السبت، 3 أغسطس 2024

لسنا من جيل الشعارات الشعبوية

 قرات تغريدة في موقع اكس للاستاذ محمد الماضي يقول فيها:

"" جيلنا مر عليه الكثير من اصحاب الشعارات و الخطب الحماسيه التي انتهت بوضع اسوأ  مما قبله ، وفي أحسن الاحوال لا تغير شيء . لذلك اصبح لدينا حصانة ضد الرغي والخطب  والتركيز على الأفعال"".

اثارتني هذه التغريدة حيت انه في عالمنا هذا، حيث أصبحت الشعارات الشعبوية تتردّد في كل مكان، يبدو أنه علينا أن نوضح شيئًا واضحًا وجليًا: لسنا من جيل الشعارات الشعبوية. دعونا نغوص في أعماق هذه العبارة.

لسنا من جيل الشعارات الشعبوية

في زمن أصبحت فيه الشعارات أقوى من الواقع، وصوت البوق أخطر من صوت العقل، نجد أنفسنا نعيش في كوكب مليء بالضجيج وبقع من الصمت المطبق. نحن هنا، ولسنا من جيل الشعارات الشعبوية، نحن الجيل الذي يحلم بالمحتوى العميق، لكنه في الغالب يجد نفسه مغمورًا في سيل من العبارات الجوفاء.

من هم الشعبويون؟

لنتوقف لحظة ونتأمل في هذه الفئة الغامضة. الشعبويون، الذين يجيدون استغلال العواطف لتحقيق أهدافهم، هم أولئك الذين يتقافزون كالأطفال في مدينة الملاهي للبحث عن أصوات الناس. شعاراتهم تتلألأ مثل الأضواء الملونة في احتفالات اليوم الوطني، لكن معناها في غالب الأمر يختفي كدخان العود بعد تركه في قدح لا يليق به. هم من ينادون بـ "المساواة" و"العدالة"، لكن عند أول منعرج، نجدهم أول من يسعى للحصول على امتيازات خاصة.

جيل الشعارات

نحن في الواقع جيل هش، يعيش في عالم مليء بالتحولات السريعة والدراماتيكية. الغريب أننا تعلمنا من أخطاء السابقين، وكما يقول المثل، "الحذر واجب". لذا، نجد أنفسنا بعيدين كل البعد عن شيء يُدعى "الشعارات الشعبوية". هل يمكننا تبرير هذا التحول؟ ربما. السبب الرئيسي هو أننا أصبحنا نعرف كيف نحكم على الكلام من خلال أفعاله. نحن خبراء في كشف الزيف، ونحب التعقيد على البساطة.

متاهة المعلومات

تتعلق إحدى أكبر التحديات التي نواجهها اليوم بوفرة المعلومات وضحالتها. نتقلب بين الأخبار الزائفة والمعلومات المنقحة، نتسلق حدود الفهم والمعرفة، وإذا بنا نعود مجددًا إلى نقطة البداية. هل نحتاج إلى مزيد من اللافتات التي تقول لنا "نعم! سنفعل ذلك!"؟ على الأرجح لا. نحن بحاجة إلى استراتيجيات واقعية واستجابة مدروسة.

الامتياز على المضمون

هل تساءلتم يومًا: متى كانت آخر مرة سمعتم فيها خطابًا يتحدث عن محتوى حقيقي بدلًا من الاعتماد على تحميل الشعارات الكلاسيكية؟ مجرد التفكير في ذلك يكفي لإثارة الغثيان! "المستقبل لنا"، "نحلم بوطن أفضل"، "الأمن للجميع"… ألا تعتقدون أن الأمر أصبح مبتذلاً بعض الشيء؟ إنه مثل أن تعيد استخدام نفس النكتة في كل مناسبة، لن ينتج عن ذلك سوى ضحك خافت من عدم الاكتراث.

مستقبل بلا شعارات

دعونا نحلم بمستقبل يتجاوز الشعارات. نفكر في مشاريع ملموسة، وتصاميم مبتكرة، وأصوات متنوعة تتكامل في حوار شامل. نريد رؤية الشباب يتحركون بفعل، وليس بمواعظ. للسخرية فإن هذا قد يبدو أقرب إلى الخيال، لكن في عالم بعيد عن الأوهام الشعبوية، حتى الحلم يُعتبر خطوة نحو التغيير.

لذلك، ولأننا لسنا من جيل الشعارات الشعبوية، نحن نرفض الخضوع للأفكار المعلبة والمكتوبة على لافتات ملونة. نفضل أن نكون ذلك الجيل الذي يسعى لفهم عميق، وتحليل نقدي، وتجارب حقيقية. لنقم بتنحية الشعارات جانبًا، وبدلًا من ذلك، لنبدأ بتشغيل عقولنا وقلوبنا لإحداث تغييرات فعلية. قد تكون الرسالة النهائية أنه حان الوقت للتركيز على المضمون بدلاً من الشكل، وأن الغد الذي نريده يجب أن يُبنى على الأفعال، لا على الكلمات. فلنجعل الصمت قيمة في عالم الصخب، ولنتجنب أن نصبح مجرد أصداء لشعارات منسية.

لسنا صهاينة ولا مطبلون ولا خانعون’ بل نحت ترى الواقع كما هو وماذا نحتاح لتغييره, واخر ما نحتاج هو الشعارات التي دمرتنا خلال القرن الماضي.

نحن لسنا جيل الشعارات, بل جيل العمل والواقع.

وشكرا اخي محمد الماضي على انك قدحت زناد فكري.

صالخ بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام