في العصور القديمة، كانت بعض الأطعمة تعتبر من الطعام المتواضع والرخيص الذي يتناوله الفقراء بشكل يومي، بينما كانت الأطعمة الفاخرة والمُرفّهة حكرًا على الطبقة الثرية والنبيلة من المجتمع. ولكن مع تطور العصر وتغيير العادات الغذائية، بدأت بعض هذه الأطعمة البسيطة تحول نفسها إلى أطعمة تُشترى بأسعار خيالية من قبل الأغنياء والمُترفين.
احد الأمثلة البارزة على ذلك هو ما حدث مع الفول. فقد كان يُعتبر الفول في العصور القديمة من أبرز الأطعمة التي كانت تأكلها الطبقة الفقيرة لأنه كان يعتبر طعام رخيص ومتوفر بسهولة. ومع مرور الزمن، بدأ الفول يظهر في قوائم الطعام للمطاعم الفاخرة والفنادق الراقية، وأصبح يُقدم بصورة مميزة ومزخرفة ليلتقي معايير الأطباق الراقية.
مثال آخر هو الهمبرجر وهو ناتج طحن قطع اللحم الرديئة التي لا تباع وتحويلها الى طعام شهي يتسابق العالم اليوم لصنعه وطهوه وتقديمة, وهو نشأ في الولايات المتحدة ولا علاقة مباشرة له في مدينة هامبروج الألمانية.
ومثال على ذلك ايضا اغلى وجبة تقدم على مائدة الاغنياء والمترفين وهي وجبة " السوشي " الياباني, حيث كانت الطعام الذي يحمله الباعة الجائلون في شوارع اليابان القديمة وخصوصا شوارع كيوتو وإيدو ( طوكيو الآن) لكي يطعموا العمال والفقراء الذين يصعب عليهم الحصول على طعام فاخر وغالي ايامها.
وهكذا تحولت الأطعمة البسيطة التي كانت تقدم على مائدة الفقراء، اى نوع فاخر من الأطعمة الصحية والمغذية التي يفضلها الكثيرون من الطبقة الراقية.
هناك عدة عوامل ساهمت في هذا التحول الملحوظ في عالم الطعام. أبرزها هو التغيرات في المذاق والميل إلى الطعام الصحي والعضوي، حيث بات العديد من الأثرياء يبحثون عن أطعمة طبيعية وصحية تضمن لهم الحياة الصحية والنمط الغذائي السليم. كما أن الشهرة التي حققتها بعض هذه الأطعمة بفضل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج الطهي التلفزيونية أدت إلى زيادة رواجها وانتشارها في أوساط الطبقة الثرية.
بالإضافة إلى ذلك، بدأت بعض الأطعمة البسيطة تلتقي مع عنصر التصميم والابتكار في عالم الطهي، حيث يتم تقديمها بشكل مختلف ومميز يجعلها تبدو أنيقة وفاخرة على المائدة. وتمثل هذه الجوانب مشهدًا مثيرًا للاهتمام يُظهر كيف يمكن لأطعمة الفقراء أن تحولت ببراعة إلى أطعمة للأغنياء والمترفين.
يُظهر تاريخ الطعام كيف يمكن للأطعمة التي كانت تأكلها الفقراء في الماضي أن تتجاوز حدود الطبقات الاجتماعية لتصبح من متع الأثرياء والمترفين في الوقت الحاضر. وهذا التحول الملفت يُظهر بالفعل تطور الاهتمام بالغذاء والمأكولات وكيف أنهما أصبحا جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للجميع، بغض النظر عن انتماءاتهم الاجتماعية واقتصادهم.
صالح بن عبدالله السليمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام