الأحد، 20 مايو 2012

عمر بن عبدالعزيز وغوردن براون



كان احد الأخوة يحكي عن  الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه , يقول يحُكي أن ابنة  عمر بن عبد العزيز  وهي طفلة صغيرة دخلت عليه  في يوم عيد تبكي، ،  فـسألها ماذا يبكيك؟
ردت : كل الأطفال يرتدون حللا جديدة وأنا ابنة أمير المؤمنين أرتدي ثوباً قديماً
تأثر عمر لبكائها وذهب إلى خازن بيت المال وقال له: أتأذن لي أن أصرف راتبي عن الشهر القادم ؟
فقال له الخازن: ولم يا أمير المؤمنينْ ؟
فحكي له عمر السبب , فقال الخازن: لا مانع، ولكن بشرط !!
فسأله  عمر : وما هو هذا الشرط… ؟؟
فقال الخازن : أن تضمن لي أن تبقى حياً حتى الشهر القادم لتعمل بالأجر الذي تريد صرفه
 فتركة عمر وعاد، سأله أبنائه: ماذا فعلت يا أبانا…؟
رد عليهم  : أتصبرون و ندخل جميعاً الجنة، أم لا تصبرون ويدخل أباكم النار؟
قالوا: نصبر يا أبانا

واخذ صديقي يتحسر على زمان عمر بن عبدالعزيز, فقلت له ,لا تتحسر ,
اذهب إلى أي دولة غربية , تنتهج الحرية وتهتم بكرامة الإنسان وحقوقه , ترى أنهم يفعلون نفس ما تقول .
رعاية صحية لكل شخص على أرضها , محاربة الفساد العام , كفالة الحد الأدنى من المعيشة , والكثير غيرها , لماذا تتجه أنظارنا إلى ما قبل ألف وأربعمائة سنه ولا نفتح كتابا عن بريطانيا أو السويد أو غيرها ؟
بالله عليكم , افتحوا عيونكم , وافتحوا عقولكم ,
الآليات التي تسير فيها الأمور في الغرب إسلامية , والآليات التي تسير بها الأمور لدينا بعيدة عن الإسلام . فلماذا لا ننقل آلياتهم ؟
لماذا نبقى معلقين بحبال التاريخ , وننسى حبال الواقع والحاضر ؟

لماذا قال الشيخ محمد عبده ، عندما ذهب لمؤتمر باريس عام 1881 بعد عودته قولته المشهورة " ذهبت للغرب ، فوجدت إسلاما ، و لم أجد مسلمين ، و لما عدت للشرق ، وجدت مسلمين ، و لكن لم أجد إسلاما " منذ اكثر من قرن ونصف ونحن نحمل نفس الداء , ولكننا نرفض الدواء.
نرفضه بحجة مخالفة الكفار , ويا لسخافتها من حجة ,
لا نقول استوردوا عقائدهم , ولا مذاهبهم الفكرية فكلنا يعلم أن عقائدهم خاطئة , وأخلاقهم اليومية لا تناسبنا وخاطئة , ولكن لماذا لا نستورد آلياتهم في العمل ؟
نقول استوردوا آلياتهم في السياسة والتعليم والاقتصاد , كما تستوردون منهم الملابس والأجهزة والطعام والشراب , أليست كلها أدوات ؟؟

ففي عصر سيدنا عمر بن عبدالعزيز , كان ما يفعله عنوان العدالة , وهذا لا يختلف عليه أحد . إذ لم يكن هنالك آلية تمنعه إلا الخوف من رب العالمين .
ولكن في عصرنا, هذا هل تتخيل رئيس وزراء بريطانيا أو رئيس فرنسا أو ملكه بريطانيا أو غيرهم من المسئولين في الغرب , يمكن أن يمد يده لميزانية الدولة . أو ما نسميه بيت المال ؟ هل تستطيع أنجيلا ميركل أن تشتري كيلو بطاطس بميزانية الدولة ؟
هل يستطيع غوردن براون ان يشتري فستانا لأبنته بمال الدولة ؟


كنا نعتبرها مكرمة لعمر بن عبدالعزيز , ولكن فعلها اليوم يعتبر جريمة يدخل بسببها السجن , حتى في إسرائيل ,
يكفي البكاء على الأطلال , ولنبني الحاضر والمستقبل .
 تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ
أحب عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه فهو من خيار التابعين , ولكن لي في عصري هذا آليات تصلح لزماني , فلماذا لا ندرسها وننقل الصالح منها لنا ؟
اكرر أنا هنا لا أقارن أخلاق أو عقائد أو مذاهب , أنا هنا أقارن فقط آليات العمل السياسي , والعمل الإصلاحي , والعمل المدني , والعمل الاجتماعي , هذه الآليات التي تنقصنا في مجتمعاتنا العربية .
المطلوب أن تكون لدينا أليه تمنع الحاكم من أن يظلم , من أن يتحول إلى طاغية , من أن يسرق , ألية لا تجعل الحاكم هو الذي يختار أن يكون ظالما أو عادلا , برغبته وحسب ما يمليه عليه ضميره , وهذه الآلية وموجودة في الغرب , فلماذا لا نستوردها ؟ هل في ديننا ما يمنع من استيراد الآليات الناجعة  والناجحة من الأمم الأخرى ؟

أعلم أن البعض , وسيعتبرون أني قارنت بين عمر بن عبدالعزيز وغوردن براون , وهؤلاء  أقول , أخطأتم , فأنا لم أقارن بينهما ولم أقارن شخصية عمر بن عبدالعزيز بغيره  , بل قارنت بين آليات العمل السياسي والمدني عصريهما ,  مقارنه الآليات واختيار الناجح والناجع منهما هو المطلوب وهو الهدف , وهذا مصداق لقوله تعالى " إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا " وكلمة من تقصد جميع ولا تخص مسلم دون غيره .

الم يقل شيخ الإسلام أبن تيميه ( وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق ؛ وإن لم تشترك في إثم ، ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة ، ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام ) .؟

وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان

هناك تعليق واحد:

  1. من مدينة الجهاد والتضحيات21 مايو 2012 في 2:52 ص

    العيش في هذه الدول صعب لان ما يمارس في الشوارع وفي مواقف الحافلات والحدائق جعلني اخاف على ابنائي.

    احترام الانسان وحماية حقوقوه في الدول الغربية هو ما يجعلنا نتحسر على مايحدث في بلادننا العربية .

    الغربة الحقيقية عشناها في اوطننا وليس في خارجها لان في الخارج كانت حقوقنا محفوظة وفق قوانين الدول التي عشنا فيها

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام