الجمعة، 13 يوليو 2012

"بين العاقلين لا يشق ثوب"


في هذه الفترة التاريخية من حياة أمتنا , ونحن نطالب بالتغيير , يجب أن نعلم انه لن يكون هنالك تغيير إن لم نتغير نحن , وأولى مراحل التغيير هي القبول بوجود الآخر .
 لا أعلم لماذا يتحول الاختلاف إلى خلاف, هل هذا لأننا لم نتعود على الحوار مع مخالفينا؟  ولماذا نسمح أن تزيد الشقة فيتحول الخلاف إلى صراع ؟ وتنطلق بعدها حملات تخوين وتكفير ,

أول ما يجب أن نقوم به كأفراد هو تعلم أدب الخلاف , وان ينصب نقاشنا وجدلنا حول أفكار  أو ظواهر  أو وقائع , وأن لا نقحم أنفسنا في نقاش لا نلم بجوانبه إلا على طريقة سؤال لاستيضاح , أو طلب دليل .
بغير هذا نحن لا نبني بل نهدم , لأن أولى خطوات الهدم في المجتمعات هو نشر عدم الآمان والقلق , ليس بالسلاح والفوضى فقط , بل بالفكر أيضا , والفكر أهم .

يجب أن نقبل بالواقع , ونحاول التعايش معه وإصلاحه , ويحق لنا ننتقده , أليست هذه هي الحرية التي نرجوها لنا جميعا ؟
من حق كل شخص أن يتكلم بما يظنه صواب , ولكن ليس من حقه أن يسلب الآخرين هذا الحق .

تعلمت هذه القاعدة  خلال العمر الطويل الذي عشته في احد جنات الديمقراطية , في اليابان , حيث يوجد حزب شيوعي وحزب اشتراكي , وأحزاب ليبرالية ورأسمالية وقومية  , بل وحزب ديني أسم "كوميه تو" (New Komeito (NKP ويعد ثالث أكبر حزب , ولم ينكر احد على أحد وجوده وأن أنكر فكره , فأصبح نقاشهم وجدلهم على صحة الفكر وخطأه , بل وقد يصل إلى تبيان صحة بعض الفكر في ناحية وخطأه في أخرى  , وليس على حقه في الوجود من عدمه ,
أليس هذا هو المنهج الرباني القرآني بقوله  تعالى ( لكم دينكم ولي دين ) أليست هذه هي الحرية التي قال الله عنها (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) وجعلها خيار , وسيحاسب الإنسان على خياراته ؟؟
يجب أن يكون التوجه الآن إلى نقاش الفكر وليس حرب الوجود . ونعلم أن وجود تيار لا يلغي التيار الآخر , فحتى في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم  كانت هناك تيارات بين الصحابة رضوان الله عليهم , وكل مجموعة تعطي أولوية لآمر , بل وكان هناك تيار منافقين , وكل أفضى لما أختاره لنفسه .

نجد البعض يحاول إنكار وجود الإسلام السياسي في المشهد ( سواء اتفقنا معه أو اختلفا ) فهو موجود , وموجود بقوة , ولا يمكن إغفاله لكل من يرغب في فهم السياسة .

وفي المقابل هنالك من ينكر وجود التيار الليبرالي (سواء اتفقنا معه أو أاختلفنا ) في المشهد السياسي ,
هؤلاء المنكرين هم كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمل ,
يجب التعامل مع الحقائق وليس مع الرغبات والأهواء. كلا التياران موجودان وغيرها من التيارات موجودة في المجتمع  , وكلهاا مؤثر .
ولا يجوز الاستمرار في حملات التخوين والتكفير , فهي لا تبني وطنا , ولا تطور اقتصادا .

يجب أن  نتعلم أدب الاختلاف , وأدب الحوار , ونحاول أن لا نلغي وجود الآخر .
ولدينا مثل شعبي يقول " بين العاقلين لا يشق ثوب "
صالح بن عبدالله السليمان



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام