السبت، 8 أكتوبر 2011

أنا أفضل منكم جميعا


 شعوبنا العربية مصابة بداء لا يمكن أن يترك دون أن نبحث فيه .  داء يفرق أوصال الأمة ويقطعها , ويقسّم المقسم ويجزأ المجزأ ,
ولنكن صرحاء مع أنفسنا ولو لمرة واحدة , لنفتح الجرح ونخرج القيح , ونعالجه , لا أن نتستر خلف كلمات باهتة نعرف إنها لا تصل حتى لمستوى التبرير الكاذب , نقول إنها أفعال أحادية  , وتصرفات فردية .

تجد العربي يحتقر أخاه العربي ويصمه بالنواقص , فنجد المصري يحتقر  ما عداه من العرب , والليبي يفعل نفس الشيء والسوري كذلك , وكلّ يصم إخوانه بالنواقص ويعتبر نفسه أعلى من البقية ,
كيف يكون المصري أعلى من غيره ؟ , وكيف يكون السعودي أعلى من غيره ؟ والليبي والمغربي والسوري واللبناني , لماذا كل منا أعلى من البقية ؟ أهو حق إكتسبناه من ميراث ورثناه ؟ أم حق إكتسبناه بالميلاد ؟
هل السعودي أحسن من غيره لأنه اختار أن يكون سعوديا ؟ هل الليبي أحسن من غيره لأنه اختار أن يكون ليبيّا ؟
إن الذي يفتخر به ليس ما كان دون اختيار منا , بل الفخر يكون بخياراتنا التي اخترناها , وقناعاتنا التي اقتنعنا بها , وبأعمالنا التي قمنا بها . لا  بأننا ولدنا كذلك ,  فلم يختر أي منا مكان ميلاده ,  ولا لون بشرته ولا أصله , فمن ولد مغربيا , ولد غصب عنه وليس خيار له .
يقولون إن السعودي والليبي كسولان , والمصري مخادع والسوداني خامل والـ ....  الخ , كلها أوصاف أطلقها  مرضى التفرقة  يصفون إخوانهم ,  والكثير منها تم تبنيها إعلاميا , تبناه بعض الإعلاميون العرب سامحهم الله , كم رأيت من مقال لمن نعتبرهم من النخب العربية , وليس نخب إقليمية , نخب تتكلم في الليبيين , تضع فيهم عيوب عامة , أو في السعوديين تصم عامتهم بنقائص , أو تتكلم عن المصريين وتنسب إليهم أخطاء عامة ,
مثل هذه النخب , هي داء وليس دواء , هي عار على الأدب والثقافة , وأي كاتب مهما كانت قدرته على صياغة الجمل , إذا سقط في وحل التعميم المخل وبدأ بالهجوم على شعب عربي فهو مجرم بحق أمته ,  وهو داء  لها , ويعمل على نشر دائه .  يعمل على أن يرسخ مفهوم التفرقة والتجزئة .
النخب التي تضع عيوب في عامة شعب  من الأمة . نخب تبحث عن أخطاء فردية فتعممها .
هل تعلمون من يرسخ مثل هذه المفاهيم , إنها السلطات والطغاة . وغرضهم من ذلك واضح , إنها التفرقة بين أفراد الأمة , وتعميق الفجوة بين الشعوب , فالليبي والسعودي والمصري والعراقي والجزائري يختلفون عن بعضهم , وليسوا جزء من أمه واحده , وليس لهم نفس الطموحات وليس لديهم نفس المشاكل  , يخافون من أن نجتمع , يخافون من أن تتوحد مشاعرنا , يخافون من أن تتوحد قلوبنا , ويساعدهم في ذلك بعض من نسميهم كتابا أو نخبا .
وكم يزعجني أن أرى الشعوب تتبنى مثل هذا , ولكني أقول انه داء يجب أن نعالجه ومرض يجب أن نقضي عليه .
اتقوا الله , ولا تنشروا التعميم المخل في عالمنا , واشكر الله ثم ثورات الربيع العربي التي عملت وتعمل على توحيد الشعوب العربية , وقريبا إن شاء الله , سنكون امة واحدة , وان لم نتوحد سياسيا , فأمامنا الكثير من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية وغيرها الكثير و الكثير مما يمكن أن يوحدنا , أتمنى أن يأتي يوم يكون الجزائري والتونسي والكويتي واليمني , هي للتعريف وليس للتفريق , كما كان اسم الأمام البخاري والنسائي والترمذي , هي تعريف لهم وليس تفريقا . ولنتوقف عن تفريق المفرق  وتجزيء المجزأ .
لنعلم يقينا ,  إننا في نفس القارب , ويجب أن نجدف في نفس الاتجاه وإلا لن يسير قاربنا إلى الأمام , وسنبقى نجدف إلى الأبد , وندور إلى ما لا نهاية , ولنتوقف عن الإدعاء بأنني أفضل منكم جميعا .
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان
كاتب مسلم عربي سعودي

رابط مختصر للمقال http://goo.gl/x5stss

هناك 6 تعليقات:

  1. سجايا من ليبيا8 أكتوبر 2011 في 3:58 م

    بارك الله بك ونفعنا بقلمك الصادق وشكرا لك لوقفتك الرائعة مع أهلك في ليبيا فقد أنصفت ثورتنا حين خذلها الكتاب الآخرين الذين يدعون أنهم قوميون وثائرون جزاك الله عنا خير الجزاء أخينا الكريم وعلى دروب الحرية التقينا وسنلتقي دوما باذن الله

    ردحذف
  2. اوافقك تماما في حفره واحده اي خندق واحد اينعم الشرق الاوسط الكبير اين كنت ايها الكاتب عندما كنت اكافح وحدي المعلقين بالجزيرة والعربية وغيرها حتي بالرياض التي منعت نهائيا تعليقاتي لانها قاتله اين كنت يا اخي من سنة 2007 وانا اكافح واقول اتقواا الله ولا تقدحوا في الرساء وفي الشعوب واحاول ان اشكل فارق وعموما السبب والمسببات في ما حدث كله لا يمكن ان يطرح هكذا بعد ان يصل الحمق حتي في تغيير راية دوله لتنفرد اخري باللون رؤساء مثل الصبية يا اخي اكتب في الزراعه اجدي لان العرب وماضي العرب وما يفعل بالعرب واضح للشارع العربي ولكنهم كرهوا ان يناقشوا الحمقي وبالاخص الين لا يشعرون بالخطر

    ردحذف
  3. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  4. ادريس الاحلافي6 يناير 2012 في 2:02 م

    نعم .. صدقت فيما تقول ..خيرنا من يؤدي واجبه .. خيرنا من يحترم الاخرين ويكون قدوة في قوله وعمله .. خيرنا من لا يخون بلاده واهله من اجل منفعة زائلة او خوف او طمع .. خيرنا من افاد غيره بعلمه وبنصحه ..

    ردحذف
  5. اعتقد ان السبب هو الجهل او التجهيل المصحوب بالشعور بالنقص لدي البعض والذي يظن ان الاستنقاص من الاخرين سيعلي من شأنهم. انه من الأعراض النفسية التي نراها واضحة عند الاطفال عندما يشعرون بالاهمال من ذويهم. وللأسف معظم عالمنا العربي هم عبارة عن أطفال كبار لم يكتمل نضجهم ولكن تراكمت احباطاتهم بعدد سنين عمرهم.!  ليبية حرة

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام