الخميس، 26 يناير 2012

أنؤمن بالحق أم بالخلق ؟


عقليتنا العربية مصابة بداء الرمز , أو الشخص الرمز , في حياتنا اليومية وفي حياتنا السياسية وفي حياتنا الدينية أيضا.
نبحث عن الحاكم , نرفعه رمزا , ونجعل أخطاءه  مغفورة , هذا إن اعترفنا بها , وهذا ما يعاني منه إخواننا في مصر , فما زال البعض يعتبر حسني مبارك  هو الرمز الذي يجب أن لا يمس ,
وما زال أخواننا في ليبيا يعانون ممن يعتبر القذافي رمزا , ولا يعترف بأخطائه ,  ولا يتخلى عنه , يعتبر التخلي عنه سقوط  للوطن في الهاوية واتجاهه ليس للمجهول فقط بل للتحطم والانكسار , فلا يكون الوطن إلا بالرمز

هذا سياسيا , أما دينيا , فنجد أن للدين أصبح أشخاص رموزا , لا يجوز المساس بهم , حتى ولو أخطئوا  . وخطئه لو آتاه رجل آخر فهو مجرم , أما لو أتاه هذا الرمز فلا يعقل , لا بل ويتهم كل شيء وأي شيء  ولا يرضى المساس بالرمز الديني ولا يجوز أن تمس حتى ولو أخطأت , ولم تكن  حادثة احد الدعاة الجدد , إلا جرس إنذار , ينبهنا إلى أن ثقافة الرمز يجب إنهائها  , وأن نتمسك بثقافة  " الحق " . كلنا قرأ قوله تعالى "ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون "  بل ويعلمون أن الحق من الله  فيقول جل وعلا  " الحق من ربك فلا تكن من الممترين " . وكلنا يعلم أقوال مثل " الحق أحق يتبع " ونعلم " أن الرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال "  ويرددها دائما , ولكن البعض لم يعي أن الحق منفصل عن الخلق , فالحق قد لا يكون مع بعض الخلق بعض الأحيان .

ولأبسط  الحادثة وأسهل فهمها  , يوجد كتابان صدر احدهما قبل الآخر بسنين , وقام أحد المشهورين بتقريظ الكتاب , ومدحه , ثم بعد سنين أصدر هذا الشخص المشهور كتابا آخر يحمل 90% من الكتاب الأول , بنفس الكلمات ونفس السطور ,  وبعدد كبير من الصفحات ,  صاحب الكتاب الأول حاول أن يحصل على حقوقه الفكرية , عاني لمدة اكثر من سنة  , وتعرض للضغط و الإهانة والتجريح من أتباع الشخص المشهور , ولكن بسبب إصراره , وبسبب عدم تنازله عن حقه , اجتمعت لجان من وزارة الثقافة وضعت الكتابان أمامهما , درستهما , فأصدرت اللجنة أن الكتاب الثاني مسروق من الأول , ثم حكم على الشخص المشهور بغرامة لا تشكل ولا  واحد من العشر ألآلاف من ثروته ولا تشكل خمسه بالمائة من المبالغ التي كسبها من تسويق الكتاب , تدفع إلى الكاتب الأصلي . ولم يتعرض المشهور لا للمنع ولا للسجن ولا للتضييق. بل غرامة بسيطة .

هل هذا حكم جائر ؟ لا أعلم . ولكن اترك لكم الحكم .

ولكن لأن الشخص المشهور يمثل رمزا للبعض , رمزا دينيا , فهم انبروا يدافعون عنه , ويجادلون , ولنرى أمثلة من جدلهم ,

1)      بعض من هم من خارج المملكة اعتبروا أن الحكم على الشخص المشهور بمثابة حكم سياسي عليه , وليس حكما حقوقيا .  مع أن القضية حقوقية وليست سياسية , هذا المشهور ليس معارضا سياسيا , منذ أن خرج من السجن قبل سنين عديدة
2)      بعض من في داخل المملكة وخارجها , يقولون انه ليس هنالك في الإسلام ما يسمى حقوق فكرية , وان  نقل الكتب حلال ولا شائبة فيه  , فيكفي أن تغير أسم المؤلف وتضيف بعض الصفحات إلى كتاب ما ليصبح الكتاب من حقوقك .
3)      بعض المريدين يقول إن الحكم على الشخص المشهور والرمز الديني , يحط من قيمة الإسلام , ويجعله عرضة للتهجم عليه , ولذلك يجب أن تقبر هذه القضية , وأن لا يتكلم عنها أحد .
4)      بعض من في المملكة , قالوا إن الكاتب الذي حكم له امرأة , وكيف لامرأة أن تحاكم شيخا ؟
5)      بعض من مريدي الداعية المشهور ,يتهم كل من يتكلم عن الحكم ويستنكر السرقة بأنه علماني ليبرالي يحارب الإسلام . ولو صام أو صلى .

كل هذا الدفاع المستميت هو نوع من التمسك بالرمز , التمسك بالخلق وترك الحق , فالإسلام لم يتأثر بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيتأثر بخطأ داعية مثله المئات بل الآلاف ؟   فالله متم نوره ولو كره الكافرون ولا كل من تكلم عن حق الكاتبة الذي سرقه الداعية المشهور يعتبر ليبراليا علمانيا , بل فيهم المسلم الحق الذي يهمه الحق , ويصبح على الحق ويمسي عليه , لا يهم الحق كان مع من , حتى ولو كان مع شخص لا يحبه , بل ويكرهه , مصداقا لقوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ "

لا الليبراليون ولا العلمانيون يستطيعون أن يطفئوا نور الله , فالله متم نوره , ولكن غمط الحق هو أخوف ما نخاف منه على المسلمين , فهو خروج عن الإسلام , خروج عن خلق الإسلام , خروج عن أمر الله , فلقد أمرنا أن نقول الحق وأن نصدع له .

فهم وإن هاجموا داعية أخطأ , فنقول لهم إن الإسلام هو من حاكم هذا الداعية , وهو من أعاد حق الكاتبة لها , فإن هاجموا الإسلام عبر هجومهم على هذا الداعية , فهم يقعون في فخ اكبر , ويؤمنون إن الإسلام لا يعتبر من صاحب الحق  أو من المستولي عليه ,
وأخيرا أختم بقول الصديق رضي الله عنه , فكأنه يقول ما يخص هذا الموضوع " الصِدْقُ أمانةٌ والكَذِبُ خِيَانَةٌ . والضعيفُ فيكم قويٌّ عندي حتى أرجعَ إليه حقَّه إن شاء اللّه، والقويّ فيكم ضعيفٌ عندي حتى آخذَ الحقَّ منه إن شاء اللّه. "

نعم , الصدق أمانة والكذب خيانة , ونسأل الله أن يجعلنا من الأمناء ولا يكتبنا  مع الكاذبين .
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان

هناك تعليق واحد:

  1. يبدو ان الكاتب تركي الدخيل حاول تفادي ما حدث بين الكاتبة سلوى العضيدان و الشيخ د.عائض القرني لذلك قام بإصدار-ليس تأليف- كتابه الفارغ بعنوان ” كيف تكسب المال بأقل مجهود ” .
    لاحول ولاقوة الا بالله . مسارق من كل المستويات . بالتأكيد خسارة السيد عائض القرني اكبر بكثير من مئات الاف التي فرضت عليه.

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام