السبت، 14 أبريل 2012

نحن و المؤامرة علينا


قد تكون نظرية المؤامرة واحدة من اكثر الآفات ظهورا في الفكر العربي .ليس على المستوى الشعبي فقط بل وحتى على مستوى بعض النخب سواء الإسلامية أو القومية وحتى الليبرالية. فكثير من الأمور نرى أنها فصل من فصول مؤامرة ما , 


 إما مؤامرة من رب العمل أو مؤامرة من أشخاص  ينوون الاستيلاء على شي ما , أو مؤامرة من الناتو ,  أو مؤامرة أمريكية أو غربية أو صهيونية , واذكر أن أستاذا لنا في المرحلة الثانوية , قال نكته , لم اعرف عمقها إلا منذ وقت قريب , إذ قال " لو قلت لكم أن اليوم عليكم اختبار ستقولون مؤامرة صهيونية " .
والتفكير بنظرية المؤامرة يجعلنا نحكم على الأمور بمقياس غير واضح , ونبدأ في الحكم بالنوايا , وبالربط بين أمور لا يمكن ربطها عادة , وكما كان يقول حسني البرزان في مسلسل صح النوم  ( والتي مثلها  الممثل نهاد قلعي ـــ رحمه الله) عندما كان يطلق عبارته الشهيرة ''إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا فيجب أن نعرف ماذا في البرازيل'' ولا نعلم إلى الآن ما علاقة ايطاليا بالبرازيل .

فتخلفنا مؤامرة , وثورات الشعوب للمطالبة بالحرية والكرامة مؤامرة , وتعيين فلان مؤامرة , وإقالة فلان مؤامرة , وكأن العالم نسى كل مصالحه وإشغاله وعلاقاته ويخطط و يتآمر علينا ,
بالطبع  كل الأمم تخطط لنفسها ومصالحها , وهذا من حقها , وقد تتلاقى المصالح أحيانا وقد تتقاطع , ولكن ليست مؤامرات , بل هي مصالح متقاطعة أو متلاقية ,
يجب علينا أن ننسى كلمة مؤامرة , وان نخطط لأنفسنا تخطيطا استراتيجيا , نلتقي من بعض الأمم في نقاط ونختلف في أخرى .
ننسي في خضم الإيمان بنظرية التأمر أنها تعطي لمن يتهم بالتآمر قوة ليست ملكه حقيقة , و تعطيه تفوق وأسبقية علينا , ونصبح كالخراف التي تسمن بغرض الذبح  وكأننا  قطيع يتبع المتآمر .
وهنالك مقولة  للإعلامي فيصل القاسم  " اختلفنا معه أو اتفقنا ولكنه قال الحقيقة  , فيقول (متى العملاق يتامر على القزم)
عجز الحكومات عن التنمية يجعلون  إسرائيل والغرب هم السبب , و لأنهم يتآمرون علينا, وهكذا  تخلفنا عن العالم , وعندما تسأل لماذا ؟ تأتيك الاجابة المعلبة السريعة التحضير ,  "إنها المؤامرة "
أننا  مجتمع لا نريد ولا نستطيع ان نواجهه الحقيقة  المباشرة , ونتستر وراء نظرية المؤامرة .
لكن  هل هي مؤامرة ؟
أقول لا . بل الحقيقة أن الكل يبحث عن مصالحه , ومتى ما تقاطعت مصالحهم معنا فسيقدمون مصالحهم , وهذا من حقهم .

فها هي الصين المختلفة عقائديا مع الغرب تتحالف معه في نقاط , وتختلف معه في أخرى , تستثمر في الولايات المتحدة مبالغ تعادل ميزانيات الدول العربية مجتمعة , وتختلف معه  في  أجزاء أخرى مثل كوريا الشمالية والموقف من سوريا وأفريقيا . حتى في ما بين الدول الغربية , نجد بريطانيا  وفرنسا تتفقان وتختلفان , وأمريكا وأوربا كذلك , أنها لعبة مصالح , وليست لعبة شعارات ومؤامرات كما نظن .
بقي علينا نحن أن نعرف مصالحنا ونحافظ عليها سواء على المستوى الشخصي أو مستوى الدولة أو الأمة , وان نتعامل مع بقية دول العالم على أسس مصالحنا , وليس على أسس شعاراتنا .

لقد أكتفينا من هذه الشعارات الجوفاء , ولنتخلص من عقدة الشعور بالنقص , ولنلعب مع العالم لعبته , لعبة المصالح .
وعندما نتعلم لعبة المصالح التي تلعبها أمريكا والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا , حينها سنقف موقف الند لهم , أما إن بقينا نتهم هذا وذاك بالمؤامرة ضدنا , ونسينا الدفاع والتخطيط  مع ما يتوافق مع مصالحنا , فحينها , سنبقى أسرى فكر غوغائي ملأ  إعلامنا لعشرات السنين . أضاع علينا الكثير من حقوقنا , وأضاع علينا الكثير من الزمن .
الفرق كبير بين نظرية المؤامرة , ونظرية المصالح , المؤامرة طرفاها طرف مستفيد أو طرف متضرر , أما نظرية المصالح فكلا الطرفان يجب أن يستفيدا , فإذا تعاملنا مع الوقائع على أنها مؤامرة , فواجبنا إن نحاول منع الضرر فقط , بينما إذا تعاملنا على أساس المصالح حينها نحصل على مصالح أو فائدة , هذا فرق جوهري بين الإيمان بنظرية المؤامرة , أو معرفة أنها لعبة مصالح 
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي

صالح بن عبدالله السليمان


هناك تعليق واحد:

  1. لا أتفق معك تماماً...أنا لا أقول أن كل شيء مرجعه إلى المؤامرة, لكن في نفس الوقت لا يمكنك نفيها:
    الأنظمة العربية البائدة, هل جاءت صدفة؟! ثم تواطئها مع الغرب..
    التقاعس الدولي -والعربي أيضاً- عن قضية فلسطين..
    كذبة 11 سبتمبر! والحرب على الإسلام..
    وغيرها الكثير ولا تفسير لها سوى المؤامرة

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام