الاثنين، 16 سبتمبر 2024

خسارة القضية الفلسطينية من قيمتها نتيجة ربطها بالمشروع الإيراني

لطالما كانت القضية الفلسطينية واحدة من أعظم القضايا الإنسانية والسياسية في العصر الحديث، حيث تعبر عن نضال شعب يسعى للحصول على حقوقه الفلسطينية المشروعة في مواجهة احتلال استمر لعقود. ومع ذلك، فقد واجهت هذه القضية تحولات وتجاذبات سياسية أدت إلى تآكل قيمتها الوطنية والدينية، وخصوصًا بعد أن ارتبطت بالنزعات الإقليمية والمشاريع السياسية، ولا سيما المشروع الإيراني. هذا الارتباط أدى الى تآكل قدسية القضية الفلسطينية وسقوطها من مكانتها المركزية.

الارتباط بالمشروع الإيراني:

أدى صعود إيران كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط ةتدخل ايران المدمر في لبنان وسوريا والعراق واليمن وتشجيعها للحركات الإرهابية في البحرين والسعودية إلى إعادة تشكيل الديناميكيات السياسية، مما أثر بشكل ملحوظ على القضية الفلسطينية. بعد الثورة الإيرانية في 1979، تبنت طهران خطاباً يدعم القضية الفلسطينية، واصفًا ذلك بأنه واجب ديني وإنساني. ومع مرور الوقت، تطور هذا الدعم ليصبح جزءًا من استراتيجية إيرانية أكثر اتساعًا تهدف إلى تطوير نفوذها في المنطقة عبر تقوية منظمة حماس في غزة وحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق وانصار الله في اليمن وفاطميون في افغانستان وزينبيون في باكستان.

إلا أن هذا الدعم لحماس لم يكن خالصًا من الطموحات السياسية. فقد حاولت إيران استخدام القضية الفلسطينية كوسيلة لتعزيز سلطتها ونفوذها الإقليمي، مما حولها من قضية شعبية تمثل معاناة الفلسطينيين إلى ورقة ضغط في السياسة الإقليمية والدولية. هكذا، أصبح الفلسطينيون بشكل متزايد جزءًا من الصراع الأوسع في الشرق الأوسط، مما أغرقهم في صراعات لم يكونوا طرفًا فيها بالأساس.

تآكل قدسية القضية الفلسطينية:

أحد أهم النتائج الناتجة عن هذا الارتباط هو تآكل قدسية القضية الفلسطينية. فقد عانت القضية من فقدان المكانة التي كانت تتمتع بها على الساحة الدولية، حيث تحولت من رمز للنضال التحرري إلى أداة في صراع القوى الإقليمية. هذا التحول أدى إلى تطبيع نقاشات حول القضية الفلسطينية بطريقة لم يكن يتصورها أحد. حيث أصبح من السهل على بعض الأطراف التهكم على القضية، والتحليل السطحي لمآسيها بمعزل عن السياق الإنساني الأعم.

الموقف الحائر للشارع العربي:

لم يكن الارتباط بالمشروع الإيراني ومع إرتباط بعض القوى السياسية المنبوذة في الشارع العربي كالإخوان المسلمين وبعض التيارات اليسارية، ورغبة الجموع العربية في مواجهة التمدد الإيراني والحد من تاثيراته المدمرة للدول كان له دون شك تأثيرات سلبية على الشارع العربي.. تترجم هذه التاثيرات إلى مشاعر متناقضة داخل الشارع العربي، الذي يظل مؤيدًا للقضية الفلسطينية من ناحية، ولكنه يتوجس من تبعية القضية لمصالح إقليمية قد تعقّد الحلول وتنال من شرف النضال الفلسطيني.

العواقب المحتملة:

إن النتائج المحتملة لهذا التطور مدعاة للقلق. فمع تباين المواقف الدول العربية تجاه إيران، فإن القيمة السياسية والدينية للقضية الفلسطينية معرضة للخطر. وقد يؤدي هذا إلى حالة من العزلة الفلسطينية وعدم القدرة على تحقيق الأهداف الوطنية.

الحل:

في ظل هذه الديناميكية الجديدة، يتعين على الفلسطينيين ونخبهم السياسية إيجاد سبل لاستعادة تلك القيمة المفقودة لقضيتهم الوطنية. وهذا يتطلب إعادة تأكيد الهوية الفلسطينية كقضية إنسانية وسياسية تخص الفلسطينيين بشكل مباشر، دون ارتباطات خارجية قد تؤدي إلى استغلالها.

قد يكون من الصعب إعادة بناء ذلك الزخم من الدعم العربي والدولي الذي شهدته القضية الفلسطينية في الماضي، لكن يمكن تحقيق ذلك من خلال التشديد على المشتركات الإنسانية واستعادة الطابع الوطني للقضية بعيدًا عن التدخلات الإقليمية. إن الأمل في استعادة الهوية الحقيقية والقدسية للقضية الفلسطينية لا يزال ممكنًا، إذا تم وضع استراتيجية وطنية تتجاوز حدود المشاريع الإقليمية وتعيد الاعتبار للحق الفلسطيني كقضية عادلة تستحق الدعم والإيمان.

صالح بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام