
فبلداننا مريضة , وتعاني من الكثير من الأمراض , منها أمراض اقتصادية , وأمراض اجتماعية ودبلوماسية وأمراض في التعليم , أمراض في التوظيف , وأمراض في التنمية , نعاني من أمراض الفساد والمحسوبية وكبت الحريات , منها أمراض مزمنة ومنها أمراض طارئة , وهي بحاجة إلى عدد كبير من الأطباء لعلاجها .
بلداننا بحاجة لقادة حقيقيين يقومون بعلاج هذه الأمراض ونقل الأمة من حالة المرض الذي تعاني منه إلى حالة الصحة .
ما هي مواصفات الطبيب ؟ كيف يجب أن تكون أخلاقه ؟ وكيف تكون علاقته مع المريض ؟
إجابة هذان السؤالان هما المفتاح لكل سياسي ,
لنتكلم أولا عن مواصفات الطبيب , وهي سهلة جدا , إذ يجب أن يكون على مستوى كافي من العلم والخبرة في مجاله وفي تخصصه . وهذه من السهل وجودها . ولكن السؤالان التاليان هما الأهم كيف يجب أن تكون أخلاقة ؟ هذه هي مصيبتنا في أطبائنا ومصيبتنا في سياسيينا , فالطبيب الذي يهمه أولا أن يحقق اكبر المنافع لنفسه على حساب المريض . الطبيب الذي لا يفكر بالمريض إلا حصالة نقود يجب أن يكسرها لكي يستخرج الذي بداخلها , ولا مانع عنده معاناة المريض اكثر أو أطول مادام قد ربط شرايين المريض بحسابه المالي أليس هذه حالة معظم أطبائنا ؟ أليست هذه هي حالة معظم سياسيينا ؟ أليست هي حالة معظم إن لم نقل كل قادتنا ؟
ثم لنعد للتساؤل عن كيف تكون علاقة الطبيب بالمريض . المريض والطبيب علاقتهما علاقة إنسانية أولا , فإذا انتفت الطبيعة الإنسانية من العلاقة فماذا بقي ؟ بقيت علاقة بائع خدمة ومشتري لها وقد نقبل بهذا . فالمشترى دائما هو الأقوى , وليس البائع وخصوصا في الأسواق الغير محتكرة وهنا يصبح الطبيب هو الحلقة الأضعف في العلاقة .
ولنطبق هذا على علاقة السياسي بشعبه , فإذا لم يؤمن السياسي بأنه ابن من أبناء المجتمع ويربط نفسه به إنسانيا واجتماعيا فلقد خسر خسارة كبيرة قبل حتى أن يبدأ , فإذا انتفت إنسانية العلاقة فان على السياسي أن يعلم انه يتحرك من خلال مجتمع وداخله , فإذا انقطع الاتصال , فليس من الصعب على المجتمع تغييره حتى وإن دفع المجتمع ضريبة الدم والجهد والمال , ولكنه سيغير القيادة , كما يغير المريض الطبيب الذي لا يثق به .
لنعد مرة أخرى إلى مقارنات المريض بالطبيب . في أطبائنا من لا يحس المريض بالأمان معهم , بسبب أقوالهم وبسبب تصرفاتهم وأسلوبهم في المعاملة , وأولى حقوق المريض في العالم , أن يحس بالأمان مع الطبيب الذي يعالجه , فلا فائدة في علاقة ليست مبنية على الاحترام المتبادل والأمان , ومتى ساد بينهما الشك , فمن الأفضل أن يتنحى الطبيب وأن يترك المجال لطبيب آخر يتولى العلاج , وإذا أصر الطبيب على مواصلة عملة المشكوك فيه أصلا , فسوف يثور المريض . وسيغير ليس الطبيب فقط بل وسيغير كامل المستشفى .
ثم هنالك الشفافية , الشفافية هي أساس العلاقة بين المريض والطبيب , يجب أن يشعر المريض ويثق انه ليس هنالك ما يخفى عليه في حالته , وان الطبيب يطلعه على كامل تصرفاته معه , ويعلم الهدف من أي تحليل أو اختبار , يعلمه ويثق به , فإذا انعدمت هذه الثقة وهذه الشفافية , فالعلاقة مكتوب عليها الفشل , وهي نفس العلاقة بين السياسي والقائد مع أمته , فكم نرى من تأثير سيئ لانعدام الشفافية بين السياسي وشعبه , فبانعدامها , لا يمكن للمريض أن يستفيد من علم وخبرة الطبيب , ولن تستفيد الأمة من خبرات وقدرات وخطط القائد أو السياسي .
أليست هذه حالتنا مع سياسينا وقادتنا , معظم الشعوب لا تشعر بالأمان مع سياسيوها , ومع قادتها , أليس من الواجب أن يتغير هؤلاء الساسة وتتغير طرق العمل قبل أن يقوم المريض بتغيير كامل المستشفى ويغير الشعب كامل النظام ؟
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان
الحمد لله على السلامه متابعك من ليبيا
ردحذف