الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

الحاكم و أنا وابن عمي على الغريب


الأسد و القذافي – عينة من الطغيان العربي ( 3)
نعرف جميعا المثل الشعبي العربي القائل "أنا وابن عمي على الغريب" . هذا المثل الذي يحمل من العنصرية والقبلية الكثير , ظهر هذا المثل في فترة مظلمة من تاريخنا , فترة لم يكن للشخص من معين على أمور الدنيا إلا العائلة والقبيلة , واذكر قول الشاعر الشعبي :-

يمنى بلا يسرى تراها ضعيفة....ورجل بلا ربع على الغبن صبار
ولكن أن يكون هذا المثل هو السياسة المتبعة في دولة حديثة او يفترض ان تكون دولة حديثة ونحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين فهو فضيحة ما بعدها فضيحة , ولأشرح مقصدي نبدأ بتحليل المثل , فمن هو أنا ؟ ومن هو ابن عمي ؟ ومن الغريب هنا ؟  ويطبق حكامنا هذا المثل تطبيقا يكاد يكون تاما ,  فـ " الأنا " هنا تعود للحاكم فهو الأنا الواحدة والوحيدة في الوطن ولا أنا تأتي قبلة , وحتى معه . لا يقبل بأي أنا في عالمه الخاص  ,  وابن عمي , يقصد بها حرفيا ابن العم والقريب و الطغمة التي تساعده على البقاء في الحكم , وترتبط معه ارتباطا عضويا , بحيث يكون بقائها مرتبط ببقائه وسيزولون إذا زال هو , أما الغريب , فهم بقية أفراد الشعب , الذين يكونون الغرباء في وطنهم , بقائهم وحياتهم وشقائهم مرتبط بكلمة من الحاكم وأبن عمه , لا تقولوا لي إنها موجودة فقط في بلد عربي واحد , بل موجودة في كل البلاد العربية , فالحاكم وأسرته هو المواطنون من الدرجة الممتازة أو الأولى وبقية الشعب مواطنون من الدرجة الثانية .
لنعد إلى القذافي والأسد , ونبين الأمثلة من حكمهما , فالقذافي , حكم ليبيا وجهز أبناءه لكي يتولوا الحكم من بعده في ثاني "جمهورية ملكيه" في العالم , أقول في العالم وليس في العالم العربي , وقد تكون في التاريخ , قد يأتي من يقول ان "انديرا غاندي" حكمت الهند  وبعهدها ابنها "راجيف غاندي" وهي حكمت بعد أبيها "جواهر لال نهرو" , فنقول لهؤلاء إن لا "جواهر لال نهرو" ولا ابنته "انديرا" ولا ابنها "راجيف" كانوا رؤساء للهند , كانوا رؤساء للوزراء , وتولوا الحكم لأن "حزب المؤتمر" كان صاحب الأغلبية في البرلمان الهندي ,  أما الحالة الثانية التي قد يحتج بها بعض الذين يؤيدون الجمهوريات الملكية , فهي حالة بوش الأب والابن في الولايات المتحدة , ونقول لهؤلاء , إن بين الاثنين فوارق زمنية  وبينهما رئيس آخر , فلم يرث الأب ابنه ,
نعود للقذافي , فلقد كان يدّعي انه من قبيلة القذاذفة وانه كان قحصيا , ( مع احترامي وتقديري لهذه القبلية , وكل فخوذها وعشائرها في الخليج وفي ليبيا ),  فلذلك عوملت هذه العائلة معاملة خاصة لا ينكرها احد , في مرافق الدولة , وحتى أن القذافي حاول نقل العاصمة الليبية إلى سرت , موطن القبيلة ومسقط رأسه ,  بالطبع قرّب بعض أبناء القبائل الأخرى منه , ولكن هؤلاء استطاعوا التقرب منه فقط بإظهار الولاء المطلق له , بالإيمان الذي لا يتزعزع بأنه هو المجد وهو الحاكم بأمره في البلاد .
أما الحاكم الثاني الذي يسمح لنا بالتكلم عنه هو بشار الأسد , وهو من أقلية  نصيريه علوية في سوريا , وهو أول من حقق  الجمهورية الملكية , وتكلمنا عن هذه المهزلة في الحلقة السابقة , فقد سار على نهج أبيه وقرب أخوته وأبناء عمه وخاله , وبعض أبناء طائفته , وجعلهم يتحكمون في المفاصل المهمة والسيادية في سوريا ,
هكذا أصبح للحاكم ظهرا في ليبيا وسوريا , وكما يقال . "الذي له ظهر لا يضرب على بطنه" , وأحس الحكام بالأمان والاطمئنان أن حكمهم سيسير إلى النتيجة المتوقعة, ولكن هذا الشعور تبين لاحقا انه شعور زائف , وغير حقيقي وغير منطقي , فلقد توقعوا أن يسكت الشعب , وان يتحمل أبناء الأمة أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية , ولكن هذا لم يحدث , والذي حدث هو العكس , وقد عشنا بالأمس ونعيش اليوم وسنعيش غدا  هذه الغضبة الشعبية , الغضبة التي أزالت عروشهم وكراسيهم , وكم أتمنى أن يعي ويفهم (أستلف هاتان الكلمتان من مبارك مصر وزين العابدين تونس) كل الحكام العرب أنهم يجب أن يلغوا هذه التفرقة بين مواطن الدرجة الأولى ومواطن الدرجة الثانية , وان يكون الجميع أمام القانون وأمام الحاكم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات.
جميع هؤلاء يحكمون ويدعون أنهم ممثلون للشعب , وأنهم يخدمون الشعب , وان الانتخابات الشعبية أو البيعة هي التي أوصلتهم للحكم , وان الشعب هو مصدر السلطات , ويذكرني هذا بقول الخليفة العباسي المعتمد , الذي لم يحكم ولم يكن له من الحكم إلا الاسم فقط :
أليـس من العجائب أن مثلي *** يـرى ما قلَّ ممتنعًا عليـه
وتؤخذ باسمه الدنيـا جميـعًا *** وما من ذاك شيء في يديه
إلـيـه تُـجمَـع الأمـوالُ طُــرًّا *** ويُمنع بعض ما يُجبى إليـه

فالدنيا والأموال تجبى باسم الشعب ولكن الشعب لا يحصل عليها , ولا يستفيد منها , فهو مصدر السلطات ومصدر الأموال , ولكنه ليس المصب , ولكن حتى ولو سكتت الشعوب ردحا من الزمن , فمن الغباء أن يظن الحاكم أن الشعب سيبقى صامتا إلى الأبد .
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان
كاتب مسلم عربي سعودي 

هناك 4 تعليقات:

  1. See Duvalier dynasty in Haiti, Somoza dynasty in Nicargua, Eyadema in Togo....

    ردحذف
  2. أ.ه.و.أ.ف.ح.ل.م.ك.أ

    ردحذف
  3. أم شهاب الدين19 أكتوبر 2011 في 4:00 م

    بعد انقلاب 1975 الذي اطلق عليه انقلاب المحيشي او انقلاب مصراتة قام القردافي بحل الجيش الليبي وقال حينها "أهلك ولا تهلك" ولتطبيق مقولته قام بتأسبس الكتائب التي تولاها ابناؤه وزبانيته المقربين من المرتزقة المأجورين سواء كانوا ليبيين أو أجانب. واعطى المناصب لابناء قبيلته ولبعض القبائل المشهورة بحبها للمال .

    ردحذف
  4. سورية الاسد معه ثلاث ارباع الشعب السوري بقلبهم وحبهم وعربيتهم المفقودة عند العروب

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام