فيلم "حياة ماعز" (The Goat Life) هو عمل سينمائي يدور حول قصة عامل هندي تعرض للاستعباد. ومع ذلك، فقد أثار الفيلم جدلاً واسعًا بسبب القرارات التي اتخذها صناع الفيلم فيما يتعلق بعدم الكشف عن القصة الحقيقية وراء الأحداث التي تم تصويرها. اولا لنبدا بما هي القصة الحقيقية:
ما هي القصة الحقيقية للعامل الهندي؟
في القصة الحقيقية كان العامل الهندي في بداية الأمر ليس مسلما. كان يقوم برحلة فردية، وقد صادف خلال هذه الرحلة هنديًا آخر كان يعمل في مرعى يبعد عنه عدة أميال، حيث كان يعتني بأغنام كفيله. نشأت بينهما صداقة حقيقية، وبدأ الهندي يتعلم من صديقه اللغة والمصطلحات الشائعة، الأمر الذي ساعده في التكيف مع بيئته الجديدة بفعالية أكبر.
لم يكن الهندي الآخر مشجعًا لصديقه على الهروب من أوضاعه القاسية. بدلاً من ذلك، قدم له نصيحة واقعية مفادها أن يطالب بمستحقاته المالية من كفيله، كما كان يفعل هو. مع مرور الوقت، بدأ الهندي في محاولاته المتكررة للحصول على أجره من صاحب العمل، لكنه كان يواجه دائمًا الرفض. وهذا الرفض المتواصل دفعه إلى طلب الإذن بالمغادرة، ولكن صاحب العمل كان يرفض ذلك أيضًا.
في ظل هذه الظروف القاسية، انتاب الهندي شعور عميق باليأس والغضب. دفعته مشاعره القوية إلى ارتكاب فعل مأسوي، حيث استخدم عصا حديدية ضد كفيله في لحظة من الهياج الشديد، مما أدى إلى مقتله. بعد فترة، تأخرت عودة صاحب العمل إلى منزله، مما جعل عائلته تبدأ بالبحث عنه حتى اكتشفوا جثته. وعندما أبلغوا الشرطة،
بدأت تفاصيل الجريمة والمعاناة المديدة التي عاشها الهندي كعبد تخرج إلى النور.
تم القبض على الهندي وسُجن بسبب قتله لمن كان يدعى انه كفيله، لكن أحداث القصة لم تتوقف عند هذا الحد. عندما علم ذوي النفوذ والعقل في القرية، بالإضافة إلى المحافظ، بقصة الهندي الذي عانى ظلمًا، تم جمع مبلغ الدية الذي وصل إلى 170 ألف ريال. توجه هؤلاء إلى أبناء صاحب العمل المقتول وورثته، موضحين لهم تفاصيل معاناة الهندي بسبب استعباد والدهم له على مدى خمس سنوات.
بعد المناقشات والمشاورات، استشار أبناء صاحب العمل أحد المشايخ حول ما إذا كان والدهم مدينًا للهندي. فأجابهم الشيخ بأن والدهم بالفعل كان عليه دين كبير للهندي نتيجة استغلاله. وفي ضوء هذه الاكتشافات، اتخذ الأبناء قرارًا نبيلًا، حيث قرروا مسامحة الهندي عن الفعل الذي قام به، وعبروا عن عدم رغبتهم في الحصول على أي دية، آملاً منهم أن يغفر الله عن أفعال والدهم.
قام أبناء صاحب العمل بزيارة الهندي في سجنه، بحضور مترجم، وأبلغوه بكل ما حدث، مما أثار دهشته وأوقعه في حالة من الاستغراب. كانت المجموعة سعيدة وهي تخبره بأنهم جمعوا الدية له، مما سيمكنه من بدء مشروعه الخاص في بلده. لكن الهندي توتر وسأل المترجم: "أليس صاحب العمل المزيف مسلمًا مثلهم؟"، فأجابه المترجم بأن تصرفه لا يعكس مبادئ الإسلام، وأن الإسلام يدعو إلى دفع الدية ويحث على مساعدة المحتاجين.
في لحظة تأمل وتأثر عميق، أعلن الهندي إسلامه خلال تلك الفترة التي قضاها في السجن. وهكذا، عاد إلى بلده ليس فقط كإنسان حر بل أيضًا كمسلم غني وسخي، محظوظًا بفرصة جديدة للحياة.
هذه هي القصة التي حذفت نهايتها في الفلم واضيف لها بهارات هندية والغي النص الحقيقي. فلماذا جرى هذا التخريف او التحريف ؟
1. التحولات الفنية والإبداعية
أحد الأسباب الرئيسية وراء عدم تقديم القصة الحقيقية يتجلى في رغبة صناع الفيلم في تحوير الأحداث بما يتناسب مع الرؤية السياسية والثقافية الخاصة بهم. السينما غالبًا ما تستند إلى الخيال وليس الى الواقع وخصوصا اذا كان الواقع لا يتناسب مع ممول الفلم ومخرجه، وقد يكون من المغري لهم أن يقدموا سرداً روائياً يتجاوز الواقع. فالمطلوب كتابة نصيرضي الممول والمخرج، وفن تصوير قد يُعتبران عرضاً متعدد الأبعاد، حيث يتم تقديم المعاني والدلالات التي قد لا تناسل القائمين على الفلم في الأحداث الواقعية.
2. المبالغة في الدرامية
الفن يعكس أحيانًا حقيقة ملاذات إنسانية أو مجتمعية معقدة. من خلال إخفاء التفاصيل الواقعية للقصة الحقيقية، كانت الفرصة سانحة لصنّاع الفيلم للعب على وتر العواطف التي يهمهمها تشويه الإسلام وتشويه السعودية واستثمار الميل للتراجيديا والمبالغة الدرامية. من خلال خلق نسخ خيالية من الأحداث، يمكنهم التأثير بشكل أكبر في المشاهدين، مما يجعل القصة أكثر ترابطًا وإثارة.
3. عدم دقة الرواية
القصص الحقيقية في كثير من الأحيان تتسم بالتعقيد ولا تعكس بالضرورة نوع المسار الذي يرغب الممول و المخرج في تقديمه. من الممكن أن يكون إدماج القصة الحقيقية قد أدى إلى ضرورة الاحتفاظ بتعقيدات متعددة، وهذا يتعارض مع الرغبة في الوصول إلى رسالة مفادها سوء المسلمين ووحشية دول الخليج. بالتالي، يمكن أن يتم اختصار التفاصيل الحقيقية لتجنب أي شيء لا يتناسب مع هدف الممول والمخرج في السرد.
4. الإعلام والتسويق
إخفاء القصة الحقيقية يمكن أيضًا أن يكون جزءاً من استراتيجية تسويقية. إن تقديم فيلم مستوحى من أحداث حقيقية يمكن أن يجعله أكثر جاذبية للجمهور. هذا يمكن أن يعزز التكهنات حول ما هو حقيقي وما هو خيالي، مما يجذب جمهوراً واسعاً للذهاب إلى دور العرض. بهذه الطريقة، يصبح الفيلم محور نقاشات ومناقشات حول ما هو "كاذب" و"صحيح".
5. أثر الاستجابة النقدية
هدف القائمون على الفلم هو تشويه الاسلام والمسلمين ولا يهمهم للنقد, بل قد يعتبرون النقد نوع من الأعلان عن الفلم وزيادة جماهيريته
صالح بن عبدالله السليمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام