في عالم السياسة الدولية، كثيراً ما يُثير السؤال نفسه: متى ستدرك قوى النظام العالمي، العظمى منها والصغرى، أن كلفة قبول إيران ودورها المتنامي، سواء من خلال الدعم المباشر أو من خلال المليشيات التابعة لها، أكبر بكثير من المخرجات التي تكسبها من هذه الارتباطات؟ يبدو أن العالم دخل في سباق مع الزمن، حيث تتزايد المخاطر وتتراكم الأزمات، ولكن الصوت الصارخ لن يتردد كثيراً في قاعة انتظار القرار العالمي.
إذا نظرنا إلى التاريخ، سنجد أن كثيراً من الحكومات، وخصوصاً القوى الكبرى، كانت تبرر مواقفها بعبارات رنانة مثل "الاستقرار الإقليمي" و"توازن القوى". لكن السؤال هنا: أين يكمن الاستقرار عندما يكون الجلاد هو نفسه من يدير دفة الحكم؟
فإذا كان الأمريكيون قد دعموا الشاه، والروس قد ركبوا على ظهر الأسد، فإننا الآن نشاهد نشوء شخصيات من المليشيات يمثلون مصادر قلق دائم. هل هذه هي النتائج التي كانوا يأملون بها؟
الكلفة العالية
لا شك أن كلفة كسر هيمنة إيران ومليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن لن تكون بسيطة. وعلى الرغم من ذلك، فإن كلفة قبول هذا الدور أكبر بكثير. فعلى سبيل المثال، هل يمكن لقوى النظام العالمي أن تتجاهل أن دعمهم لإيران يشبه وضع قنبلة موقوتة في قلب مصالحهم؟ فكلما ازداد نفوذ إيران، كلما تعمق الصدع في العلاقات بين الحلفاء، مما يزيد من احتمالات اندلاع صراعات أكثر تعقيدًا.
خطر الفوضى
ليس من الصعب بمكان إدراك أن الفوضى التي تغرق فيها المنطقة منذ سنوات هي نتيجة مباشرة لدور إيران التخريبي، الذي يدعم المليشيات الطائفية ويغذي الحروب الأهلية. الفوضى في لبنان، العراق، وسوريا ليست مجرد أرقام في إحصائيات الصراعات، بل هي علامات بارزة على أنَّ الانجرار وراء قبول إيران كجزء من الحل هو خطوة نحو الهاوية. باختصار، قبول هذه المعادلات لن يؤدي إلا إلى تعميق الجروح القديمة التي ستظل تنزف.
ظرفية المستقبل
وجوه المستقبل كئيبة، وقوى النظام العالمي، التي يبدو أنها تعيش في عالم من الأوهام، قد تستفيق ذات يوم على واقع أن الوضع الحالي يتعلق بحياة أو موت. فكما يقول المثل الساخر: "إذا كنت تنوي التخطيط لمستقبل مشرق، فلا تقم بالتخطيط في كهف مظلم". وعندما يدركون أن الحلول القصيرة الأجل لم تكن إلا فخاً، سيكون الثمن الفضيع قد دُفع.
يبدو أن قوى النظام العالمي تحتاج إلى استذكار دروس الماضي، وفهم أن كلفة القبول بممارسات إيران ودعم مليشياتها ليست مجرد ترف فكري، بل هي مسألة وجودية تهدد مصالحهم الحيوية. قد يأتي ذلك اليوم حينما يدرك هؤلاء أنه تم خداعهم كتلاميذ غافلين في درس التاريخ الدامي. وعندما يحين ذلك، سيكون الحديث عن "الاستقرار الإقليمي" مجرد نكتة في سجلات التاريخ، وسنكون جميعاً ضحايا قرار السخرية الكبير.
وستبقى المملكة العربية السعودية هي من يحمل الناقوس يحاول ان يستقظ الغافلين في العالم لخطر نظام الملالي في طهران
صالح بن عبدالله السليمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام