الجمعة، 23 نوفمبر 2018

ارادوا ضرها فنفعوها

اعلم علم اليقين ان مقالي اليوم لن يعجب الكثير ممن يتصور انه خبير في العلاقات الدولية وما يصلح لأمتنا وما لا يصلح، ينتقد وينظّر وهو يشرب فنجان قهوته. وأتمنى ان يكون فنجان قهوته كما يحب، لأن نتائج ما يحدث ليس كما يحب.
كلنا تعلق بالحادث الإجرامي للصحفي السعودي جمال خاشقجي، وتابع الحملات الكبيرة والقوية على السعودية كنظام حكم وعلى ولي العهد محمد بن سلمان كشخص، طالبت الحملات بمعاقبة السعودية كدولة بسبب هذا الحادث، وبتنحية محمد بن سلمان من ولاية العهد، بل وبعضها سابق في اختيار من يصلح لولاية العهد السعودي، وطرحت أسماء وحللت مواقف وكتبت مقالات وأجريت برامج حوارية بناء على مجتزئ من اخبار.

بالطبع لن يحرمني البعض من اتهامات معلبة كمطبل او ما يماثلها من اتهامات، فلقد تعودنا على هذه الاتهامات، التي يتهم بها كل من يدافع عن النظام العربي السعودي. فبرأي البعض ان من حق كل شخص ان يدافع عن رأيه الا السعودي فلا يحق له الدفاع عن وطنه او عن نظام الحكم فيه، فتعودنا على مطبل ومرتزق وذبابة الكترونية، ووجود مثل هذه الاتهامات لكل مدافع عن وطنه السعودية تثبت اننا امام مؤامرة على السعودية كوجود، تتمنى ان تضطرب وان ينتهي الاستقرار السياسي والمجتمعي والاقتصادي فيها وان تتحول الى واحدة من حلقات عدم الاستقرار الذي حدث ويحدث في منطقتنا كما كان في مصر وكما يحدث في سوريا وليبيا والعراق ولبنان واليمن.
الهجوم الإعلامي الشديد والمرير على السعودية من قبل بعض القنوات الإعلامية الغربية والعربية اتى بنتائج عكسية وقلبت كل المفاهيم حول قيادة الرأي العام، فلم يجر الرأي العام السعودي بل والعالمي مع هذه الهجمة وسار عكس اتجاهها، وهنا نقول " رب ضارة نافعة". لقد نفخوا في قضية خاشقجي رحمه الله فكانت النتائج عكسية:
أولى النتائج العكسية هي في ازدياد تلاحم السعوديين والعرب حول السعودية واتضح أنها هي المستهدفة، وسبب استهدافها هو انها عنصر استقرار للعالم وليس للعالمين العربي والإسلامي فقط، فأي اضطرابات في السعودية ستكون له نتائج مدمره للعالم. فاستقرار الاقتصاد العالمي مرتبط باستقرار أسواق النفط، وهذا مرتبط بالسعودية ارتباط عضوي لا يمكن الفكاك منه، ارتفاع أسعار البترول مدمر للاقتصاديات في العالم الثاني والثالث وسيجر وراءه هزات لا يمكن التنبؤ بأثارها في اقتصاديات العالم الصناعي الأول, كما وان عدم الاستقرار فيها سيؤثر في الحرمين الشريفين كقيمة إسلامية وكدولة تحتضن الحرمين وقيمتها كأحد أكبر الدول العربية اقتصاديا وسياسيا. وهنالك قوى تريد نشر عدم الاستقرار في السعودية لأسباب دينية مذهبية وقوى تريد نشر عدم الاستقرار في العالم لتتولى مركزا متقدما في السياسة والاقتصاد العربي والإسلامي والعالمي,
وبعدم استجابة الشارع السعودي أدرك كل من يتمنى العكس  أنه من الصعب اختراق السور الحديدي الذي يتحصن فيه النظام في السعودية, وان الحصن الأول للسعودية هو الشعب السعودي, والتلاحم الشعبي مع النظام هو مثال يصعب تكراره في العالم, فرغم بعض الإجراءات الحكومية برفع أسعار الوقود وفرض ضريبة 5% ورفع الدعم عن بعض السلع إلا ان هذا لم يؤثر ابدا على التلاحم الشعبي مع النظام السعودي, بل واثبت السعوديون وعيا عاليا بأهمية الاستقرار واهمية مخطط ولي العهد 2030 الذي بدأ يؤتي بعض نتائجه, من انخفاض في معدلات البطالة وتحسن في الخدمات الحكومية والطبية, وان مقصد الحملات ليس العدالة لخاشقجي بل النيل من المملكة العربية السعودية ككيان. وان اتخذ الهجوم شكل الهجوم على ولي العهد، وان هذا الهجوم هو بالون اختبار وله ما يتلوه، ولن تنتهي المطالبة فقط براس ولي العهد بل وسيعقبها مطالب أخرى.
الرد الرسمي والشعبي السعودي جعل الكثير من الدول تعيد حساباتها وتقدر حجم ومكانة السعودية الصحيح في العالم، فترامب يعلن انه سيلتقي بولي العهد السعودي في الارجنتين اثناء انعقاد مؤتمر دول العشرين، وسبقه النفي الأمريكي الرسمي حول ما تناقلته وسائل الاعلام حول تقرير ال السي أي أيه وانه ذكر عن مسئولية ولي العهد السعودي، بل وذكر النفي ان التقرير لم يشمل ولي العهد باي اتهام. ليس هذا فقط، فالرئيس الروسي أيضا صرح انه سيلتقي بولي العهد السعودي في الارجنتين, قطبا العالم يعلنان انهما مهتمان بالسعودية بغض النظر عن الحملات الاعلامية.
الملاحظ هنا ان الإعلان عن هذه اللقاءات لم يكن من الرياض بل من واشنطن وموسكو، وهذا يشير وبوضوح الى مكانة السعودية والنظام فيها في العالم اليوم. بالطبع لن يرضي من يكره السعودية ونظامها هذا، وسيطرحون الاتهام المعلب عن الحلب الأمريكي للثروات السعودية، وهي أسطوانة قديمة استهلكها الزمن وردت عليها السعودية ورد عليها الكتّاب ولكن البعض لن يصدق الا ما يحب ولن يؤمن الا لما يوافق هواه. والمضحك انهم لم يعلقوا على حلب تركيا لقطر كما لم يعلقوا على التطبيع القطري الإسرائيلي. فهذه مما يجب السكوت عنه.
بالطبع هذه الهجمة الإعلامية على السعودية جعلت الصغار يدركون حجمهم وضعف أثرهم الذي لا يتعدى المشاغبة والتشويش والتشويه الإعلامي ولكن لم تحقق الا نتائج لا أثر لها في الواقع مثل منع تصدير السلاح من المانيا او الدنمارك للسعودية، ولا اعلم عن أي سلاح يتكلمون؟ فلا توجد أي اتفاقات لاستيراد الأسلحة من المانيا او الدنمارك فهو منع لما هو غير موجود. بل هو مناورة انتخابية داخلية غير ذات أثر على الواقع.
خرجت السعودية أقوى من ذي قبل، وهذه الحملة الإعلامية كانت بمثابة اختبار لقوة ومتانة الجبهة الداخلية السعودية واختبار لمكانتها في العالم، واتضحت الصورة لمن يرى الأمور بمنظار سليم من آفة الرأي والهوى.
يجب على السعودية شكر كل من هاجمها وان يزيد حجم شكرها طرديا مع حجم الحملة التي قام بها، فهي كانت الاختبار الذي لم يكن سيتحقق لولا هذه الفاجعة. فهم أرادوا ضرها فنفعوها
رحم الله الأستاذ جمال خاشقجي فلقد خدم وطنه حيا وخدم وطنه شهيدا. 
صالح بن عبدالله السليمان




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام