السبت، 14 سبتمبر 2024

حرب الهزيمة بالموت البطيئ

 هذه القصة اتمنى أن يقرأها كل عربي يهمه ما يحدث في الدول العربية, وكل مسلم يهمه ما يحدث في الدول الإسلامية

حرب الهزيمة بالموت البطيئ

في الأول من ديسمبر عام 2018، كانت أجواء المحاضرة في معهد استراتيجيات القوة العسكرية بإسرائيل تتخللها حماس عميق وتجارب متعددة في مجالات الحروب المعاصرة. قاعة الاجتماعات كانت مكتظة بكبار الضباط من حلف الناتو والجيش الإسرائيلي، وكان الجميع يترقب ما سيقوله البروفيسور ماكس مانوارينج، الأستاذ بكلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي ، وهو خبير الاستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات التابع لكلية الحرب الأمريكية.

استهل البروفسور محاضرته بنبرة واثقة، قائلاً: "أعزائي الحضور، إن أسلوب الحروب التقليدية قد أصبح شيئًا من الماضي. نحن اليوم نقف على أعتاب جيل جديد من الحرب، وهو الجيل الرابع. إن الهدف ليس تحطيم المؤسسات العسكرية للأعداء أو تدمير قدراتهم، بل الهدف هو الإنهاك والتآكل البطيء، لكن بثبات".

توقف للحظة، وكأنه يستشعر تأثير كلماته في عقول الحضور، ثم أضاف: "نحن نسعى إلى إرغام العدو على الرضوخ لإرادتنا. كيف؟ من خلال زعزعة الاستقرار. هذه الزعزعة يتم تنفيذها بذكاء من قبل مواطنين من الدولة العدو، مما يؤدي إلى خلق الدولة الفاشلة. وهنا يمكننا التحكم في الأحداث".

قام البروفسور بالتحرك قليلاً في القاعة، تاركًا نظرات مشدودة في الأعين التي تابعت كل كلمة. واصل حديثه: "إن هذه الخطة تحتاج إلى خطوات بطيئة وهادئة، باستخدام مواطني دولة العدو. عندما يستيقظ عدوك، سيجد نفسه ميتًا، لا يستطيع المقاومة أو الفعل وهذا ما نسميه "التآكل البطيئ".

كانت تجارب البروفسور مانوارينغ تتجاوز المعارف العسكرية إلى فهم عميق للنفس البشرية وطرق تفكير المجتمعات. بالتأكيد، كان الحضور يتأملون في خططهم المستقبلية وتكاليف الحروب النفسية.

تحولت القاعة إلى نقطة انطلاق لتفكير جديد في كيفية إدارة الصراعات في زمن سريع التغير، حيث غابت الحدود بين الأعداء والأصدقاء، وأصبح الصراع أكبر من مجرد خطوط تماس عسكرية.

امتدح العديد من الضباط أسلوب البرفسور الفكري، واعتبروا محاضرته جسرًا يربط بين المفاهيم التقليدية للأمن وأساليب جديدة تتماشى مع واقع الحروب الحديثة. في نهاية المحاضرة، قامت أصوات التصفيق تملأ القاعة، حيث استعد الجميع للخروج بفهم جديد لاستراتيجياتهم العسكرية، مع إدراك واضح أن الأفق القادم سيكون أكثر تعقيدًا.

وبهذا، لم تكن تلك المحاضرة مجرد درس في الاستراتيجيات العسكرية، بل كانت مدخلًا لعصر جديد من الحروب والمناورات، حيث لا تكون الأرض هي ساحة المعركة، بل العقول والنفوس.

صالح بن عبدالله السليمان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام