الجمعة، 28 أكتوبر 2011

حكامنا بين العقل والجهل



بين القذافي والأسد (4) , سعيت جاهدا أن اجعل هذه المقارنة بينهما على شكل مقالات منفصلة ,لتسهل على القارئ , وهذه المقالات  تتحدث عن الحكام العرب , وفي نفس الوقت تجعل من القذافي والأسد أمثله للصفات المتشابهة بينهم ,
تكلمنا في الحلقات الثلاث  السابقة عن الحكام العرب كيف أنهم لا يدركون القوة الحقيقية لشعوبهم  
مما جعلهم يحتقرون هذه الشعوب ولا يعتبرون لشعوبهم  قيمة حقيقية وتأثير في مجريات الأمور , وتكلمنا عن وعودهم الزائفة بالإصلاح غدا وليس بالإصلاح اليوم  ثم تكلمنا عن في الحلقة الثالثة عن إيمان الحكام العرب بمقولة " أنا وابن عمي على الغريب " والغريب بالنسبة لهم هو الشعب .
أما اليوم فنتكلم عن الجهل المركب لدى الحكام العرب , جهل مركب يعانون منه  , وتجهيل  أو محاول تجهيل لشعوبهم .
نتكلم اليوم عن نقطة اتفاق بين الحكام العرب , ولكن لتتضح هذه النقطة اتضاح لا يقبل اللبس , يجب أن نتذكر قصة العالم إلي ندعوه بالعالم العربي من منتصف القرن العشرين إلى العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين , مرت اكثر من  سبعون سنة والعالم العربي في انحدار , بالطبع قد نكون تطورنا في العالم العربي , تطور مادي من ذلك الوقت إلى الآن, تطورت وسائل معيشتنا واتصالاتنا ,   ولكن هذا ليس بفضل قادتنا وحكامنا , بل بسبب خارج عن إرادتهم , فوالله إنهم يتمنون أن نبقى في مجاهل القرون الوسطى  ’ ولكم كانوا عقبة في سبيل التطور وأعطوا لذلك أسباب منها , للمحافظة على المجتمع , ومنها درء المفاسد , ومنها أسباب أمنية , فهذا التطور الذي ننعم به اليوم هو حاصل تطور الإنسانية من حولنا .
هل تسمحون أن اذكر لكم بعض الطرف التي درستها ولنرى هل تطورنا حقا أم إننا في تخلف .
أرسل  "إمبراطور التطور"  في اليابان "الإمبراطور ميجي " إلى محمد على باشا يطلب منه أن يرسل بعض الخبراء لمساعدته على تطوير اليابان , تصوروا , مصر تساعد على تطوير اليابان .
سافرت إلى سنغافورة في وقت من الأوقات , والله إنها كانت كقرية من قرانا , شوارع ومباني ,  وكذلك هونج كونج ,  كان فيها مناطق الداخل مفقود والخارج مولود بسبب التخلف , أما الصين فكانت حتى الثمانيات من القرن الماضي في آخر قوائم التطور  ,
ولكن لنرى كيف انتقلت الآن ؟ هل نقارن أي دولة من دولنا بأي دولة ممن ذكرت ؟
أتعلمون ما السبب ؟ قادة هذه الدول استخدموا العقل , وعرفوا إن كرامة دولهم هي كرامتهم , وعزتها هي عزتهم ,
نعم الصين دولة استبدادية , ولكن المستبد فيها رأى إن بقاءه  مرتهن بتطور بلده ,
أما حكامنا فاستعملنا التجهيل والتخلف للسيطرة على شعوبنا ,
ولكن لم يكتفوا بهذا , بل حتى عندما ثار عليهم الشعب , وطالب بحقوقه , حقوق إنسانية ضرورية  وليست من الكماليات , فالحرية ضرورة , والكرامة ضرورة , ووضوح الرؤية  للمستقبل ضرورة , واستخدام موارد البلد لصالحة وليست لجيوب الحكام وأزلامهم ضرورة , القضاء على الفساد ضرورة .
بماذا قابل  هؤلاء الحكام ؟, وبماذا سيقابل الآخرون  هذه المطالب ؟
قابلوه و سيقابلونه أيضا بالجهل والتجهيل , يذكرني فعلهم هذا بقول الشاعر العربي 
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
كأن مطالبة الإنسان العربي بحقوقه جريمة يستحق بها القتل والتعذيب والتنكيل , ولا نعلم ما هو الحق الذي لا يحق للإنسان المطالبة به ,
استخدموا  أعتي أنواع الأسلحة من رصاص حي ومدفعية ودبابات وطائرات  لقتل صوت الحق في شعوبهم , فحق أنهم جهلوا فوق جهل الجاهلين .
ولكنهم نسوا خلال عتوهم   هذا , أنهم في الجهة المقاومة للتغير , وكل جهة مقاومة للتغير ستهزم ,
لذلك وكما بشرت القذافي بالهزيمة في مقال لي في مارس الماضي , فأنا ابشر بشار بالهزيمة , وابشر كل حاكم بالهزيمة إذا ما قاوموا التغير . فالتغيير والتقدم سنة من سنن الله في خلقه , ومن يقاوم السنن الإلهية سيسقط .
القذافي الذي لم يألو جهدا في قتل شعبه , استخدم أقذر السبل وأقذر الوسائل , ومع هذا سقط , وها هو علي صالح اليمن يترنح تحت ضربات أجمل الثورات , وها هو بشار تهز جذوره   ويقترب الشعب السوري من قلعها من ارض سوريا ,
النقطة الوحيدة فقط , كم هي التضحيات التي يجب على الشعوب  أن تدفعها ؟ كم من الدماء يجب أن تدفع بسبب جهل حكامنا ؟
بقى أن نحذر بقيه الحكام العرب , اتقوا الله في شعوبكم , اتقوا الله في دماء شعوبكم , اتقوا الله في حقوق شعوبكم , اتقوا الله في أموال شعوبكم , اتقوا الله في مقدرات شعوبكم . وإلا فالأمثال أمامكم ,
ثلاثة حكام زالوا أو أزيلوا , واثنان في الطريق سائرون , وأمامكم فرصة , فليتكم تنتهزوها , وتحترموا شعوبكم ومواطنيكم , فهو السبيل الوحيد للمحافظة على مكانكم ومكانتكم في التاريخ  .
لا يكن جهلكم مركبا , جهلكم بالتاريخ وجهلكم بالحاضر وجهلكم بالمستقبل ,
أتمنى أن ينال كل إنسان في عالمنا العربي حقوقه بصورة إنسانية , وبطريقة حضارية , وأن لا يتوجب عليه أن يدفع ضريبة الدم والعرق والدموع كما فعل إخواننا في تونس ومصر وليبيا , وكما يفعل اليوم  أخواننا في سوريا واليمن .
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان
كاتب مسلم عربي سعودي

هناك تعليق واحد:

  1. أنهم لايتعظون ممن سبقهم وماحدث معهم وهذاالجهل بعينه .. فكل منهم لايصدق أن يحدث معه ماحدث مع غيره ويظل يفكر بأنه في مأمن .. ولكن هيهات
    فبعد السقوط المخزي للطاغية المجرم الشيطان لن يبقى أحد منهم في مأمن .. وليكن خطابك هذا تحذيرا لكم ياحكامناالعرب ..

    على دروب الوفاء نلتقي

    هدى الباشا

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام