الأحد، 4 نوفمبر 2018

العقل العربي ... الى أين؟

 كتب أحدهم تغريده، اعرف معناها ولكنها استوقفتني كثيرا، توقفت أفكر في الأسباب لا أفكر في التفاصيل، فالتفاصيل كثيرة وقد تضيع الصورة الكبرى إذا غرقت في التفاصيل.
التغريدة تقول:
نتنياهو يزور مسقط
علم إسرائيل يرفع في الدوحة
تركيا تقوم بإنشاءات في إسرائيل
والفلسطينيون يحرقون صورة الملك سلمان. (انتهت التغريدة)
ما الذي يحدث في الفكر العربي؟ كيف تنقلب لديه المفاهيم والحقائق؟
ناقشت الكثيرين عبر لقاءات خاصة وعبر الفيسبوك وعبر تويتر، وكلما ناقشت أحدهم وجدت أسباب كرهه للسعودية حكومة وشعبا غير واضح. ويعتمد على بعض وسائل الاعلام. وليته اخذ من مصادر مختلفة التوجهات، بل من مصادر موحدة التوجه.
قد يكون لهذا التوجه عمق في تاريخنا المعاصر والقريب.
بدأ الكره من حرب الدرعية ودخول جيش محمد على باشا الى منطقة نجد، وتدمير عاصمة الحكم السعودي في نجد، وكان هذا لأن الدعوة (وليس المذهب) التي قام بها محمد بن عبد الوهاب تركز على توحيد الربوبية والألوهية لله، وتكره وتحرم التوسل والدعاء والاستعانة بالأموات من الأئمة.
هذا الكره وبدء ظهور كلمة (وهابي) على كل العرب في السعودية اليوم، مع ان محمد بن عبد الوهاب كان حنبلي وتقريبا كل اهل نجد حنابلة المذهب، وليس لمحمد بن عبد الوهاب مذهب قائم بذاته.
ثم تلقف هذا القول (وهابي) شيعة العراق وإيران وبدأ يصمون به كل من خالفهم ويدعون ان محمد بن عبد الوهاب كفر المسلمين، مع ان أحد منهم لم يقرأ كتب محمد بن عبد الوهاب بل قرأ ما كتب عنه، بينما القاعدة المنطقية تقول (اسمع مني ولا تسمع عني) أي اقرأ لي ولا تقرأ عني. وتحول هذا القول (وهابي) الى صفة مكروهة وأصبح يلصق بها تكفيري فأصبح وهابي تكفيري. بينما اول من كفر الامة في تاريخنا الحديث هو السيد قطب الذي كفر المجتمعات والحكومات، ولكن لم نر أحد يصف تلامذته من الاخوان المسلمين بأنهم تكفيرين.
استمرت هذه الدعوة الى ان حدثت الثورة المصرية في 23 يوليو 1952 وبدأت الحملة الإعلامية على الملكيات العربية في السعودية والأردن ودعوتهم بالرجعية، او الرجعية العربية.
ترسخ في الذهنية العربية "الوهابية" كصفة دينية مكروهة و” الرجعية" كصفة سياسية مكروهة، وكلتا الصفتان لصقت في المملكة العربية السعودية. بالطبع هنالك صفات مثل البداوة، وبول البعير، أصبحت صفات تجدها دائما لدى الكاره.
زد على ذلك، العمالة لأمريكا، والغرب، ثم اتهمت السعودية بتسهيل احتلال العراق وتمويل الحركات الإرهابية.
أصبحت السعودية تعنى الوهابية، التكفيرية، الرجعية، الإرهابية، البدوية، عميلة أمريكا والغرب. ومحط الكراهية.
لن أتكلم عن الوهابية والتكفيرية فهذه صفات تكلمنا عنها سابقا. وسأتكلم عن باقي الصفات.
صفة الرجعية، صفه هلامية، هل نستطيع ان نصف نظام بقية الدول العربية انها أنظمة تقدمية؟ هل الأسد او جمال عبد الناصر، او القذافي أنظمة تقدمية؟ ولنقارن بين هذه الدول والسعودية في نسب التعليم والابتعاث الخارجي والجامعات والمستشفيات والطرق والمياه نسب التعليم في هذه الدول هل نقارنه بالسعودية، فلمن سيكون قصب التفوق؟
اما تهمة تسهيل احتلال العراق فهو تهمة باطلة، ويكفي بحث في جوجل لمعرفة ان السعودية كانت ضد هذا ومنعت استخدام أراضيها لهذا، وهي تهمة الصقت بالسعودية بغير أي اثبات او دليل.
اما تمويل الحركات الإرهابية ومساندتها، فهي تهمة اقل ما يقال فيها انها زائفة، فهل يعقل ان يضرب الإرهاب السعودية وتحاربه وتعلن عليه حرب شرسة بينما هي تموله؟ ولنبحث من هي الدولة التي لم يصبها الإرهاب؟ ومن اعترف بانه سهل مهمة القاعدة في احداث 9/11؟ ومن اجبرته المحاكم الامريكية على دفع تعويضات؟ ومن الذي قبض عليه في أكثر من حادث إرهابي مؤخرا في اوروبا؟
أما العمالة لأمريكا، نسأل من الذي وقع معه أوباما اتفاقية تحفظ مصالحه ولا تحفظ مصالح أمريكا وفتح له المجال للعبث في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومن الذي يقف معه الحزب الديموقراطي وبعض افراد الحزب الجمهوري الأمريكي ضد عقوبات ترامب لها. ومع من يقف الاتحاد الأوربي ضد أكبر شريك سياسي عسكري تجاري؟ الى جانب من يقف الغرب؟
يتكلمون عن مبالغ دفعت لترامب، بينما هي قيمة صفقات أسلحة، كأنه كان مطلوب من السعودية الا تشتري السلاح الأمريكي، او ان تحصل عليه مجانا.
السعودية مطلوب منها ان تتحرك لمواجهة أطماع إيران، ومطلوب منها ان تتحرك لمواجهة المخطط الصهيوني وان تعمر بلدها ولكنها حين تفعل ينتقدها البعض. فهي ملامة ان سكتت وملامة ان تحركت.
يذكرني هذا بمقولة في أحد المسرحيات المصرية’ حين أجبر أحدهم على دفع غرامة لفتحه شباك في بيته، فقام بغلقة فغرم على الغلق، فأصبح يصيح " افتح الشباك ولا اقفله"
هل مطلوب من السعودية ان تفتح الشباك او تغلقه؟
صالح بن عبدالله السليمان










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام