الأربعاء، 29 فبراير 2012

أرحمونا , نظريتكم تدمرنا


 عشنا طوال سنين عمرنا  ونحن نسمع أننا نتعرض لمؤامرة ,  وعشنا  دور الضحية التي تدافع عن كل ما نعرفه , وتؤمن به , وتعيشه .
 مؤامرة ضد ديننا , ومؤامرة ضد أراضينا ومؤامرة ضد شعوبنا , ومؤامرة و مؤامرة تتلوها مؤامرة , وبين كل مؤامرة ومؤامرة مؤامرة أخرى , لقد مللنا وطفح الكيل بنا من هذه النظرية السقيمة .

 فالغرب المسيحي الصليبي يصنع أفلام الكرتون التي تمجد عاداته وطقوسه كمؤامرة منه  لتدمير ديننا وزرع بذور الشك في الإسلام وحب المسيحية  لدى أطفالنا ,

وحادثة 9/11 كانت مؤامرة قامت بها الحكومة الأمريكية لكي تغطي على رغبتها في احتلال العراق.

وثورات الربيع العربي مؤامرة غربية لتفتيت الدول العربية إلى أجزاء وأقسام .

وكثير جدا مما يحدث و نعيشه أو نراه , ناتج عن مؤامرة , كان العالم لا شغل لديه سوى التآمر علينا , وهكذا بررنا فشلنا , وهكذا استطعنا أن ننام ليلا ,

لم نلاحظ القصور الكبير في إعلامنا بكل أدواته , الذي لم يستطع إنتاج أفلام كرتون تناسبنا وتتفق مع ديننا , فاتجهنا لما صنع الغرب , وبالطبع عندما يصنع أمريكي فيلما فهو يفكر بعاداته وتقاليده ودينه , ولم نخطر بباله أبدا , فسوقنا في هذا سوق هامشية جدا , فنجد أفلام الكرتون تتكلم عن "البوي فرند" و " الجيرل فريند" وتمجد "عيد الكريسماس" و "الهولوين" وغيرها , فهي صنعت لسوقهم ولمجتمعهم , ولم يكونوا يتآمرون علينا .
حادثة 9/11 وتدمير المركز التجاري , قام بها مجموعة منا , وشاهدنا الفيديو عندما خرج علينا بن لادن يتكلم عنها , ويسميها غزوة نيويورك , لم تكن مؤامرة , وإن التقط الخيط مجموعة من السياسيين والعسكريين الأمريكيين واستفادوا منها في تلميع صورهم , وضمان إعادة انتخابهم , ودمرت دولتان إسلاميتان ,
وامتدت نظرية المؤامرة لتشمل ثورات الربيع العربي , وأنها صناعة أمريكية آخوا نية ( نسبة إلى الأخوان المسلمين ) .
كيف أبين تفاهة هذا الرأي ؟ فهو والله أتفه من أن أرد عليه . و يؤسفني أن أقول هذه الكلمة , ولكنها هي الحقيقة والله .
كان الغرب مسرورا سعيدا بودود بن علي , ومبارك و القذافي , وعلى صالح وبشار الأسد , مصالحه محفوظة , وإسرائيل محمية , والبترول يتدفق من شرق العالم العربي إلى غربه , بالثمن الذي يحدده سوقه , والأموال الناتجة عن بيع البترول تستثمر في أسواقه المالية , وتصرف لشراء أسلحة ومعدات منه , كان الوضع مثاليا .
وفجأة , قام شاب عربي بحرق نفسه بسبب صفعة تلقاها من أدوات النظام في بلدة , فهب الشعب التونسي , وأزاح الطاغية . واستفاقت بقية الشعوب , فثارت مصر الكنانة , وأزيح حامي الحدود الغربية لإسرائيل , مبارك مصر ,
هنا تنبه الغرب أن العرب قد فاض بهم الكيل , وأن الظلم الذي كانوا يتعرضون له وصل إلى حدوده القصوى , وان الشعب لن يسكت أكثر .
فكان بين خيارين , أما أن يبقى على انحيازه للظلم والظلمة والطغاة  أو أن ينحاز للشعب , لا بسبب رقية في مدارج الإنسانية , ولا دفاع عن حقوق الإنسان بل لأن مصالحة تعرضت للخطر , فعليه أن يهادن الشعوب ,
بالطبع الغرب نقسمه إلى ثلاثة أقسام  , حكومات ومصالح وشعوب , مثل أي دولة في العالم , وحكومات هذه الدول تفكر أول ما تفكر في  الانتخابات , فكان يجب على أي سياسي إن يقف مع الشعوب وإلا لخسر الانتخابات القادمة ,  أما المصالح وهي الشركات العملاقة الضخمة فأنها عندما رأت إن الشعوب مستعدة للموت في سبيل حريتها وجدت أن من الأسلم لها الابتعاد عن الطغاة وان تتقرب من الشعوب .  أما الشعوب في الغرب , فهي تؤمن إن من أي إنسان أن يعيش بحرية وكرامة , بل هي متطرفة في هذا , هذا هو موقف الأقسام الثلاثة .

بل بلغ بالبعض إيمانهم بنظرية المؤامرة , أنهم يتهمون من يختلف  معهم من بني جلدتهم أنهم يتآمرون  عليهم وعلى الوطن , فهذا متآمر أخواني , وذاك متآمر ليبرالي , وذاك ينادى بالديمقراطية التي يحرمها , الكل يتآمر .
أرجوكم ارحمونا من نظرية المؤامرة , نبرر فيها أخطائنا وعجزنا وحتى ظلم حكامنا , ولنتعرف بعجزنا , نحن عن صنع ما يلزمنا , وعجز حكوماتنا عن حماية مصالحنا , ولا نلوم الغرب على قيامه بدوره المطلوب منه بحماية مصالحه هو ,
فمتى ما خلصنا من نظرية المؤامرة , والقينا بها خارج عقولنا , وعرفنا أن العيب فينا نحن , فسنستطيع أن نجد الحلول , وان نحمي مصالحنا , ودعوني اضرب لكم مثال ,

اكبر القواعد الأمريكية توجد في اليابان وألمانيا , ومع هذا نمت هاتان الدولتان وأصبحتا تنافسان الولايات المتحدة , لم تمنعهم القواعد العسكرية الأمريكية من الرقي والتطور , بالرغم من الحرب العالمية الثانية وتدمير مدنها , فاليابان خرجت وقد ألقيت عليها قنبلتان نوويتان وطوكيو كانت مدمرة , ورغم هذا وبعد فقط 30 سنة من هذا أصبحت اليابان الفقيرة اقتصاديا , والتي تقع على هامش الكرة الأرضية , في أقصى شرق آسيا , واحدة من اكبر الدول في العالم اقتصاديا . هل منعها الحرب والتدمير والقواعد العسكرية من هذا ؟
لم أسمع طوال بقائي في اليابان أن هناك مؤامرة عليهم رغم القنبلتان النوويتان , بل كانوا وما زالوا ينظرون إلى دورهم هم في حماية مصالحهم وتطوير بلدهم .
ثقوا أن الغرب لم يفكر في تقسيم أي دولة عربية , ما لم يقم شعبها بنفسه بتقسيمها , فنحن الذين نفعل الفعل , سواء سلبيا أو ايجابيا , ونحن من عليه تحمل نتائجه .
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان

هناك 4 تعليقات:

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
    الردود
    1. بنت مصراتة2 مارس 2012 في 8:55 م

      لدينا من روائع القصص والتي تنسب الي القصص العربية فلم الكرتون "علي بابا والاربعين حرامي" الذي جعل العديد من الاطفال يحلمون بان يكونوا مثل البطل علي بابا الذي امتلك قصرا واقام فيه مع محبوبته , الاختلاف الذي حدث هو ان على بابا الحديث لم يقتل الاربعين حرامي لانه اراد الاستفادة من خبرتهم في السرقة وجعلهم السند له وعندما يفهم اساليب اللعبة يجز بها في السجون . لم نشاهد في فيلم الكرتون مساعدة علي بابا للفقراء من خلال توزيع بعض الاموال عليهم لذلك نجد علي بابا الحديث يرمي بالفتات لسفهاء قومه. هل فعلا اثر فيلم الكرتون علي بابا في نفوس اغلبية الناس ام انني مخطئة ؟أليس الموجودين الان في مناصب الدول العربية يشبهون علي بابا فبعض منهم معه اربعمائة حرامي والبعض الاخر معه اربع الاف حرامي ؟ هل يمكن ان يكون فيلم علي بابا والاربعين حرامي مؤامرة!!!

      حذف
  2. نعم نحن نتعرض لمؤامرة من مروجي نظرية المؤامرة إنهم يتأمرون علينا مع المفسدين تخيل مثلاً الممثل سيء السمعة عادل إمام والمغنية لطيفة يتحدثون عن المؤامرة على الأمة العربية وأن القرظاوي وقطر هم أدوات المؤامرة ؟
    عندما تطالب بإصلاحات ينبري أحد المتئامرين علينا أن الأمة في حاجة لوحدة الصف لإننا مستهدفون بنظره من من لاأدري ! وكأن مطالبنا ضد وحدة الصف

    ردحذف
    الردود
    1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      من 29/2 لم نقرا لك مقال جديد . ان شاء الله يكون المانع خير
      دمتم بصحة وعافية.

      حذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام