الخميس، 15 ديسمبر 2011

متى يكون رأيي ولا يمثل الأمة ?


الشعب العربي بدأ يتنفس طعم الحرية , بدأ يتنفسها بعد أن دفع أخوان لنا في تونس البوعزيزي  ومصر  ميدان التحرير وليبيا المهدي بن زيو   الكثير والكثير من دم الشهداء وعرق الثوار ودموع الآباء والأمهات .


هؤلاء لا يوفي حقهم الكبير في رقابنا شكر أو نصب تذكاري أو خطابات تمجيد أو حفلات تكريم , ولكننا سنكرمهم فقط إذا حققنا معنى الحرية الذي حاربوا من أجله , هذا هو إكرام شهيدهم وشكر جريحهم ومواساة أمهاتهم وآبائهم .
ولكن من اجل أن يتحقق معنى الحرية , يجب علينا أولا أن نفهم معنى الديمقراطية , وأولى معانيها  وأهم معانيها , أن نتعلم أن نقول رأينا بكل أريحية وبكل أخلاص وبكل إحساس بأهمية رأينا .
و في المقابل لا يجب أن يحتكر احد رأي بلد أو أمة في رأيه أو في شخصه .
كم أستهجن من يقول أن "كذا وكذا" هو رأي المصريين أو رأي الليبيين أو رأي العرب , ويطرح رأيه كأنما هو رأي جموع الشعب , ويسوقه كأنما هو رأي الناس كلهم أو جلهم . لا أحد يملك ذلك , ومن يقوله فهو مخطئ , سواء كان خطئه هذا  بغير إدراك منه أو بإدراك , لا يهم , ولكنه يجب أن يعلم أنه  يزور إرادة الأمة ورأيها  ويختزلها في رأيه , وهذا بالضبط ما كان زين العابدين يقوله ويفعله , وهو تماما مطابق لما كان حسنى مبارك يقوله ويفعله , وهو لا يختلف أبدا عن قول وفعل المقبور معمر عندما يقول أن ما يقوله ويفعله هو رأي جموع الليبيين , حتى انه سأل الليبيين  باستغراب " من أنتم ؟ " , لأنه لم يكن يسمع إلا صوته , ولم يكن يرى إلا نفسه , 
تخلصنا من هؤلاء ولله الحمد والمنة , ولكن هل تخلصنا منهم لكي يتحول الكثيرون إلى طغاة جدد ؟  يسلكون نفس المسلك وينهجون نفس المنهج , كل منهم يحتكر الحقيقة في رأيه ورأي الشعب بكامله في رأيه .
كل من يقول إن رأي الشعب هو كذا بغير انتخابات أو استفتاء واضح , فهذا مخطئ , وهو مشروع لطاغية جديد تحت الإنشاء .
حتى في الانتخابات التي تجرى بشفافية ونزاهة في كل دول العالم , وعبر التاريخ , لم نر انتخابات حققت نتيجة 100% , وكم كنا نسخر من نتائج انتخابات العرب التي تحقق 98%  , فيستحيل أن يتفق كل الناس .

يجب أن نتعود على مقولة , هذا هو رأيي " الشخصي" , أو " أظن " إن رأي الشارع كذا وكذا , يجب أن نتعود إن هناك رأي يخالف رأينا , وله أهمية كبيرة مثل رأينا , وقد يكون الرأي المخالف لرأينا هو اختيار الأمة , وان نقبل هذا الاختيار ونتعامل معه , ونتقبله ونسير بموجبه ,

وهذا ليس بجديد على أمة الإسلام , فلنا في رسولنا أسوة حسنة , لقد كان صلى الله عليه وسلم يستشير الصحابة في ما ليس بشرع من الله وفي أمور الحياة , وينزل إلى الرأي الذي يعلم انه أصوب من الرأي الذي تبناه أولا . حوادث كثيرة تثبت ذلك , في موقعة بدر وتغيير مكان الجيش . وموقعة الأحزاب وحفر الخندق , وكل من أستوعب سيرة المصطفى عليه أفضل الصلاة السلام يرى ذلك , هذا وهو رسول يوحى إليه ولا ينطق عن الهوى . فكيف بنا نحن؟

هذه هي أصول الديمقراطية التي نطالب بها , لا احتكار لرأي الأمة , ولا أحد يمكن أن يقول إن رأيه يمثل جموع الأمة , ومن كان يظن انه يملك مثل هذا الرأي فهو مخطئ ويجب أن يراجع نفسه ,  يجب أن نتقبل مفهوم الاختلاف في الرأي العام , وإلا لن نخطو أي خطوة إلى الأمام .
أتسائل متى نقبل ان يكون ما نقول او نظن هو رأيي ولا يمثل الأمة ؟
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي .
صالح بن عبدالله السليمان

هناك تعليقان (2):

  1. بارك الله فيك, جيت ع الجرح!
    من أسوأ الأشياء التي أسمعها هو "التعميم", فكل من له رأي يفترض ان ليبيا كلها متفقة معه, وكلما تحدث مشكلة في مدينة تصبح المدينة كلها "متاع مشاكل".
    وكما يقال الآن "17 دير رايك" بدل 17 فبراير

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام