوية منفصلة لهم , لذا تراه مع السلطة , مع القوي , ومن النوعية التي نسميها " مات الملك .. عاش الملك "



وتوجد هذه النوعية حتى في الدول المتقدمة , فهنالك دراسة علمية مبنية على إحصاءات , أن 15% من الناخبين في المجتمعات الديمقراطية تنتخب الشخص القوى والذي له حظوظ اكبر في الفوز . ولا تنتخب بناء على ما تراه صالحا .
بالطبع مجتمعاتنا قد تزيد فيها هذه النسبة ,

قد يسميهم البعض " المتسلقون " , 
لا ألوم على تسميتهم هذه التسمية خصوصا في الدول التي ثارت على الطغيان , ودفعت الكثير من الدم والعرق والدمع مقابل تحررها , بينما كان هؤلاء الأفراد يقفون مؤيدين أو شبه مؤيدين للنظام الطاغي . يخرجون في مظاهرات مؤيده أو يلقون تصريحات ضد الثورة .

مثل هؤلاء , هم مرضى , فهم بلا شخصية , وبلا إرادة مستقلة .
أنا لا اعتذر عنهم , ولكن اشخص حالة مرضية ربما لا يعرفها البعض . حالة موجودة في كل المجتمعات وبنسب متفاوتة , ففي الدول الديمقراطية تبلغ 15% وتزيد في الدول التي تحكم بأنظمة شمولية بنسب قد تصل إلى 70% ,

قد يجاملهم البعض فيسميهم بالمتملقة , ويسمي مرضهم بالتملق , وقد يتشدد البعض ويسميهم متسلقة , ولكن حقيقة هو مرض . أو ظاهرة مرضية موجودة في كل المجتمعات .

ولكن هل نحارب هؤلاء ؟ 

الجواب لا , لأن لا فائدة تذكر في حربهم , ولن تتغير وقائع الماضي ولا الحاضر , ويمكن الاستفادة من خبراتهم في مجال تخصصاتهم في بناء المستقبل , حيث يوجد الطبيب والمهندس والعامل وغيرهم , كما أنهم ليسوا ملطخي اليد بالدم أو سرقة المال العام .
الدول التي تحررت من الأنظمة الطاغية يلزمها تضافر كل الجهود لبنائها , من أبنائها في الداخل والخارج , لا يجب إقصاء أحد .

أما في المناصب السياسية , فلا خطر من هؤلاء الذين نسميهم معدومو الهوية والاستقلالية , حيث أن هذه المناصب هي بالانتخاب الحر , وفي اللعبة الديمقراطية , سيفتضح أمرهم وخصوصا مع عمليات التوثيق وتطور وسائل الاتصال . ولن يحصلوا على أصوات تمكنهم من لعب أي دور سياسي .

بقي أن تقوم المجتمعات باستيعابهم , وخصوصا أن نوعية مرضهم تجعلهم مع الثورة بعد أن أثبتت الثورة قوتها , وتذكروا أن مرضهم هو "إتباع القوي والخضوع له " . وليس من الحكمة إقصاء خبرات يحتاج لها الوطن بناء على هذا المرض الغير مؤذي حاليا .

توجه كل الجهود لمعركة البناء أفضل كثيرا من شغل الوقت وإضاعة الجهد في الحديث عن هؤلاء , فعامل الوقت يجري سريعا . واليوم كان بالأمس فقط مستقبل . وسريعا سيكون الغد ماضي . 
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان

http://salehalsulaiman.com/

هناك تعليقان (2):

  1. من مدينة الجهاد والتضحيات19 مايو 2012 في 5:34 م

    استاذ صالح اي خبرات يمكن ان نستفيد منها واصحابها خرجوا في مظاهرات تأييد للطاغية وهم يهتفون "ياقائد سير ولا تهتم نصفيهم بالدم". هل يمكن ان تتخيل ان يكون في احدى قاعات الجامعات استاذ جامعي ويحمل اعلى الشهادات وكان مؤيد الطاغية و يدرس طلبة مقطوعى الاطراف اوفاقدي احدى عيونهم .
    ربما مكان اصحاب الخبرات الذين كانو مؤيدين للطاغية هو المدن المؤيدة للطاغية فربما بعد سنوات يحدثون طفرة غير عادية في الرقي في المدن التي كانت ومازالت تعاني من الجهل والتخلف

    ردحذف
  2. مقالٌ جيد .. شكرا لكً

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام