كان هناك لي جار يدعى " أصل العرب". كان " أصل العرب" شخصاً غريب الأطوار، فهو يعتقد أن كل ما هو جيد يستحق أن يكون له، بغض النظر عن حقيقة ملكيته له. كان حيله السخيفة تجعل الجيران في حيرة دائمة.
لكن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل كان " أصل العرب" يتحدث بحماسة عن أجداده العظيمين، مدعياً أنه ينحدر من أصل قبائلنا كلها. وعندما سمع حكايات تاريخية، كان يتدخل ويقول: "آه، أنا أملك تلك القصة، فقد قيلت لي في صغري!"، وكأن التاريخ كتب له.
بينما كنت أستمع إلى ثرثراته، كنت أشعر بالقلق من جنونه المتزايد. أحد الأيام، ادعى أن الروائي الإنجليزي ويليام شكسبير هو في الأصل من عائلته، وأن اسمه الحقيقي هو "شيخ صبير"، وعلى الفور بدأ يتحدث عن أسطورة سلالته. أدركت أن قلة اهتمامه بالتاريخ ليس فقط مضحكاً بل محزناً أيضاً.
ليس هذا فقط، بل زعم أيضاً أن إيلون ماسك، الملياردير المعروف، ينحدر من قريته، وبدلاً من اسمه المعروف، كان يُطلق عليه "مسك" لأنه كان يبيع المسك.
لقد بلغ به الجنون حداً جعله يدعي ملكية كوكب المريخ، وكأن الفضاء الخارجي ملكه الخاص.
" أصل العرب"، الذي يتعاطى المخدرات، كان يبرر كل تصرفاته الغير منطقية بلغة بذيئة تخلو من أي نوع من اللباقة. ومع كل يوم، كنت أزداد حيرة تجاه تصرفاته. كيف لشخص بهذه العقلية أن يعيش بيننا؟ هل هو فنان في عالم الادعاءات، أم أنه مجرد أحمق لا يعرف حدود انتماءاته الوهمية؟
في زوايا قلبي، كنت أتمنى لو يستطيع " أصل العرب" رؤية ذاته بوضوح. أن يدرك أن الحياة ليست مجرد أكاذيب مزيفة، بل هي تجارب حقيقية وتجارب نعيشها بصدق. لكن يبدو لي أنه في عالمه الخاص، لا مكان للحقائق أو المنطق، فقط خيال خصب يدعي ملكية كل ما يقع في نظره.
وعلى الرغم من كل هذا الجنون، لم أستطع إلا أن أشعر بالتعاطف تجاه جارنا الأحمق. فهو يتخبّط في عالمه الخاص، يحاول جاهدًا إثبات شيء لا يمكن إثباته، بينما نحن نبحث عن الحقيقة في عالم مليء بالضباب.
ارجو من الله ان يشفي : اصل العرب " من الهوس الذي هو فيه, ويعرف ان هلوساته وادعاته مفضوحة لدى الجميع.
صالح بن عبدالله السلمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام