الثلاثاء، 10 يناير 2012

لنسعد بالأحلام والأرقام


كم احبك يا وطني , وكم أحبكم يا أبناء وطني , والله إن القلب ليتقطع وأنا أتصفح الأخبار , فكل يوم اقرأ خبرا مفجعا  , يبدو كقمة جبل الجليد , فما يظهر منه إلا جزء بسيط جدا  والمغمور منه ولا يظهر للعيان هو الأكبر والأخطر .
قرأت أن واحدا من أبناء وطني عرض ابنه للبيع ,  قد لا يكون حقيقة يريد البيع ولكنه يصرخ بصوت عالي , لقد فقدت الأمان في مستقبلي ومستقبل أبنائي .
قرأت خبرا أخرا عن شيخ في التسعين يعيش في مقبرة هو وأبناءه , ودخلهم لا يزيد عن الألف ريال .
قرأت خبرا عن حكم سابق يعرض أعضاء جسمه للبيع ليسدد ديون علاج أمه  .
وغيرها كثير , تعرضه الصحافة ونسمع عنه من الأهل والأصدقاء .
أحاول أن  أشك في هذه الأخبار , ولكن تأبى إلا أن تصفعني بأنها حقيقة , حقيقة لا كذب .
أتتبع نسب الفقر في السعودية , فأجد دراسات تقول إنها حوالي الـ 20% , أي إننا نقترب من نسبة باكستان ,  ودراسات ترفع وأخرى تنقص , ولكن النقص والزيادة ليس في العدد بل في تقدير المبلغ الموصل لحد الكفاف , فمن قال انه 1650 ريال شهريا هو حد الكفاف , تقل النسبة , وتزيد كلما ارتفعنا في الرقم , ولكن أفضل الدراسات هي ما حددت 2200 ريال شهري هو حد الكفاف , وحتى هذا الرقم غير حقيقي ,
كيف تكفي 2200 ريال ولدينا بلد ينقصه المواصلات داخل المدن , بلد تتضخم فيه الأسعار بنسب مزعجة , بلد لا تتوفر فيه المساكن وإيجار أي مسكن لا يقل عن 2000 ريال شهريا . كيف يأكل من دخله 2200 ويتنقل ويلبس ويسكن ؟
لا ننسى إننا نتكلم عن المملكة العربية السعودية . بلد لدية فوائض ضخمة في الميزانية , بلد أمواله تستثمر في  الأركان الأربع في العالم . بلد من ضمن اكبر 20 دولة اقتصاديا في العالم .
هذا يذكرني بقول برنارد شو " غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع " بالطبع كان برنارد شو يتكلم عن الشعر في جسده , فلحيته كثة ورأسه أصلع , وكان يتمنى أن ينتقل شعر لحيته إلى رأسه ليكون الإنتاج والتوزيع متوازنان .
ولكن نحن في السعودية تنطبق علينا نفس النظرية فلدينا غزارة في الإنتاج الاقتصادي , ونعاني من سوء في توزيع الثروة .
نجد الثري لدينا وصاحب الحظوة دخله يزيد يوما بعد يوم , ويخطر لي  مقولة لأحد الأثرياء لدينا عندما سأله أحدهم , ما حجم ثروتك ؟ فقال متى تريد الرقم هل تريده قبل أن تسألني أم بعد أن سألتني ؟ فثروته تزيد بالثواني وليس بالأيام أو بالأشهر ,
بينما الفقير وصاحب الدخل المحدود يعاني اشد معاناة لكي يضع الطعام في أفواه أبنائه والكساء على أجسادهم , وقد يضطر للاستدانة , ويقع بعدها فريسة للديون والملاحقات القانونية . وإن أحب إن يعيش براتبه , فلن يستطيع توفير الثلاث وجبات والكساء المناسب وتسديد الإيجار . وحتى إن استطاع فهو كمن يسير على شفرات الموس , فإذا احتاج لعلاج فمواعيد مستشفياتنا بالأشهر وليس بالساعات , بل بلغ بأحدهم أن نشر انه مستعد لدفع ألف ريال لمن يستطيع فتح ملف  له في احد المستشفيات المتخصصة في المملكة .
لله أنت يا عمر بن الخطاب , عندما حاول غلامك حمل كيس الدقيق عنك وأنت تتجه لخيمة المرأة الجائعة وأبنائها , فقلت له , هل تحمل عني وزري يوم القيامة , فالجائع تحت حكمك اعتبرته وزرا عليك وأثما تسأل عنه يوم القيامة .
هل في وطننا عمر بن الخطاب , يحمل الدقيق لكل هؤلاء الجوعى , وممن يعرضون أجسادهم وأبنائهم للبيع ؟
أتمنى , ولكن يبقى حلما من أحلام اليقظة , ولنسعد بالأحلام والأرقام , ولنتكلم بالمليارات و مئاتها , لعلها تسد جوع جائع وتكسي عري عاري . وسنبقى نحلم حلم جحا حينما عرض عليه احدهم في المنام مبلغا كبير ينقص درهما , ويقول له لا لن اقبل إلا بالدرهم معه , وعندما أفاق , غطى نفسه وأغمض عينيه ومد يده وهو يقول , وافقت , هات الدراهم .
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان


هناك تعليقان (2):

  1. خلال تصفحي للصحف السعودية الالكترونية تفجاءت بالحقائق التي كانت غائبة عنا سواء كانت اقتصادية او اجتماعية او اخلاقية واكثر شيئ كان يزعجني هو القضاياالاخلاقية التي كانت هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تعلن عنها . الكاتب السعودي تركي الدخيل تحدث ايضا بلغة الارقام في مقال له بعنوان "اردعوا المتحرشين بالنساء". الاطلاع على المشاكل التي تحدث في الدول الاخرى بالتاكيد سيساعدنا على تفاديها مستقبلا وخصوصا ان التغيير سيحدث في ليبيا لا محالة.

    الكثيرين من اغنياء ليبيا شاركوا في ثورة 17 فبراير واستشهد ابنائهم في سبيل اعلى كلمة الحق ورفع الظلم عن باقي الليبيين .مشاركتنا في الثورة لم تكن من اجل انفسنا بل من اجل الرقي بليبيا في جميع المجالات وتحقيق الحياة الكريمة لكل الليبيين بدون استناء .

    ندعو الله ان يحسن اوضاع البشر والمسلمين اينما كانوا .

    اذا كان تعليقي فيه اي اساءة لك الحق في عدم نشره

    ردحذف
  2. اين الحق والعدالة19 يناير 2012 في 10:40 ص

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
    وَأُمُورُ النَّاسِ تَسْتَقِيمُ فِي الدُّنْيَا مَعَ الْعَدْلِ الَّذِي فِيهِ الِاشْتِرَاكُ فِي أَنْوَاعِ الْإِثْمِ ،أَكْثَرُ مِمَّا تَسْتَقِيمُ مَعَ الظُّلْمِ فِي الْحُقُوقِ وَإِنْ لَمْ تَشْتَرِكْ فِي إثْمٍ ؛ وَلِهَذَا قِيلَ : إنَّ اللَّهَ يُقِيمُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً ؛ وَلَا يُقِيمُ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً .وَيُقَالُ : الدُّنْيَا تَدُومُ مَعَ الْعَدْلِ وَالْكُفْرِ وَلَا تَدُومُ مَعَ الظُّلْمِ وَالْإِسْلَامِ

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام