السبت، 17 أغسطس 2024

تقافة تسمين الجسد

مرحباً بك في العالم العجيب، حيث يُمكنك الحصول على أي شيء تريده بسعرٍ مرتفع حتى ولو لم تكن تملك المال! 

الكل يتكلم عن الثقافة الاستهلاكية، هذا الكائن الغامض الذي يبدو أنه يملك تأثيرًا ساحرًا علينا. 

دعني اقول لك سراً يعرفه الجميع… نحن جميعاً مدمنون على الاستهلاك، ونحن في طريقنا لنصبح أساتذة في فن شراء ما لا نحتاجه. 

ما هي الثقافة الاستهلاكية؟

باختصار، الثقافة الاستهلاكية هي تلك الحضارة الرائعة التي تُشجع الناس على شراء المزيد والمزيد من الأشياء التي لا يحتاجونها. 

لا تتردد في تجاوز فكرة "الإحتياجات الأساسية" مثل الطعام والملبس. فهذه الثقافة تدور حول السلع الفاخرة، كالعطور والمسابح والإكسسوارات، أحدث صيحات الموضة، وحتى فرشاة الأسنان الجديدة التي تشبه تلك التي لديك تمامًا، ولكن مزيّنة بألوان قوس قزح! 

إنها تقول لك: "الحياة ليست جميلة إلا إذا كنت تملك كثيرًا من الأشياء".

كيف تنشأ هذه الثقافة؟

تبدأ الثقافة الاستهلاكية بأسلوب حياة نشأ مع الثورة الصناعية. صنعت المصانع العديد من السلع، وبدلاً من أن نتوقف عند الحاجة، قررنا أن نمتلك كل شيء. أضف إلى ذلك فنانين التسويق الذين يُقنعوننا بأن السعادة تكمن في شراء آخر صرعة. 

ثم جاءت التكنولوجيا، فزيّنت لنا الشاشات حقائق مُزيفة عن السعادة الدائمة التي سنحصل عليها بمجرد ضغط زر "شراء الآن". من جهة، ترى إعلانًا مبهرًا لسيارة جديدة، ومن جهة أخرى، يُذكرك الأصدقاء بأن "الأسلوب هو كل شيء". 

لا تنسى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي! أصبحت المقارنة بيننا وبين "مؤثرين" لدينا شغف أشبه بتناول قطعة من كعكة الشوكولاتة عند التعب. نراهم يستعرضون حياتهم المليئة بالمشتريات، فتشعر بأنك مجبر على المنافسة.

أخطار الثقافة الاستهلاكية, هنا تأتي النكتة. بينما نستمتع بمشترياتنا، يغفل الكثيرون عن بعض التفاصيل المهمة. 

دعنا نلقي نظرة سريعة على المخاطر:

الإفراط في الديون: 

إذا كنت تعتقد أن الحصول على بطاقة ائتمان سيُسهل الأمور، تستعد للمواجهة مع قسائم الشراء. قد ينتهي بك المطاف في دوامة من الديون بدلاً من الاستمتاع برحلة نهاية الأسبوع مع عائلتك.

القلق والسعادة المشروطة: 

الحقيقة المُرّة هي أن تلك السعادة التي تجلبها عملية الشراء لا تدوم طويلاً. في النهاية، سرعان ما تُدرك أنك بحاجة إلى منتج آخر لتحسين حياتك. وهكذا، يزداد القلق بدلاً من التخلص منه!

تدمير البيئة: 

من المثير حيال الأمر أن تلك العجائب الاستهلاكية لا تقتصر على التأثير علينا فقط، بل تمتد لتشمل كوكب الأرض. ملايين النفايات تُرمى بينما نتنافس في شراء أحدث هاتف.

فقدان الهوية: 

بينما نرتدي العلامات التجارية ونُظهر ما في المحفظة، نغفل عن هويتنا الحقيقية. من نكون، وما هي شغفنا الجاد؟ كل شيء يرتبط بالعلامة التجارية التي نستخدمها.

الاستهلاك الجسدي: 

لأننا نعمل بجد لشراء السلع، ننسى أن نصرف الوقت في النشاطات الأخرى مثل الرياضة، فنكتسب وزناً زائداً ونقوم بدورنا طيلة الوقت كسكان مقعد، وبذلك نحن نبني ثقافة "إجلاس الجسد".

لن أقول لك أن تتجنب الثقافة الاستهلاكية، ولكنني سأدعوك للتفكير مرتين قبل أن تنفق أموالك. في عالم مليء بالخيارات، لنحتفل بما لدينا، لا سيما الأشياء التي لا تأتي بتكلفة إضافية؛ مثل العلاقات الإنسانية، اللحظات الجميلة، والأوقات التي نستمتع فيها بعيدًا عن كل دعاية تجذبنا نحو الشراء. ولذلك، دع خزانة ملابسك تحتوي على أكثر من مجرد علامات تجارية؛ أضف المزيد من اللحظات العذبة. فالحياة أقرب من أن تكون مجردعطر جديد, او فستان جديد!

صالح بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام