الاثنين، 8 ديسمبر 2014

غريبة منك يا يوتيوب ويا فيسبوك

في عام 2008 وخلال الحرب الإسرائيلية التي أطلقوا عليها اسم عملية الرصاص المصبوب وتسببت في مقتل وجرح الآلاف الفلسطينيين المحاصرين من المدنيين ,أطفال وشيوخ ونساء.
كنت ومجموعة من الوطنيين نعمل في جبهة إعلاميه تهدف إلى فضح الممارسات الإسرائيلية الحقيرة و اللاإنسانية, كنا نعمل على فضح قصف المباني السكنية والمدارس واستخدام الفسفور الأبيض.
كنا نضع فيديوهات تتكلم عن إسرائيل وهشاشة ادعائها بأنها هي المظلوم وأنها تعمل على حماية نفسها من إرهابيين قتلة لا ضمير لهم ولا إنسانية, يردون صواريخ القسام التي تضرب مستوطناتهم.
كنا نرد بدون انفعاليات أو عبارات خادشة للخلق أو للعرف العام , بل نرد بمنطق وبحقائق يعترف أو اعترفت بها الحكومة الإسرائيلية نفسها أو نقلتها وسائل إعلامية غربية ومراسلين غربيين.

إلا أننا كنا نصطدم دائما بإدارة اليوتيوب, حيث كانت فيديوهاتنا تحذف, إما بسبب ظهور شخص جريح أو طفل قتيل, بغضّ النظر عن كون هذه اللقطات صورها مراسل صحيفة الجارديان او التايمز أو السي ان ان او غيرها من الوسائل الغربية ,والعذر التي كانت تتعذر به هو اتفاقية استخدام الموقع , وان هذه الاتفاقية تمنع نشر المواد الصادمة ومناظر القتل والجرح والدماء.
حينها أوقف لي اكثر من ثمانية معرفات, ولكن كنا نعرف طريقة تجاوز هذه العقبة ,حتى ورد اسمي كهدف لجيش الدفاع الالكتروني الإسرائيلي وكنت احد أهم المطلوب القضاء عليهم الكترونيا.
حتى الدم كنا لا نستطيع وضعه في فيديو, أي فيديو يحتوي على مثل هذه المناظر كان يحذف ويلغى الحساب.
اعتقدنا بداية أن إدارة مثل هذه المواقع تهتم حقيقة بمشاهديها وعلى الذوق العام.
ولكن اتضح فيما بعد انه ليس الدم والذوق العام هو ما يحرك هذه المواقع, بل هو الدفاع عن إسرائيل ,الدفاع عنها فكرا وعقيدة وممارسات.
عندما أرى اليوم اليوتيوب والفيس بوك وتوتير تمتلئ بصور قطع الرؤوس والأشلاء المقطعة بفعل بعض من ينتمون للإسلام, والإسلام منهم براء, تنتقل هذه الصورة وهذه الفيديوهات بدون حذف أو رقابة وهي اشد مما كنا نضع, و أبشع وأكثر تقززا, ولكن لا نراها تزال ,بل توزع بحرية وسهولة كأنها خبر زفاف مشهور من مشاهيرهم . أين ما كانوا يصدعون رؤوسنا به من قانون يمنع المناظر الصادمة. أليس في صور الرؤوس الملقاة إلى أو فوق الجثث ما هو صادم؟ أليس في منظر جلادين يقطعون رؤوس ضحاياهم منظر صادم؟
كم تتغير القوانين والأنظمة؟ كم تتبدل وتغض النظر؟
كنا نتكلم عن معاداة السامية وعن جرائم إسرائيل ونقارنها بجرائم النازية ,نقارنها بالصور والأرقام , ولكن كنا نمنع ونعتبر نحرض على الكراهية العرقية, مع  أننا لم نتكلم عن اليهودية, بل نتكلم عن دولة اسمها إسرائيل, كان يسمح بنقد أي دولة إلا إسرائيل ,كان الفيديو يحذف بعد ساعات من رفعه فنضطر لرفعه على عشرات ومئات  المواقع في وقت واحد ولكن كانوا يتتبعونها معرفا معرف وموقعا موقعا.
الآن الآلاف الفيديوهات التي تحض على كراهية المسلمين وسبهم ولكن لا نظام يحمي, كأن الأنظمة كيس قمامة أو منديل ورق يصلح للاستعمال مرة واحده.
لا أؤمن بنظرية المؤامرة ,حقا لا أؤمن بها , ولكن ماذا نسمي هذا الفرق؟
حقا غريب منك يا يوتيوب وغريب منك يا فيسبوك.
صالح بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام