السبت، 10 ديسمبر 2011

هل نخاف من الحرية؟


يرسل لي الكثير من الأخوة أسئلة , أجيب على بعضها برسائل خاصة , ولكن هنالك أنواع من الأسئلة أحس إنها تهم الجميع , أو لنقل أنها تهم السواد الأعظم من الناس , بل وقد تهم جميع من يفكر بالديمقراطية , كوسيلة للحياة .
وحتى لا أطيل عليكم , وردني هذا السؤال , سألت الأخ أن أجيبه بمقال , لأن الموضوع هام جدا في هذه المرحلة من تاريخنا .

سؤاله كما جاءني :-
السلام عليكم أستاذ صالح ...
عذرا لتدخلي في شؤونكم الداخلية لكن أعجبتني مقالتك بخصوص مطالب الإصلاح في المملكة وضرورة وجود برلمان حقيقي بصلاحيات حقيقية يُشرّع ويحكُم ويُراقب ويمثّل الشعب السعودي ..........
لكن لدي بعض التساؤلات وربما مخاوف ...
·       ماذا لو طالب الشيعة بحقوقهم في البرلمان ؟
·       هل في رأيك ستسمح لوجود حزب شيعي ؟
·       وهل سيشارك الشيعة في تشريعات وقوانين المملكة ؟
·       هل ستسمحون لهم بالقيام بطقوسهم وعاداتهم على الملأ وربّما في الحرمين ؟؟
الحرية حلوة وجميلة .. .لكن عندما تُدرك أنها ستصل أيضا إلى من ُخالفك ... تُصبح الحرية شيء مُخيف ويثير التوجّس ... !!
ما رأيك ؟؟
أخيك : Mohamed Toshani

والجواب لأخي محمد , ولجميع الأخوة  ,
في رسالتك   ست نقاط هامة , تستحق أن  تلاحظ وأن يجاب عليها أو أن نترك عليها ملاحظة , وسأبدأ بها نقطة نقطة .
الأولى , اعتذارك عن ما أسميته التدخل في شؤون داخلية , لا أرى له موجبا , إلا انه أدب جم منك , ولكن  سؤالك مصدر فخر واعتزاز لي , لأن هذا يعني أن أمر بلدي يهمك من ناحية , ومن ناحية أخرى الكلام والنقد بأسلوب علمي ومناقشة بناءة لا يهم هل هي من سعودي أو ليبي , واستغرب ممن يقبلون أن يتدخل كاتب أمريكي أو روسي أو أوربي في سياسة بلدانهم وأمورهم الاجتماعية بينما يتكدرون ان يشاركهم عربي نفس الهم , ولذلك اعتبرها دعوة مني أن تدرس الحالة السعودية وتنظر إليها بأسلوب علمي وان تنتقد ما تراه نقصا , وأعلم أن النقص كبير جدا , ولكن كما تقولون أخي في لهجتكم " ألله غالب" .

ثانيا :- إما بالنسبة لحقوق الشيعة , بل ولنسمهم بحقوق الأقليات في التمثيل البرلماني فهذا حق من حقوقهم كمواطنين , ولكن تقسيم المواطنة بناء على الفكر أو العقيدة اعتبره أمر خطأ , فهم مواطنون مثلهم مثل أي مواطن آخر , ولا علاقة لنوعية الفكر في حقوق المواطنة , فإذا اعتبرنا الفكر المذهبي قاعدة للتفرقة إذا وجب إعطاء كل مذهب حصة , ولكن المبدأ الأساس هو أن الحقوق متساوية , مثل ما هو للمسلم الأوربي في أوربا ومثل ما هو للبوذي في أمريكا , حقوقهم كاملة , ينالونها مثل أي مواطن آخر , لا يفرق بين المواطنين بالمذهب أو بالعقيدة .

ثالثا , وجود حزب شيعي في السعودية , لا أرى أن هنالك مانع من قيام أي حزب بأي أيدلوجية ولكن بشرطين رئيسيين , الأول , أن يكون ولائه لأمته ولبلده وليس ولائه للخارج , فمثلا لا اقبل قيام حزب يستمع أملاءات الولي الفقيه في طهران , أو للبابا في الفاتيكان أو لغير ذلك , فولاءه لبلدة ولشعبة , والثاني أن لا يرسخ مبدأ التقسيم والتفرقة بين مكونات المجتمع , بل يسعى للتقريب وللقبول بالآخر , وبالطبع هذا يسري على الجميع , فلا شعارات ترفع للتفرقة ولا شعارات ترفع للتقسيم , فهذا لا يجوز ,

ورابعا,  مشاركة الشيعة أو غيرهم في صنع القرار من خلال البرلمان سيكون بناء على ما نالوه من مقاعد في البرلمان , ولذلك يحق لهم ما أعطاه لهم الشعب , والشعب هو صاحب القرار وليس فردا يعطي ويأخذ ويمنح ويمنع .

الخامسه : عندما نتكلم عن طقوس شيعية في الحرمين , هنا نسأل وهل يختلف الحج بين سني وشيعي؟  وأقول لك بعد دراسة , الطقوس نفسها لا تختلف , ولم تختلف إلا بعد ظهور إيران تحت قيادة الولي الفقيه , فطقوسهم مثل طقوسنا باختلافات بسيطة ومقبولة مثل عدم رفع سقف فوق رؤوسهم ولذلك يزيلون سقف حافلاتهم وبعض الطقوس الأخرى التي كانت وما زالت مقبولة ومتبعة لديهم دون أي مانع من جمهور المسلمين , إلا أنهم ادخلوا شعارات سياسية وشعارات "البراء الولاء" , وهذه لا علاقة لها بالحج , ولذلك وحتى إن طالبوا بها فهي لا تتفق مع صحيح مذهبهم , بل تتماشى مع ما صدر عن طهران , وهنا نقول لا لأي أملاءات خارجية لأي مكون من مكونات المجتمع .

وقد يقول احد الأخوة, ( رأينا ماذا فعلت إيران في لبنان و العراق و الكويت و البحرين و الآن في سوريا. فلا داعي لتجربة بلاد أخرى ولاسيما السعودية. و القول أن المواطنة هي معيار المشاركة في الوطن هو كلام نظري بحت و بمجرد الحصول على بعض الحرية تبدأ الولاءآت في الظهور دون ضابط)
وأقول له , أن هذه تجارب غيرنا , نستفيد منها ونتدارك ما قعوا به من أخطاء , ونتلافى الزلل , ولكننا لا نقف أمام الحرية , وأمام حقوق المجموع من أجل مجموعة أخطأت , فالخطأ وارد , ولكن يجب إصلاح الخطأ والسير للأمام وليس التوقف أو التراجع .
وأخيرا , هكذا لا نخاف من الحرية , بل ونطلبها لكل مكون من مكونات المجتمع ما دام يعتبر انه عضو في المجتمع ولا يسعى للإضرار به أو يتقبل أملاءات خارجية ,
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم و رحمة الله.

    المفاهيم المطلقة تبدو - في رأيي - متعارضة مع شريعتنا، فمثلا الديمقراطية المطلقة (بمعنى حكم الاغلبية) قد تنتهي بنا بتشريع قوانين مضادة للشريعة، كالزواج المثلي و تعديل المواريث و تعديل العبادات حتى.
    كذلك الحرية المطلقة، في ليبيا لا توجد تلك المشكلة فلا يوجد إلا تنوع بسيط من قبيل العرق العربي و الأمازيغي و المهب المالكي و الإباضي. و قلنا تنهي حريتك عند حرية غيرك، و مع ذلك حصل في محاضرة عامة في الزاوية أن أنزلت "منقبة" من فوق المسرح و لم يسمح لها بإلقاء مشاركتها بدعوى أنها اعتدت على حرية الحضور (بتغطية وجهها).
    لكن في بلد يوجد فيه مذاهب متناقضة و أعراق مختلفة تصبح مسألة وضع ضوابط للحرية مسألة حياة أو موت، و الملكية أفضل ضامن حتى الآن. و لكن من يدري ماذا يحدث بعد ذلك؟

    أحمد المرخي.

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام