السبت، 21 سبتمبر 2024

حرب الأفيال وحكمة الواقع

بعيدا عن السياسة سوف احكي لكم قصة, لا اقصد احدا في هذه القصة, بل هي للتسلية, واخلى مسئوليتي عن اي فهم خاطئ للقصة

بين تلال خضراء ووديان عميقة في احد مناطق العالم، كانت تمرّ الأيام يوماً بعد يوم، تحمل في طياتها أحداثاً مأساوية وتوترات مستمرة. كانت المنطقة تستعد لنزاع جديد، حيث تزايدت التصريحات العدائية بين حزب داوود  وحزب قبازرد  . الجانبان، كفيلين متقاتلتين، يتصارعان في ساحة لعبة سياسية غير متوازنة، كأنما الجزء الآخر من العالم يترقب من بعيد، يتأمل ويتحسس الموقف بذكاء.

في أحد المقاهي الهادئة  في مدينة الحقيقة، كان يجلس رجل حكيم يدعى "محمد الواقعي ". تميز بحصافة أفكاره وعمق نظرته. هو شاعر من نوع خاص، لا يكتب عن الحب أو الفراق، بل يكتب عن الحرب والسلام، عن الأوهام والحقائق. قد لاحظ محمد الواقعي  كيف يتصارع الأفيال؛ كان يراهم يتحركون فوق الأرض وقد تململ منهم سكان المنطقة، لكن محمد الواقعي  كان لديه فلسفته الخاصة، فقد كان يؤمن بأن الصراعات الكبرى تخدم دائماً مصلحة ثالثة.

"عندما يتصارع عدوان لي، لن أقف إلى جانب أي منهما”، هكذا بدأ محمد الواقعي  حديثه مع أصدقائه. "سأستفيد عندما يضعف أحدهما الآخر. هذا هو المبدأ الواقعي في الحياة". نظر أصدقاؤه إليه باستغراب، لكنهم عرفوا أن في عمق فكره شيئاً يستحق التفكير فيه.

تبدأ الأحداث بالتسارع، حيث تنفجر الاشتباكات بين الجماعتين. كل جانب يسعى لتحطيم خصمه، كل طلق نار يذهب ضحية جديدة، لكن محمد الواقعي  لا يشعر بالقلق مثل الآخرين. بل، يجلس مواكباً الأحداث برباطة جأش، يشاهد كيف تتآكل قوى الطرفين.

مع مرور الوقت، بدأت تتضح ملامح ما كان يراه محمد الواقعي . تدهورت الأوضاع، وبدأ الضعف يتسرب إلى كليهما. الاقتصاد يتراجع، وعمليات الاقتتال تتسبب في ضغوط نفسية واجتماعية كبيرة. في تلك الأثناء، أدرك محمد الواقعي  أن اللعبة كانت أكبر مما تخيل، فكلما زادت الأعباء على أحد الطرفين، كان هناك دائماً طرف ثالث يتربص؛ مستفيد من حالة الفوضى.

في ختام لقائه مع أصدقائه، قال محمد الواقعي : "الأقوياء ينقضّون على الضعفاء. ولكن لا تنسوا، فبينما يتصارع الأفيال، العشب هو الذي يتأذى. يجب أن نكون أذكياء. فلنراقب المعركة، ولكن من بعيد. هذا هو السبيل للبقاء، أكيد أن غايتنا يجب أن تكون بناء السلام، لكن لا يمكن لنا أن نبنيه بينما هم يتقاتلون على أنقاضنا".

وبهذا، تسير الحياة، ومع كل يوم جديد، تبقى أفكار محمد الواقعي  تختمر في عقول من حوله. ليس سلبياً في موقفه، بل واقعياً، بانتظار اللحظة المناسبة حين يعلو صوته بين الأنقاض، ولا يزال يحلم بعالم يسوده السلام، رغم ضجيج الصراعات المشتعلة.


صالح بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام