السبت، 25 مايو 2024

أشتمني واشتمك

من الغرائب أن نرى كيف يتباهى الناس بالتسامح والود في الحياة الحقيقية، ولكنهم يتصارعون ويتشاجرون بشكل مستمر في وسائل التواصل الاجتماعي. والسبب وراء ذلك ربما يكمن في أن الإنسان يعتبر التواصل الافتراضي وسيلة للتعبير عن شخصيته الحقيقية، بعيداً عن القيود والتحفظات التي يفرضها الواقع.

في الواقع، يمكن للإنسان أن يقدم نفسه بصورة أكثر تلطف ولين، ويظهر في أبهى حلة دون أي تكلف. ولكن في عالم الانترنت، يمكن أن يكون الأمر مختلفاً تماماً، حيث يميل البعض إلى استعراض قوتهم ومهاراتهم بطريقة مبالغ فيها لجذب انتباه الآخرين.

قد تكون شبكات التواصل الاجتماعي هي المنصة المثالية للناس للتباهي، ولكنها في الوقت ذاته تشكل بيئة خصبة للصراعات والتنافس المستمر. فمن منا لم يرَ قبائل الفيسبوك والتحالفات السياسية على تويتر؟ إنها كأن تشاهد حربًا عالمية ثالثة، والجميع يستخدمون لغة البلطجة والاستفزاز.

لذلك ارى الكثير ممن يسيئون الى المملكة العربية السعودية, شعبا وحكومة  وعادات وتقاليد ووصلت السخرية ببعضهم انه ينتقد اللباس السعودي, الذي سافرد له مقالة خاصة, هؤلاء يحثون الشباب السعودي الى الرد عليهم, وتصلح كلعبة كرة الطاولة  لا نهاية لها وتزداد سخونة مع الوقت.

لعل هذا الاختلاف بين الواقع ووسائل التواصل يعود إلى الرغبة البشرية الطبيعية في البحث عن الانتماء والتأكيد على هويتهم. فالإنسان في جوهره يسعى دائمًا للتميز والابتكار واحتلال مساحة في عقول الآخرين، وعلى الإنترنت يمكن أن يجدوا هذه الفرصة بسهولة أكبر.

من المحتمل أن يكون الطبيعة الساخرة لهذا الظاهرة تكمن في أن معظم الناس يفضلون عرض أنفسهم بأفضل صورة ممكنة، حتى لو كان ذلك يتطلب التحامل على الحقيقة. وربما يكون الصراع الذي نشهده على وسائل التواصل مجرد وسيلة لتحقيق الهدف المرجو، سواء كان ذلك الانتماء إلى مجموعة معينة أو لفت الانتباه.

يبدو أن الناس يتقارب في الحياة الواقعية ويتصارعون في عالم الانترنت بسبب الحاجة الملحة للتأكيد على ذواتهم وتسليط الضوء على جوانبهم المثيرة. إنها لعبة معقدة ومليئة بالتناقضات، وقد تكون فرصة للسخرية والضحك في النهاية، لأن ما يحدث على الإنترنت قد يبدو أحيانًا كجولة مصارعة لا نهاية لها. وكلهم يعلم انها تثميل وليست حقيقة.

وتستمر لعبة اشتمني واشتمك الى ان يعرف الطرفان انهما يضيعان لحظات مهمة في حياتهما فيما يضر ولا ينفع.

صالح بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام