الأحد، 22 سبتمبر 2024

حبا في ديننا وليس كرهًا لمصر

 حدث نقاش طويل بيني وبعض الإخوة على منصة إكس، كان النقاش حول ما يُذكر في شأن مصر من آيات وأحاديث. منها: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" وحديث "خير أجناد الأرض".

بالطبع كان نقاشي من وجهة نظر دينية خالصة، ولم يكن بأي صورة كرهًا لمصر الكنانة، فحبي لها عميق واحترامي لأهلها كبير، ويكفي أن لهم فينا رحمة وذمة. الرحمة هما: هاجر ومارية القبطية رضي الله عنهما، والذمة هي ذمة أهل الكتاب من الأقباط.

ولكن عندما نناقش في الدين فهذا يختلف عن حبنا أو كرهنا، فعسى أن نحب شيئًا وهو شر لنا، ونكره شيئًا وهو خير لنا.

(ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)

الآية أو جزء من آية وليست كاملة هي: (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) وهي مجتزأة من آية: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللّٰهُ آمِنِينَ). وفي الآية يقول لنا ربنا، منزل الكتاب، إن من قال هذا هو يوسف الصديق عليه السلام، وليس رب العالمين، ولم يذكر الله تأكيدًا لما قال يوسف عليه السلام, كما أنزل تأييدًا لكلام ملكة سبأ عندما قالت: (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ)؛ فقد أيَّد ربنا قولها بإضافة "وكذلك يفعلون".

إذن، القول "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" هو قول يوسف الصديق وليس قول الله سبحانه وتعالى، ولم يضف الله إلى قوله ما يؤيده. يجب أن نفهم ما ورد في القرآن الكريم كما ورد، أو يمكننا استخدامه كدعاء فقط وليس تقرير حال.

(خير أجناد الأرض)

والآخر هو ما يرد كحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم "خير أجناد الأرض"، وهو جزء من حديث طويل (إذا فتح الله عليكم بمصر فاتخذوا منها جندا كثيفًا فهم خير أجناد الأرض، وهم في رباط إلى يوم القيامة). ورغم أن الحديث لم يرد في معظم محركات البحث الحديثية، فإنه ورد في بعض المحركات وكان الحكم عليه أنه لا يصح.

فهذا الحديث حاول الكثير من علماء مصر تصويبه، إلا أنه فيه علل لا تصمد أمام الباحث المحقق، حيث إن فيه علل ثلاث، مما يحكم عليه بالضعف. منها: عبد الله بن لهيعة، الذهبي رحمه الله في "الكاشف" (ص/590): "ضعف أحاديثه". وفيه الأسود بن مالك، وهو نكرة ليس له ترجمة.

هكذا تُبين الآية والحديث الشائع استعمالها، وتبين موقفنا منها. نقول هذا حبا في ديننا وليس كرهًا لمصر، وأعلم أنه من الطبيعي أن تتباين الآراء الدينية مع المشاعر الوطنية. ولكن فاز من كان الدين لديه هو الغالب.

والله من وراء القصد. 

صالح بن عبدالله السلمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام