الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

الأسد و القذافي – عينة من الطغيان العربي (1)


بداية , لا أود أن استرسل في نظرية المؤامرة الغربية على العالم العربي , وكيف  أن المستعمر عندما خرج من عالمنا ,  وضع من ينتمي له فكريا وأن اختلف معه ظاهريا في السلطة , ولا أود أن أتكلم عن المؤامرات التي أحاطت بنا من جميع الجهات وذلك لضمان امن وسلامة الدولة العبرية التي زرعت في قلب العالم العربي .

كتب حول هذا الكثير و نظّـّر لهذا الكثيرون , ولكن  وددت أن أتطرق للتشابه بين من كان يسمى بالقيادات العربية , وأيضا بعض من بقي في القيادات العربية , ولكن لعدم القدرة على المساس بمن بقي في السلطة وحتى لا أتعرض  للسجن أو الملاحقة , فلنكتب عن من تم فضح أسلوبه  ومخططاته , وزيفه وكذبه , وبالطبع اقرب مثالان يمكن الاستشهاد يهما لإثبات أن الكثير من القيادات العربية يتغنى بليلى وهو يحب غيرها . يتغنى بالشعب وهو يحب السلطة والثروة , يتغنى بالصمود وهو مستسلم , وبالعروبة وهو مرتمي بأحضان القوى الخارجية , كل ما يتغنى به ظاهرا تجده مخالف له حقيقة .

ولمحاولة تسليط الضوء ومعرفة أن الطغيان العربي ينهل من منهل واحد ويشرب من معين واحد , سأذكر نقاط تشابههما , وبعد ذلك نعرض لأوجه الاختلاف , وإن كانت أوجه ألتشابهه بينهم  دائما ما تكون بالمنهج والطريقة أما الاختلاف فيكون بسبب اختلاف الموقع  وبعض الأسباب الخارجية , أما المنهج  والإستراتيجية فهي عامة وقد يكون التشابه حتى في التكتيكات المرحلية .

أول حالات التشابه هو "جهلهم بالقوة الحقيقية لشعوبهم"  , وهذا الجهل بالقوة الحقيقية , يصاحبه احتقار وازدراء , وهذا الكره والازدراء بل وقد أقول الاحتقار ,  يكاد يكون سمة غالبة على جميع المسئولين العرب ( عادة ما أكون من معارضي التعميم , إلا إني هنا قد أكون مجبرا على التعميم ) فالمواطن لديهم عالة على الحكومة , ويجب أن يكون شاكرا لأي مكرمة تتنزل عليه من الباب العالي , وهو ليس أهلا لهذه المكرمات التي تتنزل عليه من السلطات ومن أصحاب القرار . يمثل لنا الحاكم كإله في بعض الحالات , أو صاحب تفويض إلهي في حالات أخرى , لا أعلم هل كان أبا بكر الصديق أو عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كان لديهما تفويض الهي , وكيف  نقارن قول عمر بن الخطاب انه لو عثرت بغلة في العراق لسأله الله عنها لماذا لم يعبد لها الطريق , فيقول عن نفسه مسئول بمعنى أن عليه مسئولية , لا بالمعنى الذي نعرفه الآن , فنحن لا نقول عن المسئول , أن عليه مسئولية , بل بالعكس , فالمسئول لدينا لا يمكن أن يسأل , واقترح أن يغير مسماه من "مسئول" إلى  أي مسمى آخر , فالاسم لا ينطبق على الفعل ,
استرسلنا في الحالة العربية لأنها الحالة العامة , ولنعد إلى حالة معمر وبشار , فهما احتقرا شعبيهما أيما احتقار , معمر يرى أن دوره اكبر من شعبه , فهو زعيم إفريقيا كلها وملك ملوكها , وشعبه عالة عليه , وهكذا يشعر ويعمل بشار , فدوره الإقليمي اكبر من الشعب السوري , والسوريون عالة عليه , تساويا في الجهل إن لدى الشعب القوة الحقيقية لإزالتهما  , لا احد منهما يعلم إن الشعب هو صاحب الأرض وهو المانح الحقيقي للشرعية , ولا يمكن لأي حاكم أن يكون شرعيا لدور يقوم به في محور خارجي أو علاقات خارجية ,
كما أنهما جهلا أن قوة الشعب توجد أيضا في قدرته على تحمل التضحيات والقتل والتجويع , فقوة الشعب تنتمي في ما نسميه تفتيت التأثير من جهة وتعميقه من جهة أخرى ,
"تفتيت التأثير" حيث انه لا يمكن قتل جميع الشعب, فتأثير قتل مجموعة يتفتت ويتوزع على مجموع الشعب فيضعف من هذه الجهة , وهكذا يكون تأثيره المباشر صغيرا , وفي نفس الوقت نجد أن هنالك "تعميقا" للكره للحاكم في مجموع أفراد الشعب , فكل قتيل يسقط على أيدي السلطة يعمق الفارق ويوسع الهوة بين الحاكم وشعبه , وجهل الحاكم العربي بهذا التأثير الثنائي من "التفتيت والتعميق" يوقعه داخل الدوامة , التي لن يخرج منها سالما إن دخل بها , فبسقوط أول قتيل يبدأ الحاكم في السقوط في ألدوامه , ويصبح كمن يشبه العطشان الذي يشرب ماء البحر .
وحتى أن سكت الشعب لفترة فلا بد أن يثور , وفي كل مرة يزيد عمق الثورات ويكبر حجمها كما حدث في ليبيا وسوريا . فلقد قامت العديد من الثورات والحركات المطالبة بالإصلاح , ولكن تمادي السلطات في كلا بالبلدين  وتمكنها من إخراس تلك الثورات , صور لهما أن  في كل مره ستتمكن قدراتها على القمع من إسكات الشعب . ناسين أن لكل جسم  قدرة على تحمل بعض الضغوط , ولكن ستأتي لحظة  , ستسقط القشة التي ستقصم ظهر البعير , وهذا ما حدث في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن . وهناك دول مرشحة على المدى القريب وأخرى على مدى ابعد . ولن يتمكن أي نظام عربي من البقاء إذا ما جهل القوة الحقيقية للشعب , وما دام يعتبر الشعب عالة عليه , ويتعامل معه بنظام المكرمات والكرامات وتأليه الحاكم أو اعتباره نصف ألاه آو مفوض من ألاه ,
لن أطيل عليكم اكثر وموعدنا قريبا في الحلقة الثانية , حيث سنتحدث عن وجه آخر للشبه بين بشار و القذافي دون إغفال لبقية العالم العربي.
وعلى طريق الحرية والكرامة نلتقي .
صالح بن عبدالله السليمان
كاتب مسلم عربي سعودي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام