الخميس، 21 يونيو 2012

هل الجيش والشعب أيد واحده ؟


المجلس العسكري المصري , يثبت أن العسكر هم آخر من يقرأ الشعب قراءة صحيحة , وأن العسكر مجبولون على الجهل السياسي .
لا أقول هذا ظلما لهم , فدعوني أسأل كل من يعرف العسكرية , ما هو أول ما يحدث للمجند أو المتطوع عندما يدخل إلى الجيش ؟

أول ما يقوم به العسكر هو هدم الشخصية المدنية , من خلال المرور بفترة تدريب قاسي يجب أن يتجاوزها أي شخص مجند أو متطوع , وبعد هدم الشخصية , يبدأ في بناء شخصية جديدة , واهم عنصرين في هذه الشخصية هي
أولا ,  الطاعة العمياء للأمر العسكري , ثانيا , الإيمان بمقولة " نفذ ثم عارض " .
بعد ترسخ هذه الشخصية العسكرية في العسكري , يبدأ في تعلم العلوم العسكرية , وحتى السياسية , ولكن لا يخرج هذا التعلم عن فهمها فهما عسكريا .
ولهذا فان الخطر من عسكرة الدولة هي في أنها هدم للمدنية, فالعسكري لا يؤمن بالمدنية إلا كحالة شخصية غير مستحبة ,
فشل العسكر في فهم الشخصية المدنية والسياسة المدنية جعلهم يخطئون في قراءة المجتمع المصري ,
ولنرجع إلى النقاط التي أساء الناس فهمها ,

- فهم المجلس العسكري هتاف الشعب من يوم 11 يناير 2011 " الجيش والشعب أيد واحده " هو فهمها على أن اليد هي يد الجيش وليست يد الشعب ويد الجيش تلتحم لتبني الوطن . علما بأن هذه حقيقة . ولكن المقصود بها الجيش وليس المجلس العسكري .

- المجلس العسكري اخطأ في قراءة كم الأثر الإعلامي المشوه للبرلمان المنتخب , مما جعله لم يتحرك عندما تم حله , واعتبر أن الشعب عاف الثورة المصرية وأصبح يبحث عن الآمان فقط , اكرر وأركز على كلمة " فقط ".

- المجلس العسكري أخطأ حين قرأ كم الأصوات التي ذهبت إلى الفريق محمد شفيق , وتصور أنها كلها تصب في صالح المجلس العسكري , وهو كمن كذب الكذبة وصدقها , فمعظم الأصوات التي ذهبت لشفيق في الجولة الأولى هم إما من حشد الأعضاء المتنفذين في الدولة " وهو ما يسمى بالدولة العميقة " , وهي تنتمي للتيار الموجود في النظام السابق ونعلم كلنا أن كل المحليات والمحافظات والهيئات التي تمس الحياة اليومية يقوم عليها أفراد من الجيش , فالمحافظ لواء والمسئول لواء , لا تجد عنصرا هاما في الدولة لا يقوم عليه لواء إلا اقل القليل  , ينظم إليهم بعض قليل من أفراد الشعب الذين تعرضوا للضغط بسبب فشل الحكومة التنفيذية المعينة من المجلس العسكري وتحميل الفشل للثورة , ثم تحميل الفشل للثورة والبرلمان المنتخب , فاعتبر هذه الأصوات تقف إلى جانبه حقيقة , ولكنه نسي أن معظمها لم يكن يؤمن بالمجلس العسكري , بل يبحث عن مصالح آنية وضغوط تعرض لها , وفي الجولة الثانية أضيف إلى هذه الأصوات أصوات المستقطبين من أقباط وكارهين للتيارات الإسلامية مع قصف إعلامي يومي ومكثف وتخويف من الدولة الدينية . هذا الخطأ جعله يخطئ القراءة ويحاول أن يقفز على الثورة ,

ولكن مع بداية الانتخابات الرئاسية , وشعور المجلس العسكري باقتراب التيار المدني ولا أقول الإسلامي من الفوز , اصدر المجلس العسكري المواد الدستورية المكلمة في الليل , وذهابها إلى الصحيفة الرسمية في نفس الليلة وعدم الصبر لمرور ال 15 يوم التي تعارف عليها القانونيون.
وتشمل هذه المواد أن الرئيس القادم مرفوع اليد نهائيا عن  الجيش , وعن الميزانية , بل وجعل رئيس الوزراء قوة ثالثه تدخل في المعادلة , بالرغم من أن تعيينه يتم عن طريق الرئيس ولكنه يصبح رقما في المعادلة , وذلك لمحاولة ضرب الرئاسة بالوزارة .

هكذا نعلم أن ما تمر به مصر السياسة هي لعبة عسكرية , بإعطاء بعض السلطات , ثم تدمير الجزء المدني المستلم للسلطة , ثم  إلغاء السلطة المدنية لأسباب قانونية ودستورية ( علما بان الدستور المحتكم إليه هو من أنتاج المجلس العسكري ) . حتى تأتي السلطة المدنية موافقة لمتطلبات المجلس العسكري , فلقد حل البرلمان قبل أيام من انتخاب الرئيس , وحتى إن جاء الرئيس بغير ما يرتضي المجلس , فسوف يتعرض للفشل , فقواعد الدولة العسكرية ولائها للعسكري , ويبدأ القصف الإعلامي , ثم يزال , وهكذا دواليك , برلمان ثم يحل , رئيس ثم يزال ثم برلمان.
سيفشل الرئيس القادم  لو كان مدنيا , بوجود المجلس العسكري , وسيحسب فشله على الثورة , وعلى التيار الإسلامي , كما أفشل وليس فشل البرلمان.

أذا أضفنا إلى ذلك القرار الذي صدر بإعطاء حق الضبط القضائية للمخابرات العسكرية , ومن لا يعرف معنى الضبطية القضائية وهي تختلف عن إلقاء القبض على الأشخاص , فالضبطية القضائية حق من حقوق النيابة العامة .  يجعلنا نفهم معنى عسكرة الدولة .

الحل هو تكاتف القوى الثورية والقوى المدنية , وبغيرها , سيبقى المجلس العسكري قائما , سوء في الواجهة , أو في الخلفية , ولكنه سيبقى هو المؤثر في الحياة السياسية والمدنية

الحل الذي لا بد منه , وهو التكاتف المدني لإزالة عسكرة الدولة , وهذا هو الفهم الذي يجب أن يكون , فليس هنالك ما يسمى دولة دينية في الإسلام .

وأخيرا يجب أن نعلم أن هنالك فرق بين المجلس العسكري والجيش المصري , كما هو الفرق بين الرئيس السابق حسني مبارك وجمهورية مصر العربية , فالجيش المصري مكون من المجندين وهم مصريون وبامتياز , ولكن القيادة العليا منفصلة عن الجيش . فلا يخطئ احد بالمزج بين الاثنين .

خيارك الآن أيها الشعب العظيم , عل تريدها دولة عسكرية , أم تريدها دولة مدنية .
صالح بن عبدالله السليمان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام