السبت، 6 أغسطس 2011

قصة قريتي والحاكم والمغارة



 سأقص عليكم قصة قريتي , لأني احترت كيف احل مشكلتها , فقريتي  قرية نائية محصورة بين جبال .  عاش أهل القرية تحت حكم سلطان ظالم يستعين بعائلته وبزبانيته في السيطرة عليها , ولم يكن هناك طريق للخلاص من القرية إلا طريق واحد . وهذا الطريق يمر بمغارة طويلة , ويصدر عن تلك المغارة أصوات مرعبة , مخيفة وهمهمات تجفل منها القلوب القوية .
كان لحاكم قريتي حكواتي يسلي ليلنا ويؤنس وحدتنا وينقل لنا أوامر الحاكم , قال الحاكم للحكواتي في القرية أن يقص للقرويين قصة الوحوش التي تعيش في المغارة , وان كل من يتجرأ على الدخول إليها  سوف تأكله الوحوش ولن تبقي منه حتى العظام , انتشرت الحكاية وزادت , أصبح القرويين بين نارين , نار الظلم ونار الوحوش ,
انتشرت المجاعة في القرية ,  ثار الناس على الحاكم , فهو يأكل طعامهم ويستولي على أراضيهم ويصادر محاصيلهم ,
لم يحتمل الناس الظلم والجوع فثاروا على الحاكم ثورة عارمة وتمكنوا من حصاره داخل قصره هو وعائلته وزبانيته .
طال الحصار على القرويين الجائعين . ولم يتمكنوا من دخول القصر لسد حاجتهم من الطعام المخزن بالقناطير في سراديبه وأقبيته وغرفه .
عرفوا أنهم إذا تراجعوا عن ثورتهم فسيخرج لهم الحاكم وزبانيته ويقتل نصفهم ويستعبد النصف الثاني , وسيكون اشد عليهم من ذي قبل .
احتاروا ماذا يفعلون , وجلس بعضهم يحارب الطاغية ويحاول إن يقترب من القصر ليفتح فيه ثغرة , ولكن القصر كان جيد التحصين , فالحاكم صرف في تحصينه  أموالا طائلة  , بل وسخرهم هم أنفسهم في قطع حجارة الجبل وبنائها ,
يعلمون أن الحاكم وزبانيته سيفرغ منهم الطعام إن طال الزمان أم قصر , ولكنهم هم أنفسهم جائعون ,
أما  البعض الآخر فجلسوا على مصاطب القرية يحاولون حل المشكلة التي وقعوا فيها , كل يدلي بدلوه , فهذا يقول نتباحث مع الحاكم ونحصل على جزء من الطعام وجزء من حريتنا , وآخرون يتنادون بان الوسيلة هي أن يهجموا كلهم هجوما انتحاريا واحدا على الأسوار , وذاك يتكلم عن توسيط بعض أبناء عم الحاكم لحل المشكلة , كثرت الآراء فلم يتفقوا على رأي واحد .
كان معظم أهل القرية يجلسون خارج مجلس القرية ينتظرون ماذا يقرر الجالسون على المصاطب , وبين وقت وآخر يخرج لهم احد المجتمعون ويقول لهم كلاما , وبعد قليل يخرج لهم آخر بكلام يخالف الأول , وبعدها يخرج أخر فيخالف ما قال سابقاه ,
 هم يحتاجون إلى طعام , ويحتاجون إلى حرية , ويحتاجون إلى استرداد كرامتهم , بل وبعضهم له ثأر عند الحاكم أو احد زبانية ويريد أن يقتص منه ,
وفي ذات مساء تسلل مجموعة من الشباب خارج القرية , واتجهوا إلى المغارة , كل منهم يحمل سلاحا , سكينا كان أم رمحا أم عصا , وقرروا أن يدخلوا المغارة , فلا طريق غيرة , فأما أن يموتوا جوعا , او يموتوا على يد الحاكم وأزلامه او يبقوا له عبيدا ابد الدهر , وكلها خيارات صعبة ومرّة ,
وما أن دخلوا المغارة , وخطوا خطواتهم الأولى ’  حتى انطلقت نحوهم مجموعة كبيرة من الخفافيش , وجرحت احدهم وهي خارجة من المغارة , ترددوا قليلا , فإذا كان هذا هو المدخل فما بالك بالوحوش الأخرى التي تقبع داخلها ,
استمروا بالسير تنحني بهم الطريق وتلتوي , وفي كل منعطف يتصورون أن الوحش سيهجم عليهم , وأنوار مشعلهم تعطي ظلال مخيفة على جدران المغارة , ورائحة الرطوبة تزكم الأنوف ,
وفجأة رأوا نورا خافتا , ليس نور مشعلهم , يضرب على جدار المغارة المظلم , وعند المنعطف رأوا نهاية النفق , وصلوا إلى النهاية , لقد كانت واحة غنّاء , ماء وفير , وطعام كثير,  وحيوانات ترعى , وطيور تغرد , وما كانت تلك الأصوات المرعبة التي كانوا  يسمعونها إلا صوت شلال الماء المتساقط بالقرب من  فتحة المغارة وصفير الرياح التي تمر به وأصوات بعض الحيوانات أو الطيور تتردد عبر الوادي ,
رجعوا إلى القرية وبشروا قومهم , إن هناك وفرة في الطعام  والماء عبر النفق , ويمكنهم أن يحاصروا القصر سنوات وسنوات , وما عليهم سوى الصبر على مشقة حمل الماء والطعام عبر النفق , وأن كان صعبا , ولكنه ليس مستحيلا , ويمكنهم أيضا أن يحصلوا على مساعدة من أهل قرى أخرى خلف الجبل في حرب الحاكم .
انقسمت القرية أقسام عدة ,

  • قسم يقول انه يجب ألابتعاد عن المغارة فقد يكون الوحش مختبئا ولم يشعر بهم ,
  • وقسم يقول لنترك القرية كلها للحاكم ولننتقل كلنا إلى ما بعد المغارة ,
  • وقسم يقول لنتحمل ونجلب الطعام والماء قليلا , قليلا ’  حتى نهزم الحاكم وسيكون لنا جنتان ,
  • وقسم قال إن الاتصال بأهل القرى الأخرى  سوف يفتح عليهم باب مصيبة أخرى فأهل القرى الأخرى سوف  يسرقون طعامهم ويستولون على أرضهم ويستعبدونهم  فيجب إغلاق طريق المغارة,
  • وقسم يقول بما ن سلاح الحاكم وزبانيته أقوى يجب ان نتعاون مع القرى الأخرى لإزالته . وإن كان للقرى ألأخرى أطماع فسنتعامل معها في المستقبل ,
  • وقسم  يقول أن بقائنا مع الحاكم اضمن لنا ويطالب بالعودة إلى حظيرته وتحت طاعته .
  • وقسم احتار ماذا يفعل فلا هو إلى هذا ولا هو إلى هؤلاء ,
السؤال لكم إخواني , ماذا ترون انه يجب على أصحاب قريتي أن يفعلوا ؟

صالح بن عبدالله السليمان
كاتب مسلم عربي سعودي

هناك 14 تعليقًا:

  1. الله يصلح حالهم...ليش يثوروا ع الحاكم ويجيبوا لنفسهم الفتنة والشقا ؟ المفروض كانوا يطيعوا الحاكم.
    ماكنوا عايشين واكلين شاربين................زي الخِراف

    ردحذف
  2. حاكم غبي..كان المفروض يسلّط عليهم شوية مشايخ يعلموهم العبودية والذل والاستعباد للحاكم في مقابل تجنّب الحرية والديمقراطية ومايترتّب عليها من فِتَن

    ردحذف
  3. إلى المعلق الأول، وهل الحياة كلها أكل وشرب؟ هل نحن خرفان أم بشر مكلفين؟ الله خلقنا لعبادته وهذا الطاغوت قيد حريتنا في عبادة الله عز وجل، حتى جعل صلاة الفجر في جامعة بالمسجد جريمة يستحق عليها السجن!! ومنع اللحى في صور جوازات السفر، يعني تحط صورة لك بدون لحية أو ما فيه تجديد جواز سفر. ومنع الكثير من الكتب الدينية حتى أمهات الكتب الدينية! وكان يسمي الحجاب "عمل الشيطان"، وأنكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر شفاعته وأنكر السنة النبوية، وشبه الحديث القدسي بتلمود اليهود ! وغير ذلك كثير.
    حتى المعاشات كان يحرم في الناس منها شهور وبعدين يعطيهم حصة الشهر الأخير دون الشهور التي قبلها، وهذا حصل شخصيا لأقارب لي، وسمعتها من آخرين أيضا. جرائمه قبل وبعد الثورة لا يمكنه إحصائها هنا، تحتاج لعدة مجلدات لتسطير جرائمه منذ بداية حكمه في ليبيا إلى اليوم.

    ردحذف
  4. اكيد أنا رأي أنهم يتحملوا ويجلبوا الماء والطعام قليلا واهم شئ الصبر فتكون لنا جنتان

    ردحذف
  5. أرى أن يصبروا ويجلبوا الطعام والماء من طريقالمغارة حتى وإن كان في ذلك تعب وشقاء..لأنه لن يساوي نقطة في بحر شقائهم وذلهم تحت حاكمهم إن هم خضعوا له وخنعوا، بل وسينعمون بخير كثير غير الأكل والشرب الذي هو هم صاحب التعليق الأول...فهناك شيء اسمه الحرية والكرامة والعزةوالحياة الكريمة البعيدة عن خرافات وزيفالطغاة وكتبهم وشطحاتهم في المأكل والملبس والمنطق والتعدي على الله عز وجل ورسله صلوات الله عليهم

    ردحذف
  6. رد على الأخ الذى قام بالرد على الأخوة السابقين وأقول له الله ينصر دينك ياخوى وبارك الله فيك عاجلا أم أجلا وبأذن الله سوف ننتصر على الطاغية وأزلامه مرتزقة وسف نكون يد واحدة فى كل شئ أولا: فى طاعة الله ورسوله... ثانيا:فى تحقيق العدل والمسواة فى البلاد ثالثا:بناء ليبيا وتطويرها فى كل المجالات أن شاء الله .... وأما تعليقى على القصة فهو لنتحمل و نصبر و نجلب الطعام والماء قليلا قليلا حتى نهزم الطاغية وتكون لنا جنتان فالصبر مفتاح الفرج ..

    ردحذف
  7. قسم يقول بما ن سلاح الحاكم وزبانيته أقوى يجب ان نتعاون مع القرى الأخرى لإزالته . وإن كان للقرى ألأخرى أطماع فسنتعامل معها في المستقبل , كيف يحضرو الطعام قليلا قليلا على اساس انا الملك يخليهم فى حالهم اكيد توا يطلع جيشه الجرار علشان يسحقهم وياخذ حتى الى بعد المغاره .....لازم قتله

    ردحذف
  8. هذا الحاكم يجب ازالته بل إستئصاله بكل الطرق المتاحة والمشروعة ويجب على اهل القرية الاحتفاظ بأخلاقهم اثناء محربته بالرغم من عدم امتلاك الحاكم لأي اخلاق او دين. هذا قدر القرية فعليها بالتمسك بمفتاح الفرج الصبر لان الحياة مع مثل هكذا حاكم لاتساوي شييء الا المذلة.
    اخينا العزيز ابن الكريم الاصيل صالح السليمان باسم الشعب الليبي الحر , جزاك الله ألف خيـــــــر. ع طرابلس

    ردحذف
  9. هذه القضية الشائكة تحتاج فتاوى الجهابذة أمثال العنزي و غيره من فقهاء الإستكانةالذين يحاولون قتل إسلامنا العظيم الداعي لكرامة الإنسان و إعلا قيم العدل و الحرية. أحيي ك أخي الكريم و أحيي قلمك المبدع و أطمئنك أن أهل قريتك سيتخذون القرار الصحيح فقد أبصروا تلك الجنة و عرفوا الطريق الذي أراد الطاغوت أن يهوله. ستزهر رياض ليبيا الحبيبة إنشاءالله بعد أن سقتها دماء طاهرة رفعت أعناقها طلبا للحرية.

    ردحذف
  10. على اهل هذه القرية ان يذهب البعض منهم الى المغارة لجلب الماء والزاد لاهل قريتهم بما يستطيعوا لسد جوعهم وليذهب اخرين لطلب العون من القرى الاخرى من اجل كسر شوكة الظالم الذى لطالما استعبدهم ومنع حريتهم التى اعطاها الله لهم وان كانو يظنون انهم فى مطمع من القرى الاخرى فليتركوا الغد هو الكفيل بالتعامل معهم بعدما يكونو قد اكتسبو حريتهم وقدرتهم على مواجهة الصعاب.

    ردحذف
  11. الشقاء والتعب يولد القوة والأقوياء .. لقد شقوا كثيرا من هذا الحاكم الظالم لن يكونوا ضعفاء ضد الوحش في المغارة سيتغلبون عليه إذا كان هناك وحشا فعلا ..
    لديهم من القوة مايتغلبون على الوحش وجلب طعامهم ومن ثم التغلب على الحاكم الظالم ..

    أسألوني فأنا أعرف ذلك

    بمقدار ماكان الألم يكون الأمل

    هدى الباشا

    ردحذف
  12. أعتقد ان القصة أسقاط علي وضع ليبيا مع اختلاف جوهري وهو أن الليبين لم يكن لهم خيار جلب الماء مع مشقة النفق

    ردحذف
  13. من وجهة نظري معنى لن اجد لحياتي معنى بدون كرامتي وحريتي الكفيلين بتحقيق استقراري وطموحي والا كنا كالنبات ناكل ونشرب بارضنا لذلك ارى على امتك الرحيل الى ماوراء المغارة وان كانت هناك تضحيات لانه هذا المصير تتوقف عليه حياة امة من بعدهم وليتركوا الحاكم بدون خدم ولينعم بالقصر الخالي

    ردحذف
  14. الحمد لله اهل قريتك اختارو الطريق الصحيح فحاصرو الطاغية في جحره واستمروا في جلب مايحتاجون له من النفق وصبرو حتي من الله عليهم بالنصر المؤزر وامكنهم من رأس الطاغية الظالم ,,, الله اكبر ولله الحمد

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام