الثلاثاء، 24 سبتمبر 2024

التجريدة مصرية (Egyptian Expeditionary Force) التاريخ المحظور

التجريدة مصرية (Egyptian Expeditionary Force) كان لها دور في سياق الاحتلال البريطاني لفلسطين. رغم هذه الأهمية، فإن الكثير من المصريين ينكرون أو يقللون من أثر هذه التجريدة. في هذا البحث، سنستعرض الأسباب المحتملة لهذا الإنكار، مع تسليط الضوء على السياق التاريخي والسياسي.

القادة والبنية

كانت التجريدة المصرية تحت قيادة الجنرال السير أرشيبالد موراي في البداية، ثم تولى القيادة الجنرال إدموند ألنبي في يونيو 1917.

السياق التاريخي

الحرب العالمية الأولى (1914-1918)

اندلعت الحرب العالمية الأولى في عام 1914 بين الحلفاء، ومن بينهم المملكة المتحدة، وفرنسا، وروسيا، ودول المحور، بما في ذلك ألمانيا والنمسا. كانت هذه الحرب تتضمن العديد من الجبهات، بما في ذلك الشرق الأوسط.

التجريدة المصرية

في عام 1916، أُرسلت التجريدة المصرية في القوات المصرية للقتال في فلسطين ضد القوات العثمانية. كانت هذه القوات جزءاً من الجيش البريطاني، وتهدف إلى السيطرة على مناطق جديدة، بما في ذلك فلسطين.

تأثير التجريدة المصرية

تأسست التجريدة المصرية كجزء من الاستراتيجية البريطانية لفتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط. شاركت القوات المصرية في العديد من المعارك، وأصبح لها دور بارز في السيطرة على مناطق استراتيجية. ومع ذلك، فإن سؤال الأهمية والأثر الحقيقي هو ما نناقشه هنا.

دور الجنود المصريين في التجريدة المصرية

وعلى الرغم من أساليب التجنيد، كانت مساهمة الجنود المصريين في قوة الطوارئ المصرية كبيرة. خدم الجنود المصريون في مناصب مختلفة، بما في ذلك أدوار المشاة وسلاح الفرسان والدعم اللوجستي. لقد لعبوا دورًا حاسمًا في المعارك الكبرى، مثل معركة غزة والاستيلاء على القدس.

كان أحد الجوانب البارزة لمشاركة الجنود المصريين في التجريدة المصرية هو الفرصة التي أتاحتها للبعض لاكتساب التدريب العسكري والمهارات التي لم تكن متاحة في السابق محظورة على كافة السكان وخصوصا الفلاحين.

 فإن مشاركة الجنود المصريين في قوة التجريدة المصرية خلال الحرب العالمية الأولى تمثل تشابكًا معقدًا بين العمل التطوعي والخدمة القسرية. وبينما انضم العديد منهم بسبب الشعور بالواجب أو الضرورة الاقتصادية. 

عدد الجنود المصريين

ويقدر عدد الجنود المصريين الذين يخدمون في قوات  التجريدة المصرية  من 100.000 جندي الى 25000، مما يسلط الضوء على مساهمتهم الكبيرة في المجهود الحربي ضد الإمبراطورية العثمانية واحتلال فلسطين تمهيدا لنفيذ وعد بلفور وتسليمها لليهود.

التاريخ العملياتي

الحملة في سيناء وفلسطين

وقعت أهم عمليات التجريدة المصرية أثناء حملة سيناء وفلسطين. بدأت الحملة بمعركة الغجر في عام 1916 واستمرت عبر سلسلة من الاشتباكات، بما في ذلك معارك غزة والاستيلاء على القدس.

معركة الغجر (أغسطس 1916): كان هذا انتصارًا حاسمًا لقوة التجريدة المصرية، التي تمكنت من صد القوات العثمانية وتأمين قناة السويس.

معارك غزة (1917): واجهت قوة التجريدة المصرية تحديات كبيرة خلال هذه المعارك. كانت المحاولات الأولية للاستيلاء على غزة في شهري مارس وأبريل غير ناجحة، مما أدى إلى إعادة تقييم التكتيكات.

الاستيلاء على القدس (ديسمبر 1917): تحت قيادة الجنرال اللنبي، نجحت قوة التجريدة المصرية أخيرًا في الاستيلاء على القدس. لم يكن هذا الحدث مجرد انتصار عسكري فحسب، بل كان له أيضًا أهمية دينية وثقافية عميقة.

أسباب إنكار المصريين اليوم لأثر التجريدة

1. التوجه القومي

بعد الحرب، تطورت المشاعر القومية في مصر، وزاد الشعور بالاستقلال. قد يعتبر بعض المصريين أن التركيز على دورهم في الحرب العالمية الأولى يقوض من حالة الاستقلال والمقاومة ضد الاستعمار البريطاني.

2. الرواية التاريخية

تاريخ مصر الحديث مليء بالإخفاقات والانتصارات، وقد تأثرت الرواية التاريخية بشكل كبير بالصراعات السياسية. يمكن أن تكون الروايات العامة التي تسلط الضوء على تجارب المصريين في الحرب غير متوافقة مع فهمهم للهوية الوطنية.

3. المحورية الفلسطينية

فلسطين كانت وما زالت قضية محورية في العالم العربي. ينظر الكثير من المصريين إلى الاحتلال البريطاني لفلسطين كحدث منفصل عن دورهم في الحرب. يرون أن التركيز على التجريدة المصرية ينتقص من معاناة الفلسطينيين.

4. الخسائر البشرية

التجريدة المصرية عانت من خسائر كبيرة، مما جعل العديد ينظرون إليها بشكل سلبي. التركيز على الأثر السلبي قد يدفع البعض إلى إنكار الأثر الإيجابي المزعوم.

5. التغييرات السياسية بعد الحرب

بعد انتهاء الحرب، أدت المفاوضات ومؤتمرات السلام إلى تغييرات في مناطق متعددة، مما جعل التركيز على الأثر العسكري للتجريدة المصرية يتقلص في وجه الأحداث اللاحقة.

يمكن القول إن إنكار الكثير من المصريين للأثر الفعلي للتجريدة المصرية في حرب العالمية الأولى وتأثيرها على احتلال فلسطين يرتبط بعوامل تاريخية، قومية، وسياسية معقدة. من المهم فهم هذه الديناميكيات في سياق تاريخي أوسع، مما يمكن أن يسهم في إعادة تقييم الدور الذي لعبته مصر في الحرب وأهميته المستقبلية.

صالح بن عبدالله السليمان


المصادر

كتاب التاريخ المصري الحديث، المؤلف: أحمد عمار.

الحرب العالمية الأولى: التاريخ والآثار، المؤلف: وليد شوقي.

الدراسات العثمانية: تأثير الحروب العالمية على بلاد الشام، المؤلف: ياسمين نبيل.

موسوعة فلسطين: التاريخ والجغرافيا، الجمعية الفلسطينية للدراسات.

تاريخ مصر في القرن العشرين، تحرير: محمد عناني.

B. H. Liddell Hart, "History of the First World War," G.P. Putnam's Sons, 1934.

Edward J. Erickson, "Ottoman Army Effectiveness in World War I: A Comparative Study," Taylor & Francis, 2007.

Alan Moorehead, "Gallipoli," HarperCollins, 1956.

"The Egyptian Expeditionary Force," The British Library. [Online]. Available: https://www.bl.uk [Accessed: October 1, 2023].

James Barr, "A Line in the Sand: Britain, France and the Struggle that Shaped the Middle East," Simon & Schuster, 2011.

McAuliffe, J. W. (2004). The Egyptian Army in World War I. Cairo: American University in Cairo Press.
Tims, B. (1982). The Egyptian Question: An Historical Overview. London: Allen & Unwin.
Sheffer, A. (2009). Manpower in the Middle East: The Changing Face of Military Recruitment. New York: Cambridge University Press.
Davison, R. (1999). The Arab Campaigns of World War I. London: Holtzbrinck Publishers.
Morris, B. (2008). The Birth of the Palestinian Refugee Problem Revisited. Cambridge: Cambridge University Press.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام