الأربعاء، 11 يناير 2012

كيف يعترف حكامنا بالفساد ؟


ألسنا نعيش في عالم غريب ؟ عالم يخالف ابسط حدود المنطق , يخالف البديهيات , بل ويطلب منا إلغاء عقولنا لكي نؤمن بصدقه .
نحن لا نحتاج لتحليل مطول وديباجة طويلة ومحاضرات ومؤتمرات وبيانات وخطب , بل إلى القليل من المنطق لنعلم كيف تسير الأمور .

يخرج علينا حكام حكموا عقودا طويلة , بتصريحات مفادها  اعترافهم  بالحاجة إلى الإصلاح , مما يعني اعتراف منهم بوجود فساد , فالإصلاح لا يكون إلا لفساد .

خرج على زين العابدين بن علي يقول هذا , ثم خرج علينا محمد حسني مبارك يقول هذا , أعقبهم سيف بن معمر القذافي يقول هذا , ثم خرج على عبدالله صالح يقول مثل ما قال سابقيه , وبالأمس خرج علينا بشار الأسد يقول قولهم .
كلهم يقول بالحاجة إلى الإصلاح , و يعترف بوجود الفساد ضمنا .
هنا ألا يحق لنا أن نسأل , أين كنتم خلال العقود التي حكمتم فيها ؟
وجود هذا الفساد  والذي حصل خلال حكمكم وفي الوقت الذي كنتم تسيطرون سيطرة تامة على مقاليد الحكم في دولكم , يضعنا أمام أربع  احتمالات .
 أربع احتمالات أحلاها مراً .

الاحتمال الأول ,  أن تكونوا غير منتبهين لما أحاط ببلدكم ومواطنيكم من فساد , وكنتم عنه مشغولون , كنتم تلهون في أمور اقل أهمية من شؤون مواطنيكم ,  لا لأيام أو أسابيع أو شهور , بل لعقود من السنين , لعشرات الأعوام , إذن انتم غير مؤهلين لحكم البلاد والعباد .

الاحتمال الثاني , أنكم كنتم تعلمون بالفساد ولكنكم لا ترغبون في الإصلاح , وهذا تلقائيا يلغي صلاحيتكم لحكم البلاد , ولا يجوز أن تتحملوا مسئولية وطن بأهله وناسه , يعج بالفساد والمفسدين وأنتم لا ترغبون في الإصلاح .

الاحتمال الثالث , إنكم تعلمون بالفساد ولكنكم لا تستطيعون الإصلاح , وهنا نسألكم , إن كنتم لم تستطيعوا الإصلاح فلما تواصلون حكمكم ؟  وكيف تعدون الناس بالإصلاح وأنتم لا تستطيعونه ؟

الاحتمال الرابع , وهو المرجح , إنكم مشاركون في الفساد , فكيف يصلح مفسد ؟

إذن قول بشار الأسد بالإصلاح مردود عليه , هذا هو ابسط منطق .

وهنا ننتهي من الحكام الذين ثارت شعوبهم عليهم , ونتكلم عن الحكام الذين ما زالت لديهم الفرصة للإصلاح . الإصلاح الحقيقي , وليس إصلاح أرقام لا تسمن ولا تغني من جوع .
أقول لهم , أفيقوا , استيقظوا  , فالعالم قد تغير , والنائم قد أستيقظ , ومارد الشعوب قد تحرك , ولكم الخيار , إما أن تواجهوا ماردا لا يخاف , ماردا قد يضحي بكل شي لكي يحصل على الإصلاح , أو أن تقوموا انتم به ,
يبدأ الإصلاح بإطلاق الحريات , وبمشاركة حقيقية للشعب في عملية صنع القرار , وبتوزيع عادل للثروة , وبمحاربة الفساد المالي والإداري حربا  حقيقية .
هذه هي الإصلاحات المطلوبة , فان قمتم بها الآن فستكونون  قد نزعتم فتيل قنبلة تكاد تنفجر .
بالطبع يخطي الحاكم الذي يظن إن شعبه خانع ساكت راضي , ولكن الشعب يجمع الحطب الآن لكي تكون النار اكبر , وبيدكم انتم أن تزيلوا أسباب الاحتقان , وإن كنت أشك أنكم ستفعلون .

أقصى ما يقوم به الحكام العرب , يشابه ما يقوم به متعهدي دفن الموتى في الغرب , حيث يقومون بعمل ماكياج لجثث الموتى ويجتهدون في طلاء وجه الميت  بالأصباغ والألوان .  وهيهات أن يقوم ميت .
إكرام الميت دفنه , فيجب أن يدفن كل فساد .
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام