الجمعة، 30 مارس 2012

علمائنا ودعاتنا والقمار


انتهت معمعة "الأرب أيدول" , وما دار حولها من كلام , و تغريدات على تويتر , وما كانت هذه تلبس وما قالت فلانة وما رد فلان , وخرج من اعتبر فائزا وأنسحب من أعتبر خاسرا , ولا أعلم ماذا خسر الخاسر وما كسب الفائز .
ولكني متأكد أن القناة التي أقامت هذا البرنامج هي الكاسب الأكبر ماديا ,

كلنا يعلم أن الإسلام حرّم ما يضر الإنسان , وحرم ما يضر المجتمع ,  سواء إنسانيا أو اقتصاديا , ومن ذلك , حرم أكل الأموال بالباطل , ومن ذلك الربا والقمار والرشوة  . ودور العلماء هو أن يبينوا للأمة أحكام ما يستجد من أمور .

خرج علينا الكثير من العلماء ليتكلموا في حرمة الغناء , وخرج آخرون ليتكلموا في خطر هذه البرامج على النشء المسلم ,  ولكني لا اعلم لماذا هذا التقاعس في تبيان حرمة تمويل مثل هذه البرامج ,

هذه البرامج تمول من بيوتنا ومن شبابنا وشاباتنا , تمول برسائل الجوال التي يقال أنها للتصويت على المشترك الذي تفضل , فكلما أكثرت من الرسائل أزداد حظ المشترك الذي تفضله بالفوز .
سمعت وقرأت عن أشخاص  صوتوا بمبالغ ضخمة ,  يقال أن احد الأشخاص السعوديين صوت بمبلغ 100 ألف ريال , و آخرون مثله , هذه البرامج مربحة للقناة , وتكاد تكون من أهم مصادر تمويلها ,  فلماذا سكوت علمائنا ومشايخنا عن الكلام في هذه النقطة ؟
أين الدعاة الذين لم يتركوا صغيرة و كبيرة إلا تكلموا بها , لا نرى لهم كلاما حول هذه النقطة ؟
أهو حلال فلا يصح أن يحرم ؟ أم هو من المتشابه  فيسكتون عنه ؟ أم هو خوف من هذه القنوات التي تتبنى هؤلاء الدعاة ؟

قد تكون مسابقة "الآرب أيدول" من المتشابه ولذلك سكت عن مصادر تمويلها علمائنا ودعاتنا , ولكن هل القمار من المتشابه أيضا ؟
أليس من القمار أن تسمع أنت وأطفالك يوميا ليل نهار , أرسل كلمة كذا إلى الرقم الظاهر في بلدك وأكسب مليون أو مليوني ريال ؟
وبعد سيل من الإعلانات التي تدفع وتحث على شراء ورقة يانصيب , " أسف ,  قصدت إرسال رسائل  جوال " يظهر لك  بعد أيام فائز , وهو فرح يرقص من الفرحة , لقد حقق حلمه عبر القمار ,

أجتهد علمائنا ودعاتنا على تبيان حكم التأمين , بعضهم قال انه " بيع الغرر " , وبينوا حرمته , ونعلم أن التأمين لا يحتاجه الكثير من أفراد الآمة , ولا يتعامل به الكثير . ومن يحتاجه هو مجبر عليه , كتامين على العربات والمعدات , تطلبه أنظمة وقوانين . وأمور أخرى كثيرة مما اجتهدوا فيه , جزاهم الله خيرا .
ولكن هذه النوع من القمار , و تمويل القنوات والبرامج التي لا تنفع الآمة , ماذا عن حكمها ؟ لماذا لا نسمع أصواتهم عالية تنبه لهذا الخطر ؟

هنالك برامج حققت أرباح بالملايين من هذا النوع من التمويل , وهنالك شركات كثيرة قامت على هذا النوع من المقامرة , ولكن لا أسمع حكما حولها ,

بل وحتى شركات الاتصالات شريك لهم في  القمار والترويج له , فهم من أعطاهم الأرقام , وتحصل هذه الشركات على ما يقارب الـ 50% من قيمة الاتصال , أي بأضعاف قيمة الاتصال العادي , وهي التي تجبي لهم الأرباح من مشتركيها . فهي شريك رسمي .

اليانصيب الرسمي يكاد يكون أفضل حالا من هذا النوع من القمار , فهو مربوط بقوانين , والسحب مقنن , واستخدام الأموال مقنن , تشتري ورقة , عليها رقم , ويسحب الرقم  الفائز بتجمعات رسمية , ويشرف عليها أجهزة رسمية , والأموال تستخدم لإغراض الإغاثة ومساعدة  المؤسسات الخيرية .

ولكن مثل هذه الأنواع من اليانصيب , من هو المسئول عنها , وكيف تسحب الأرقام , وبماذا تستخدم الأموال , أنها الغاز لم أجد لها جوابا ,  أنها ألغاز غامضة .

أتمنى ان يخرج علمائنا ودعاتنا لتبيان الحكم فيها , وان لا يكون الحكم مخفيا , فقط لسد العتب , بل وان يصدر في كل وسائل الإعلام , كما هو شأن بقية ما يصدر عنهم , إلا إذا ..

وأترك ما بعد " إذا" هذه , حتى لا اتهم باتهامات أنا بعيد عنها , ولكن والله لا أثق بعلماء ودعاة , أراهم كل يوم وكل حين على الكثير من القنوات , بعد برامجهم الملئى بالمواعظ , يظهر إعلان عن سحب يانصيب , يعدك بتحقيق أحلامك في  الزواج أو شراء منزل أو سيارة , فقط أرسل رسالة إلى الرقم الظاهر .
فقط أشتري ورقة يانصيب لتحقق أحلامك .

صالح بن عبدالله السليمان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام