الاثنين، 14 مايو 2012

نحن جميعا سارقون


الكل يتهم الكل بالسرقة , كلما دخلت إلى صفحة  على الانترنت أجد من يتهم الآخرين بالسرقة , وما اكثر ما نسمع أو نقرأ مقولة "هم يسرقون ", هل حقا " هم يسرقون " .... أم " نحن نسرق " ؟
لنراجع أنفسنا , ونعرف هل نحن أيضا ضمن هؤلاء  " الهُم " ام  لا ؟

المعلم الذي يضيع وقت التلاميذ والذي هو أثمن من المال , هل هو سارق أم لا ؟


السائق الذي يتعدى على حقوق الطريق , هل هو سارق أم لا ؟


ربة المنزل التي تلقي بقمامتها في الطريق دون وضعها في كيس حافظ , وتنشر القاذورات والحشرات , هل هي سارقة أم لا ؟


العامل في المصنع الذي يهمل  عمله ويسوّء إنتاجه , هل هو سارق أم لا ؟


الموظف الذي يضيع وقت المراجعين بالانشغال بأعمال لا علاقة لها بعمله , هل هو سارق أم لا ؟


المهندس الذي لا يهتم للمنشئات التي هو مسئول عنها , هل هو سارق أم لا ؟


الإداري الذي يستعمل وقت وأدوات وأوراق إدارته في أعماله الشخصية , هل هو سارق أم لا ؟


كل من يدخل الفيسبوك وهو في عمله , مهملا واجباته , هل هو سارق أم لا ؟


كل من يؤخر حقوق عامل لديه , هل هو سارق أم لا ؟


استطيع وضع  قائمة بآلاف السرقات التي نقوم بها , فلماذا نقول  " هم يسرقون " والحقيقة هي " نحن جميعا سارقون" ,


قد تختلف حجم السرقة , ولكنها سرقة بأي حال , ومن يسرق بيضة , يسرق جملا , لا بل يسرق قافلة من الجمال .


قد يقول قائل أن هذه سرقات بسيطة , لا تؤثر في الكم الكبير , أقول لهؤلاء المبررون , أخطأتم , فالنهر هو مجموع نقاط المطر ,  والقلة مع الكثرة تنتج سيلا , 


ولنا في القرآن الكريم دليل , قول الله تعالى "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا"، قتل شخص واحد من مجموع البشر الكبير , يساوي قتل الناس جميعا , فحجم الخطأ وإن كان صغيرا بالقياس إلى المجموع , إلا انه يبقى خطأ .


يجب أن نتوقف عن التبرير لسرقاتنا , فالتبرير الذي سنقوله سيستخدمه غيرنا , وغيرنا .


والمشكلة الأخرى التي نعاني منها أن مفهوم السرقة محدد تحديدا خاطئا , فهو لمن مد يده إلى مال أو سلعة أو ثمين لا يخصه وسعى لامتلاكها , ونسينا أن الوقت يسرق والجهد يسرق والصحة تسرق والأمان يسرق , والبسمة تسرق , وكلها سرقات تذهب بالمجتمع إلى الخلف , وإلى التأخر , وليست ما قد يطلق عليه شطارة , أو فهلوه , أو فلاحه , أو غيرها من الأوصاف التي تخرج بها عن مفهومها الحقيقي " سرقه "


يجب أن نعي أن مفهوم السرقة اكبر بكثير من مفهومها في القانون , لها مفهوم اجتماعي وديني أكبر وأعمق.


ومتى ما توقفنا نحن عن السرقة , ليس خوفا بل خلقا , واستجابة لأمر الله سبحانه وتعالى , حينها ستتوقف السرقات إلا قليلا ,


متى سنتوقف  قليلا عند قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ }


ألا ينطبق علينا قوله تعالى{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}


ألا يصدق فينا قول أبي الأسود


لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم


يحق لنا نقد السرّاق إذا لم نكن منهم , أما قبل هذا , فلنقل جميعا , " نحن جميعا سارقون"


وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي


صالح عبدالله السليمان


http://salehalsulaiman.com

هناك تعليقان (2):

  1. كل من يدخل الفيسبوك ومواقع الانترنت لدرجة الادمان وهو في بيته على حساب وقته الذي مفترض ان يقضيه مع عائلته هل هو سارق أم لا ؟
    كل من يسكت عن الحق ويرضى بالظلم هل سارق او لا؟
    اليس الطبيب الذي يدرس في خارج لييا و رفض العودة الي ليبيا و معالجة ابناء وطنه وهم في اصعب الظروف سارق ام لا ؟

    ردحذف
  2. من مدينة الجهاد والتضحيات15 مايو 2012 في 9:06 ص

    ياليتني كنت مثلكم لكان ضمير ميت .
    دخول الجنة ليس بالامر السهل ولو كان البشر مثل بعضهم ما خلق الله سبحانه وتعالى الجنة النار .

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام