الأحد، 1 سبتمبر 2024

حرية الحمقى

في عالم يسعى فيه الكثيرون لتحقيق الحرية والتحرر من القيود، يظل السؤال المحير: لماذا يظن بعض الحمقى أن الحرية تعني ترك العنان لألسنتهم وشتم ولاة الأمر؟ 

في ظاهرة غريبة، يبدو أن البعض يعتبرون الشتائم وسيلة للتعبير عن الرأي، أو ربما هي تعبير عن عدم الرضا.

الحرية كوسيلة اتصال

تعريف مفهوم الحرية. يعد مفهوم الحرية فريدًا من نوعه، حيث يمكن لكل شخص أن يشكل ويفسر هذا المعنى بحسب رؤيته. بالنسبة للبعض، يبدو أن الحرية تُختصر في ارتكاب الهفوات اللفظية التي تتضمن شتم ولاة الأمر. هل من الممكن أن يكون لديهم تفسيرا مميزا؟ ربما يجدون أن الشتيمة طريقة فعالة للتعبير عن الإرادة الشعبية! (أو هكذا يعتقدون).

النقد أم الشتيمة؟

حسنًا، لنكن واقعيين، النقد البناء مطلوب في أي مجتمع يتطلع إلى التقدم، ولكن كيف يمكننا أن نعتبر شتم ولي الأمر نقدًا بناءً؟ هل يكمن الفن في اختيار كلمات قاسية تعبر عن وجهة نظر واقعية؟ قد يشعر هؤلاء الحمقى بأن الشتيمة تعبر عن شجاعة، في حين أن الحقيقة هي أنهم يفتقرون إلى بدائل أكثر نضجًا للتعبير عن آرائهم. هل يوجد عاقل يحتاج إلى استخدام ألفاظ نابية ليفهم الآخرون مشاعرهم؟

الشجاعة يا سادة!

بالطبع، قد يعتقد بعض الحمقى أن الشتيمة تتطلب نوعًا خاصًا من الشجاعة. "نحن نقول ما يدور في أذهاننا، نتحدى السلطة" يقولون بوجه متغطرس. لكن من المثير للسخرية أن الشجاعة الحقيقية تعني التعبير عن الرأي بأسلوب يعكس الفهم والاحترام للآخرين، سواء كانوا من عامة الناس أو من الولاة. ربما نجد أن هؤلاء يتجنبون الشجاعة الحقيقية لرؤية الأمور بوضوح، ويفضلون صراخ ألسنتهم بدلاً من عقولهم.

مجتمع الخسارة

الجانب المضحك في هذه المعادلة هو أن الشتائم قد تؤدي عادةً إلى نتائج عكسية تمامًا. في المجتمعات التي تتمتع بقدر معين من الاستقرار، يفضل الناس الانخراط في حوارات مثمرة حول تطلعاتهم، بدلاً من تفريغ أبواقهم في وجوه الآخرين. على العكس، يبدو أن الحمقى الذين يمارسون الشتائم يساهمون في خلق مجتمع من الفوضى والإرباك، حيث لا يحصل أي طرف على أي فائدة، باستثناء زيادة مستويات الضجيج.

يمكننا أن نستنتج أن الشتيمة ليست تعبيرًا عن الحرية، بل هي بمثابة قيود إضافية يضعها البعض على أنفسهم، حيث تحولوا من مُنتقدين عاقلين إلى مجرد كتلة من الغضب العمياء. الحرية الحقيقية تأتي من المعرفة، والاحترام، والقدرة على النقد بحكمة. لا أرغب في رؤية مزيد من الحمقى يعتقدون أن الشتائم هي سبيلهم للفوز بلقب "الأحرار".

صالح بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام