الثلاثاء، 22 مايو 2012

حادثة مستشفى عرقه ورؤية حقيقية


قبل أيام شاهدنا تأثير قنوات التواصل الإعلامي في تجميع الشباب , حيث اجتمع المئات من الشباب , بل وأقول أنهم قد يكونوا بلغوا بضع الآلاف  في الرياض , فيما عرف بحادثة مستشفى عرقه , وكيف عجز الآمن عن تطويق هذا الحدث إلا بصعوبة كبيرة .

بالطبع لم يكن التجمع ذو هدف عادي , إذ كانوا يسعون لإنهاء إشاعة المستشفى المهجور الذي يشاع انه أصبح موطنا للجن , وهنا يستطيع المراقب استخلاص  عدة نقاط من هذه الحادثة .
الأولى :- قدرة وسائل التواصل الاجتماعي الكثيرة على جمع الشباب لهدف معين .
الثانية  :- في العالم يهرب الناس من الجن وذكرهم , وشبابنا يهاجم الجن في أماكنهم , يعني من الآخر قلوبهم لا تخاف .
الثالثة :- حتى مع التواجد الأمني المكثف , وحتى مع ما قيل ورأيت فيديو انه جرى إطلاق نار في الهواء لتفريق الشباب , لم يتفرقوا , وأخيرا تمكنوا من اقتحام المبنى.

كنا نرى ان الشاب لدينا لا يجتمع إلا في مباريات كرة القدم أو بعض الفعاليات الأخرى , تكون منظمه ومرتب لها , ولكنها المرة الأولى التي تظهر بشكل مغاير.

نقاط الثلاث مهمة جدا للمهتمين , تتلخص في أسلوب تواصل غير قابل للاختراق , شباب مندفع , فشل التكثيف الأمني .  

هذه النقاط الثلاث أرى أنها يجب أن تكون حاضرة في ذهن أي مسئول ,  فهي وإن كانت قد تمت ضد " الجن " ولكني أراها  واقعة خطيرة , وظاهرة يجب الاهتمام بها . لأن أي عاقل لا يمكنه الإنكار بأن ما حدث مرة يمكن حدوثه مرات , في مكان آخر ولأهداف أخرى .

عوامل الضغط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي , عوامل مترابطة , ولنا في ثورة تونس إثبات , فالبوعزيزي أحرق نفسه بسبب الضغط الاقتصادي و الإهانة الاجتماعية , فتحول الضغط الاقتصادي والإهانة الاجتماعية إلى ثورة سياسية , كان لها تأثير ممتد تعدى الحدود الجغرافيه.

قد يظن البعض أن هذا اختراع جديد , ولكني أقول انه فقط اكتشاف لواقع كان موجودا من قبل , بالضبط كما اكتشفت الجاذبية أو غيرها . فترابط العامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي معروف , ولكن ربطه بوسائل التواصل الاجتماعي هو العامل الجديد .  وهو عامل رابط , هو الذي يجمع أجزاء الآلة الشعبية . ويجعلها تتحرك  بحركة متناغمة .
أظن على المسئولين العمل , وبكل قوة على إزالة أسباب الاحتقان , وعدم الاعتماد على الوعود , أو على القبضة الأمنية , فالوعود وإن صدقها الناس اليوم ولكن تكرار عدم صدقها يجعل منها عديمة التأثير , أما القبضة الأمنية , فلنرى ما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا , فنعلم تأثيرها النهائي شبه معدوم , ليس بالخوف وحده يمكن إسكات المجتمع وخصوصا مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي الكثيرة والتي تزيد وتكثر كل يوم .
قبل أيام فقط كنا نستغرب من البريد الالكتروني , ولكن اليوم نجد تويتر والفيسبوك والبلاك بيري والواتس أب , ورسائل الجوال , والكثير , تتزايد كل يوم , ويصعب السيطرة عليها .
أفضل سبيل هو مراقبة الله , ونشر العدل الحقيقي , والمساواة بين " كل " الناس , وعدم التفرقة بالنطفة , فتعتبر نطفة ما أعلى من نطفة أخرى , تتحصل على حقوق وامتيازات بالولادة , ونطفة أخرى تنحت  في الصخر .
والله لا أقول هذا الكلام إلا خوفا على بلدي , طالبا من الله أن يجعلها آمنة مطمئنة ,
يجب القضاء على الفقر , يجب القضاء على الفساد الحكومي والإداري الكبير الحجم وليس صغار الموظفين أو أواسطهم , يجب أن يكون المواطنون سواء , يجب أن يحاسب أي مسئول يقصر في خدمة المجتمع , يجب أن نكون في أوائل الدول شفافية وليس في ذيلها , يجب أن يعطى المواطن حقه قبل مطالبته بأن يكون وطنيا .
والله لو كنت مسئولا في الحكومة لطلبت من كل من حولي أن ينقل لي " خطأ " أو  "نقصا" أو "نقدا " ولو واحدا كل يوم , ثم بعدها ليمدح كيفما شاء , واعزله إن لم يفعل .
والله لو كنت مسئولا , لجعلت لي عيونا على كل مسئول أضعه في منصب , لينقل لي أخطائه ,
والله لو كنت مسئولا لقربت المنتقدين وأبعدت المادحين ولحثوت في وجه المداحين التراب ,
والله لو كنت مسئولا , لوضعت أمامي الآية الكريمة ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ)
والله لو كنت مسئولا لكتبت على كل جدار وكل صحيفة  قول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب احد الذين أمرنا بإتباع سنته والعض عليها بالنواجذ " رحم الله امرئ أهدى إلي عيوبي"
والله لو كنت مسئولا , لطلبت من كل مظلوم أن يضع شريطا احمر على ذراعه , أمام بيتي .
والله لو كنت مسئولا لراقبت إخوتي وأبنائي وعائلتي اكثر من غيرهم بمائة مره ,
ولكن أحمد الله أني لست مسئولا , لأني أخاف أن أسأل ,
لأن المسئول سمي مسئول لأنه سيقف أمام رب العالمين ويسأل . وهو قول سيدنا عمر رضي الله عنه عندما قال (لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق يا عمر)
رحمنا الله برحمته ,
اكرر الآية الكريمة ففيها خير ختام  ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ)
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان
http://salehalsulaiman.com




هناك تعليق واحد:

  1. ربما خوفنا من المسؤولية ومحاسبة الله لنا على التقصير يجعلنا نتبعد عن المسؤولية وهذا مايجعل السفهاء يحكموننا.
    اعتقد يجب ان نغير نظرتنا فربما سيحاسبنا الله لاننا رضينا بنشر الظلم والفساد.
    شكرا لثورة تونس ملهمة الشعوب العربية . ندعو الله ان يحسن اوضاع المسلمين اينما كانوا وان يشبع بطون الحكام العرب وحاشيتهم حتى التخمة لكي يتوقفون عن سرقة ثروات بلدانهم

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام