ومع ذلك، فإن بعض القوى الإقليمية، وعلى رأسها إيران، قد استغلت هذه القضية لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، مما أدى إلى دمار هائل في دول عربية عدة مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن.
إيران والقضية الفلسطينية
تتبنى إيران خطاباً داعماً للقضية الفلسطينية، حيث تعتبر المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي جزءًا من أجندتها الإقليمية. ولكن هذا الدعم ليس مجرد تعبير عن التضامن، بل يأخذ طابعاً استراتيجياً يعكس الأهداف السياسية الإيرانية على الساحة العربية. تسعى إيران من خلال هذا الخطاب إلى تعزيز نفوذها في المنطقة وتوسيع دائرة تأثيرها، مستخدمة القضية الفلسطينية كوسيلة لتبرير تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية.
سوريا: نموذج الدمار الإيراني
استخدمت إيران الوضع الفلسطيني كذريعة لتعزيز تواجدها العسكري والسياسي. منذ بداية الحرب الأهلية السورية في عام 2011، دخلت إيران الحرب إلى جانب نظام الأسد، مدعيةً أن ذلك يأتي في سياق دعم المقاومة الفلسطينية. وقد استغل هذا التدخل لتعزيز وجود ميليشيات مسلحة مثل "حزب الله"، مما أدى إلى تصاعد العنف والدمار في البلاد.
إيران دعمت الأسد ليس فقط بالسلاح، بل بتوفير الخبرة العسكرية، مما جعل من سوريا ساحة تدريب وتطبيق لتكتيكاتها العسكرية، والتي يمكن استخدامها في أماكن أخرى في المنطقة. وعلاوة على ذلك، فإن استمرار الصراع في سوريا قد أثر بشكل كبير على الوضع الفلسطيني، حيث تم تحويل القضية الفلسطينية من صراع قومي إلى أداة تستخدم لأغراض سياسية.
لبنان: هيمنة حزب الله
في لبنان، تعتبر إيران الداعم الرئيسي لحزب الله، الذي يرفع شعار "المقاومة" كجزء من دعمه للقضية الفلسطينية. ومن خلال دعمها لحزب الله، استخدمت إيران لبنان كقاعدة لعملياتها العسكرية، تحولت معها البلاد إلى بؤرة توتر وصراع دائم.
حزب الله، بدعوى مقاومته للاحتلال الإسرائيلي، تمكن من فرض نفوذه على الحياة السياسية في لبنان وخاصة منذ 2006. وبذلك، تحولت القضية الفلسطينية إلى أداة لفرض الهيمنة الإيرانية على لبنان، مع تفكيك البنى التحتية للدولة وإعادة تشكيلها لتناسب الأهداف الإيرانية.
العراق: استغلال النعرات الطائفية
العراق شكل نموذجًا آخر للاستغلال الإيراني للقضية الفلسطينية. فمنذ سقوط نظام صدام حسين، عملت إيران على دعم المليشيات الشيعية والتي قامت بحملات عنيفة ضد السنة، في إطار سعيها لاستغلال الصراعات الطائفية. وقد تم توظيف القضية الفلسطينية لتبرير هذه التدخلات والعنف.
بدلاً من حشد الموارد لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، نجد أن العراق يحترق داخليًا بالصراعات النابعة من الطائفية السياسية، مما يؤدي إلى تفكيك الهوية الوطنية العراقية ويعزز من النفوذ الإيراني في البلاد.
اليمن: حرب الوكالة
في اليمن، تدخلت إيران عبر دعم الحوثيين، الذين يرفعون شعار "المقاومة" ضد ما يصفونه بالاحتلال السعودي. تستخدم إيران هذه الصراعات لتحويل اليمن إلى جبهة جديدة ضد القوى العربية الأخرى، وللضغط على المملكة العربية السعودية، مما يعزز من التوترات الإقليمية.
التدخل الإيراني في اليمن قد أعاق جهود السلام وبدد الموارد الوطنية، في وقت كان من الممكن فيه أن تُستغل تلك الموارد في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
إن استخدام إيران للقضية الفلسطينية كوسيلة للتأثير والنفوذ ينعكس بشكل مباشر على الدول العربية التي تتدخل فيها. فالحروب الأهلية والصراعات الطائفية والفقر المدقع هي بعض من نتائج هذا التدخل. وبدلاً من أن تُجمع الجهود لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، نجد أن القضية الفلسطينية قد تحولت إلى سلاح تستخدمه إيران لتدمير الهياكل الوطنية.
صالح بن عبدالله السليمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام