الأربعاء، 11 سبتمبر 2024

“ضجيج الصمت” قصة صنعاء وسمية العاضي

في قلب صنعاء، المدينة التي كانت يوماً ما جوهرة المدن اليمنية، كان يتجلى الفقر والجوع بوضوح، حيث يلقي الناس بأنفسهم في طوابير طويلة أمام منافذ الخدمات. كانت صنعاء، التي احتضنت الأحرار في تاريخها المشرق، حبيسة بين أيدي جماعة مجرمين، مما أطفأ وهجها وجمالها. 

كانت صنعاء، قبل سنوات، تعانق الأحلام، ولكنها الآن تعاني من وطأة الظلم، حيث لا صوت يعلو فوق صوت القتلة والمجرمين.

تحت قتامة هذه الأوقات العصيبة، عاشت الفنانة سمية العاضي مع أسرتها في  شملان - حارة السلام . سمية، امرأة قوية ذات شخصية شجاعة وهي فنانة درامية معروفة واثبتت مكانتها في الفن اليمني، كانت تراقب يومياً بقلق كيف تتعالى أصوات الجبايات والغطرسة في مدينتها بل وفي الحي الذي تعيش فيه، حيث عُين عاقل حارتها الحوثي، الذي لم يكن عاقل بالمفهوم الإيجابي، بل مستغلاً واستبداديًا. كانت الشائعات تدور حول احتكاره لأسطوانات الغاز وابتزازه للسكان بل وابشع من ذلك كان يتحرش بنساء الحي.

تزايدت الشكاوى من قبل أهالي الحي، ولعبت الظروف دورها في تفجير الأوضاع. 

في يومٍ مأساوي،هجمت زوجة العاقل ومعها مجموعة من الزينبيات, تواجهت سمية مع عاقل حارتها، في مشهد حُكم عليه أن يكون نقطة تحول. اقتحمت تلك الزوجة منزل سمية بحثاً عن الثأر لزوجها، مدعومة بعدد من الزينبيات. ازدادت حدة الأمور، واحتد النقاش، ليصل إلى نقطة اللاعودة.

تدور الأحداث بسرعة قاتلة، وما كان من سمية إلا أن شعرت بالخوف والظلم يحيط بها. في لحظة انفعالية، أمسكَت بسلاحها الشخصي وأطلقت النار، ليقع ما حدث. اجتمع حولهم صدى الصراخ والعويل، وعندما سكنت تلك الموجة، كانت زوجة العاقل قد سقطت جثة هامدة على الأرض. 

تبدو صنعاء وقد جُرح قلبها مجددًا، بينما تم نقل الضحية إلى المستشفى واعتقال سمية.

بينما كانت سمية تُجر إلى السجن، كانت تجد نظرات التعاطف من بعض الجيران الذين كانوا يشعرون بعمق معاناتها. لقد وزنت الأفعال، وقررت أن تقاوم، فهي ليست فقط تحمل اسم العائلة، بل تمثل صوت الفقراء والمساكين الذين عانوا مرار الظلم.

في تلك الليلة، تجمعت عائلات حي سمية في سكون قاسي، حيث استمعوا إلى طيف صوتها المليء بالشجاعة، بينما رأوا في عيونهم همومهم المتزايدة. مع مرور الوقت، وحدهم هذا الحادث معاناتهم واحتياجاتهم. وفي قلب المأساة، بدأت قصص الشجاعة تظهر كشرارات من الأمل، حيث أدركوا أنه حتى في ظلام الظلم، هناك مساحة للنور.

فهل ستستطيع صنعاء التي كانت تحلم بهدوء وفخر، أن تسترجع تلك الأحلام الضائعة؟ أم ستبقى أسيرةً في قفص النضال بلا صوت؟ 

كُتب لسمية أن تكون رمزا، وربما ميلادًا جديدًا لأهل صنعاء الذين أنهكتهم الهزائم والآلام. في هذه الأرض الحزينة، أين يكمن الأمل؟ والجواب في أعماق القلوب التي لا تزال تنبض بالحياة.

ومهما حاول اعلام الحوثي وأعوانه المنتشر في وسائل التواصل تشوية بطولة وشجاعة اليمنية سمية الغاضي, فلن يفلحوا فلقد سطرت اسمها في سجل الأبطال اليمانيون كما سجلت اسمها في سجل فنانات اليمن.

كُل ينقص صنعاء، هو بعض الأمل. وكأنها في صراع بين الجروح الغائرة، بين الشجاعة والظلم. لكن كلما سكن الليل، يبقى في أذهانهم صوت سمية العاضي، التي أطلقت رصاصة دفاع عن حقها في الحياة، صرخة تتردد في زوايا المدينة المظلمة، وكأنها تعلن: "كفى من الظلم، كفى!"

صالح بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام