الثلاثاء، 28 مايو 2024

نحن والقرد وحرية الأختيار

لا تحاول إقناع القرد بأن "التفاح" ألذ من "الموز"، بل حاول إقناع نفسك بأنه لا داعي أن تتدخل بما يحبه القرد

في حياة الإنسان اليومية، قد نجد أنفسنا في مواقف تستدعي منا إيجاد حلول لمشاكلنا أو لإقناع الآخرين بآراءنا. ولكن في بعض الأحيان، يكون من الأفضل أن ننظر إلى الأمور بطريقة مختلفة، تخرجنا من دائرة التقليدية للإقناع والحوار.

في عالم مليء بالآراء والأذواق المختلفة، يبدو أن البعض يجدون متعة في محاولة إقناع الآخرين بما يعتقدون أنه الأفضل. 

ولكن، هل سبق لك أن حاولت إقناع قرد بأن التفاح ألذ من الموز؟ 

قد يبدو الأمر مضحكًا، ولكنه يسلط الضوء على مسألة أعمق: لماذا نشعر بالحاجة إلى فرض آرائنا على الآخرين، حتى لو كانوا... قرودًا؟

القرد والموز: قصة حب أزلية

لنبدأ بالقرد، هذا المخلوق الذي يعشق الموز بشغف. 

لا يهمه إن كان الموز أقل قيمة غذائية من التفاح أو إن كان التفاح يحتوي على فيتامينات أكثر. 

بالنسبة للقرد، الموز هو الملك. وهنا يأتي الإنسان، بكل ثقافته وعلمه، محاولًا إقناع القرد بأن التفاح هو الخيار الأفضل. 

"انظر يا صديقي القرد، التفاح يحتوي على فيتامين C والألياف!"، يقول الإنسان. 

ولكن القرد لا يبالي، فهو لا يقرأ البحوث العلمية ولا يتابع البرامج الصحية، إنه يتبع غريزته وما يحب.

السؤال الذي يفرض نفسه :الإنسان والتدخل: هواية أم عادة؟

وهنا تكمن المفارقة، فالإنسان الذي يحاول إقناع القرد، ينسى أن لكل مخلوق أذواقه الخاصة. وكأنه يحاول إقناع السمك بأن الطيران أفضل من السباحة. 

إنها محاولة عبثية، ولكنها تكشف عن رغبة الإنسان في التحكم والتأثير. 

فنحن نعيش في عصر يُقدّر فيه الرأي الشخصي على أنه حقيقة مطلقة، ويُنظر إلى الاختلاف في الرأي على أنه تحدٍ يجب التغلب عليه.

الحرية في الاختيار حق مكفول للجميع، يجب أن نتعلم أن نحترم خيارات الآخرين، حتى لو كانت تختلف عن آرائنا. فالقرد سعيد بموزه، والإنسان يمكن أن يكون سعيدًا بتفاحه. والأهم من ذلك، يجب أن نتعلم أن لا دخل لنا بما يحبه القرد. 

فلكل منا حريته في اختيار ما يحب وما يفضل، دون الحاجة إلى إقناع الآخرين أو التدخل في أذواقهم.

في المرة القادمة التي تجد فيها نفسك تحاول إقناع شخص ما بأن التفاح ألذ من الموز، تذكر القرد واختياراته هي مسأله حرية. 

ربما يكون الأمر بسيطًا كما هو: التفاح للإنسان، والموز للقرد. ولنا جميعًا الحرية في الاستمتاع بما نحب، دون الحاجة إلى الإقناع أو الجدال. 

صالح بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام