الأربعاء، 3 أغسطس 2011

القذافي والخيارات المتاحة أمامه



يعاني نظام القذافي من تنامي مد الاعترافات الدولية به وأصبح عددها الآن يزيد عن الأربعون دولة وكلها من الدول المؤثرة في القرار الدولي ,
وحتى الدول الكبرى مثل روسيا والصين تعترف بوجود فريقين في ليبيا , وكلاهما على قدم المساواة , فالمجلس الوطني الانتقالي وحكومة القذافي يعتبران شريكان حسب ما ورد من تصريحات متتالية من مسئولي هاتين الدولتين . إلا إن روسيا تتقدم على الصين في هذا الموقف ’ إذ دعا مسئولها إلى تنحي القذافي ,
الدول التي ما زالت تعترف بالنظام الليبي كنظام أوحد في ليبيا لا تتعدى إيران وسوريا والجزائر وفنزويلا وبعض الدول في أمريكا اللاتينية والتي تعتبر جميعها على هامش القرار السياسي الدولي .
وبدأ نظام القذافي , أو ما ندعوه بالنظام السابق في التفكير جديا بعدة احتمالات .
الاحتمال الأول :- وهو التقليل من انتصار الثوار ومنع دخولهم إلى طرابلس . وهذا هو الاحتمال الذي يرجحه الكثير من المحليين بحيث يكون انتصار الثوار نصف انتصار وهزيمته هو نصف هزيمة . ويعمل جاهدا على أن يتحقق , وذلك بعدة طرق عسكرية ومنها:-
استخدام خبرات خارجية في إدارة المعركة , حيث إن الخبرات العسكرية الليبية الموجودة لدى النظام ليست ذات فاعلية , بل وثبت فشلها في الأيام الأولى للثورة حينما اندفع الثوار من كافة الجبهات وأضحى النظام على شفا الانهيار , ولكن في الفترة التالية أثبتت القيادات الجديدة كفاءة عالية في قلب الموازين بل وأضحت بنغازي نفسها على شفا السقوط . ومن الخبرات التي استجلبها النظام خبرات فيلق القدس الإيراني , الذي يتمتع بكفاءة وخبرات عالية في إدارة المعارك داخل المدن إذ تدرب على القمع كما في كردستان الإيرانية و الأهواز العربية وداخل العراق ولبنان وداخل إيران نفسها . وبتأثير هذه الكفاءات نرى تشابها كبيرا بين تكتيكات الحرب العراقية الإيرانية وتكتيكات البريقة وزليتن بل والجبل الغربي وتتمثل في عمل السواتر وزرع الألغام بصورة عشوائية ووضع القناصة على أسطح المباني . وتلغيم الجثث وخدع استسلام ثم انقضاض كما حدث في بن جواد تاورغاء وبعض المدن الأخرى , وكذلك سحب الصراع إلى منطقة مكشوفة بالنسبة للثوار وقصفهم , ترك الممرات الآمنة وتركيز القصف عليها عند تقدم الثوار . كل هذه التكتيكات هي تكتيكات الجيش الإيراني أثناء حرب العراق وأثناء القضاء على الثورات الداخلية . وحتى ظهر مؤخرا استخدام الدراجات النارية والصحراوية في حركات الكتائب وهي من سمات الحرس الثوري الإيراني. ولكن هذه الدفاعات لا توقف زحف الثوار ولكن تؤخرهم وتكسب نظام القذافي الوقت لمحاولة إيجاد مخرج للنظام من هذه الأزمة , وأملا في أن يحدث انشقاق في صفوف الثوار يشتت جهودهم ويخفف الضغط .
استخدام الفتن وخلق المنازعات داخل الثوار على أمل حدوث انشقاقات داخل الثورة الليبية وثم اللعب على هذه الثورات والجلوس على مائدة مفاوضات يكون نظام القذافي على قمة المدعوين لها , وهذه بالطبع بدأ بتنفيذها بخروج ما يدعى بكتيبة نداء ليبيا او ما سمي بكتيبة يوسف شاكير , ومقتل اللواء يونس ومحاولات دس الفتن بين القبائل وكذلك بين الإسلاميين وغيرهم , فأي انشقاق يعتبر في صالح القذافي بدون شك
فإذا تحقق له ما أراد أصبح بإمكانه أن يساوم على أوراق يمسكها ويستطيع التخلص من المأزق الذي وقع به بخسائر اقل من الخسارة التامة ويضمن بقاء احد أبناءة في السلطة .

أما الاحتمال الثاني :- فهو هزيمته هزيمة كبيرة بحيث لا يستطيع الاحتفاظ بطرابلس العاصمة , عندها وبمعونة الأموال التي يملكها وبصلاته مع الأفريقيين والجزائريين يمكنه أن يؤسس لجبهة أو منظمة إرهابية تعيث في ليبيا فسادا وتحارب القيادة الجديدة , بالتعاون مع بعض الليبيين الذين مازالوا يؤمنون بقيادته , وهذا ما صرحت به مصادر مقربة من نظام القذافي حيث انه بالفعل بدأ بعمل جبه وتسمى على ما أظن "الجبهة الوطنية لتحرير ليبيا" على غرار متمردي دارفور أو جنوب السودان أو جبهة البوليساريو , فلنظام القذافي علاقة وطيدة مع هذه الحركات وهو من تبناها ودعمها , ويمكنه الاستفادة من خبراتها , وسيجد ملاذا آمنا في تشاد على الحدود الليبية الجنوبية وخصوصا ان تشاد ما زالت تزود القذافي بالمرتزقة من الجيش النظامي التشادي ومن مجموعات مقاتلة أخرى

بالطبع هناك احتمال انتصار القذافي وهذا غير ممكن بأي حال من الأحوال بسبب الظروف الداخلية والخارجية , فلا أظن أن بالإمكان وضعة ضمن دائرة الاحتمالات الممكنة . فلا الدول العربية ولا الأوربية ترغب في انتصاره أو بقاءه على رأس السلطة 

وهنا نؤكد على ان تماسك الثوار واصطفافهم  خلف المجلس الوطني الإنتقالي وقياداتهم ’ هو اهم  وسيلة لإبطال هذه المخططات والتعجيل بنهاية الطاغية 

صالح بن عبدالله السليمان
كاتب مسلم عربي سعودي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام