لا يفهم الكثير منا خفايا السياسة الإيرانية. إذ توجد في إيرانو إدارتان متصارعتان
وتُعدّ إيران دولة فريدة من نوعها في نطاقها السياسي والإداري، حيث تدار من خلال إدارتين رئيسيتين: إدارة الدولة وإدارة الثورة. يختلف دور كل من هاتين الإدارتين في توجيه شؤون البلاد، وتأثيرهما على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إيران، مما يجعل الفهم العميق لهذه الإدارتين ضرورياً لتحليل الوضع الحالي في البلاد.
إدارة الدولة:
إدارة الدولة هي الهيئة الرسمية التي تمثل الحكومة الإيرانية، وتُعنى بإدارة شؤون البلاد اليومية، بما في ذلك الاقتصاد، التعليم، الصحة والبنية التحتية. وتمتلك هذه الإدارة القوات المسلحة الإيرانية وقوة الشرطة، التي تُعتبر الأذرع الأمنية للحفاظ على النظام والحماية الوطنية.
تتطلب إدارة الدولة من القائمين عليها الالتزام بالقوانين المحلية والدولية، مما يجعل نشاطاتها محكومة بالشرعية القانونية. يعمل الرئيس الإيراني، الذي يُنتخب من قبل الشعب، ضمن إطار هذه الإدارة، ويضطلع بمسؤوليات متعددة تشمل السياسة الداخلية والتعامل مع الشؤون الخارجية بالتنسيق مع المؤسسات الأخرى.
على الرغم من وجود هيكل حكومي مدني معترف به دولياً، إلا أن سلطة إدارة الدولة محدودة أمام تأثير إدارة الثورة، مما يعكس عدم التوازن المؤسسي في إدارة البلاد.
إدارة الثورة:
في المقابل، تمثل إدارة الثورة الجناح الأكثر نفوذاً وتأثيراً في النظام الإيراني. يتكون هذا الجناح من منظمة الحرس الثوري الإيراني، والذي يعد القوة العسكرية المُسلحة الموازية للقوات المسلحة التقليدية، بالإضافة إلى قوات الباسيج والزينبيات. يُعتبر الحرس الثوري ركيزة أساسية للحفاظ على النظام الإسلامي، ويقوم بدور كبير في التأثير على السياسات الداخلية والخارجية.
تتمتع إدارة الثورة بالسلطة الحقيقية على المسار السياسي للبلاد، حيث تُحدد توجهات السياسة الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع الدول الغربية والشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن الرئيس الإيراني يمثل واجهة الدولة، إلا أن سلطاته تتضاءل أمام تأثّر الحرس الثوري وإدارة الثورة بالمجريات السياسية.
الولي الفقيه: القوة العليا:
تتداخل سلطات الإدارتين تحت مظلة ولاية الفقيه، الذي يُعتبر أعلى سلطة في النظام الإيراني. يُعطي هذا المنصب الشرعية الدينية والسياسية لإدارة الثورة، حيث يمتلك الولي الفقيه القدرة على مراجعة القرارات الحكومية والتأثير على سياسات إدارتها. يُعتبر الولي الفقيه الحارس على القيم الإسلامية والثورية، مما يمنحه نفوذاً كبيراً على كلا الإدارتين.
في هذا السياق، يضع الولي الفقيه التعليمات والأسس التي تحكم علاقتهما، مما يؤدي إلى وجود صراع متواصل بين الهيئات السياسية الرسمية ودوائر السلطة الثورية. ما يترتب على ذلك هو فقدان الاستقرار السياسي وظهور صراعات داخلية تعكس التوتر بين الشؤون الحكومية والإرادة الثورية.
يمكن القول إن فهم التعقيد السياسي في إيران يتطلب دراسة دقيقية للعلاقة بين إدارة الدولة وإدارة الثورة، والتأثير الكبير الذي يُمارسه الولي الفقيه على هاتين الإدارتين. تمثل هذه الديناميكية المفتاح لفهم الأحداث والتحولات في إيران، حيث يُحاول كل طرف فرض رؤيته الخاصة على مستقبل البلاد.
مما لا شك فيه أن هذه الإعداد المتداخلة تُشير إلى وجود تحديات متعددة تواجه إيران، سواء من الداخل أو الخارج، مشيرة إلى حاجة البلاد إلى إصلاحات حقيقية تعزز من الاستقرار والتنمية.
صالح بن عبدالله السليمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام