السبت، 28 سبتمبر 2024

كيف تحول حزب الله من مقاوم الى مجرم؟

بين حربين، يمثل كل منهما عالماً سياسياً وعسكرياً مختلفاً، نجد حزب الله، الذي كان يعتمد في بداياته على أيديولوجية مقاومة الاحتلال، وقد تحوّل تدريجياً نحو سلوكيات تتسم بالعنف والانخراط في صراعات داخلية أدت إلى فقدان الكثير من مقوماته. 

منذ صراعه مع إسرائيل في 2006، وحتى أنشطته في سوريا، نشأت تحولات جوهرية، جعلت الحزب يتخذ أشكالًا جديدًة من التواجد، مما أدى إلى انتقادات واسعة لطبيعته وتصرفاته في السنوات الأخيرة.

نشأة حزب الله ودوره في حرب 2006

حزب الله، الذي نشأ في أوائل الثمانينات كجزء من مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني، كان يُعتبر حركة تحرر ذات طابع عقائدي. 

في حرب 2006، قيل أن الحزب أظهر قدرة قتالية متفوقة وأقام دوراً متميزاً في مقاومة الاحتلال، ما جعل منه رمزًا للقوة في نظر عدد من اللبنانيين والعرب.

لكن مع مرور الوقت، بدأت مؤشرات التحول المؤلمة. هذه المؤشرات انطلقت بشكل واضح بعد أحداث الربيع العربي، حين اقتحمت الأزمة السورية منطقة الشرق الأوسط بكاملها.

الانخراط في الصراع السوري: من المقاومة إلى التورط

منذ عام 2011، اختار حزب الله التدخل في الصراع السوري لصالح النظام السوري، وهو ما كان له تداعيات سلبية على صورته. أصبح الحزب يتبنى أجندة النظام، مُغضياً عن تاريخه كحركة مقاومة، وتحول من كونه حارسًا للسيادة إلى فاعل رئيسي في حرب على المدنيين.

هذا التدخل ليس مجرد خطوة سياسية، بل هو تسرب إلى عالم جديد أحاطه العنف والرعب. الانغماس في محاربة خصوم النظام في سوريا أدى إلى فقدان الحزب جزءًا كبيرًا من تعاطف اللبنانيين والعرب، حيث أُعتبر أنه تنازل عن قضيته الأساسية.

من مقاتل إلى مجرم

تغيرت صورة مقاتلي حزب الله، فبدلاً من أن يكونوا جنودًا محاربين في صفوف المقاومة، أصبحوا يُنظر إليهم على أنهم ميليشيات تتعامل بعنف مع المدنيين. وهذا التحول عكس تآكل العقيدة القتالية واستغلال السلطة لمصالح ضيقة. 

الجيوش التي تقوم بالغزو وتستبيح الأرض والعرض والأنفس دون تمييز، تفقد روحها، ولا يبقى من مقاتليها سوى أشباح قتلة، بلا عقيدة ولا شجاعة، وبالطبع بلا رجولة. وقد أُشير إلى أن مثل هؤلاء المقاتلين لا يمكنهم مواجهة عدو شرس كإسرائيل. إذ اعتادوا على قتل المدنيين بشتى الوسائل، مما يخلق نمط حياة يتسم بالجريمة بدلًا من الفخر بالشجاعة.

نتائج التحولات: أزمة الهوية والشرعية

أصبحت مسألة الهوية للعديد من مقاتلي حزب الله مرتبطة بممارسات العنف، حيث فقد الحزب نفسه في سوريا  وبدلًا من أن يبقى على خط المقاومة المسلح، أصبح يُعتبر جزءاً من آلة الحرب. ولأن التورط في الصراعات الداخلية يعزّز من فقدان الهوية، باتت عمليات القتل والتعذيب في سوريا من دون قيمة، مما يتنافى مع مبادئ الشرف والشجاعة التي كانت تميّزهم.

لذلك، المجرمون والقتلة لا يحررون أرضًا، ولا يواجهون عدوًا، ولا يحفظون عهدًا. كما أن التصرفات الأخيرة لحزب الله، خاصة في ظل الظروف القاسية والقتالية التي عاشها، أوجدت نوعًا من التناقض في الخطاب.

يتضح أن حزب الله خلال العقدين الماضيين واجه نموًا في قوته العسكرية ولكنه فقد أيضًا جزءًا من إنسانيته وعدالته. وبينما يُعد تحولًا خطيرًا من حركة التحرر إلى مليشيا تسير وفق أجندة إجرامية، ينبغي التأمل في القيم التي فقدها الحزب والرؤية التي آمن بها في بداياته. كيف يمكن لحركة كانت تُعتبر رمزًا للمقاومة أن تضيع في دوامة من العنف والجرائم؟ التحدي القائم هو إعادة تقييم هذه التحولات وفهم ما يعنيه ذلك بالنسبة للمنطقة بشكل عام.

صالخ بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام