الاثنين، 26 نوفمبر 2018

العرب بين الفولتارية والحمارية


بعض القصص التي يتناقلها الناس عميقة المعنى، رفيعة المستوى وتدل على فهم حقيقي للواقع السياسي في الوطن والعربي.
العرب وخصوصا النخب والكتاب (وكنت أحدهم) ننادي بالديموقراطية، وكتبت الكثير من المقالات في الرد على الحركات الدينية التي تكفّر الديموقراطية والانتخابات، وتخطّئ من ينادي بها.
ولكن مع التجارب المرة التي مررنا بها في عالمنا العربي، بل الإسلامي والاسيوي لم أجد تطبيق سليم يطابق الخيال الذي كنا نتخيله ويحقق الاحلام التي نحلم بها، واحلامنا تحولت الى كوابيس نعاني ليس فقط ليلنا بل ونهارنا.

نرى الديمقراطيات العربية تحولت الى مسوخ وحالات يغلب عليها الحالة الإجرامية، فهذه اليمن خلال ما يزيد على أربعة عقود من الديموقراطية اين وصلت؟
جمهورية مصر العربية خلال سنوات طويلة من الديموقراطية اين وصلت؟
الجمهورية العربية السورية خلال عقود من الديموقراطية اين وصلت؟
العراق سواء الديموقراطية الصدامية او الديموقراطية الأمريكية اين هو الآن؟
وليبيا الحبيبة للقلب تحولت الثورة على ظلم القذافي الذي كان كابوسا على الليبيين تحول الى كوابيس كثيرة، وتحولت الديموقراطية الى مصيبة يتعرض لها الليبيين،
الجمهورية الإسلامية في إيران، اين المثال الديموقراطي ونحن نرى المظاهرات يوميا، والاعدامات بأرقام مهولة والسجون الملآى. وشعوبها تصارع ليس على الصناديق ولكن على الطعام والدواء.
تحولت الديموقراطيات الى " ديمقراطيات الفوضى " وديموقراطيات اسمية هدفها سحق الشعب.
أرسل لي أحد الاخوة حكاية لواقعة يعلم الجميع انها تتكرر في كل الديموقراطيات العربية والإسلامية والآسيوية، الحكاية تقول:
في موسم انتخابات البرلمانية زار أحد المرشحين عن دائرة معينة شخصا بسيطا عاملا، وحاول رشوته بمبلغ 200 دينار لينتخبه، وهذا عُرف يتكرر في معظم واكاد أقول كل الديموقراطيات العربية. فقال الشخص البسيط للمرشح:
لا اريد نقودك، بل اريد منك ان تشتري لي حمارا لأقضي عليه حوائجي واسترزق منه.
لم يعترض المرشح وذهب الى سوق الحيوانات ليشتري حمار للشخص البسيط ويكسب صوته، ولكن المفاجئة كانت بانتظاره، فاقل الحمير سعرا كان ألف دينار، حاول إيجاد بديل ولكن لم يفلح، وال 200 دينار التي خصصها لكل ناخب لا تكفي لشراء حمار. فعاد للشخص البسيط وقال له ان الحمير غاليه وأنها تكلف 1000 دينار ولو اعطى ألف دينار لكل ناخب فسيكلفه هذا مبالغ طائلة ليست متوفرة لديه، وان طلب الحمار صعب التحقيق وسأله قبول ال 200 دينار ويدبر نفسه بها.
التفت اليه الشخص البسيط وقال له: انا طلبت حمار نركب على ظهره فتقول لي يكلف 1000 دينار وانت كيف تريد تركب على ظهري ب 200 دينار على الأقل عطيني سعر الحمار وما حد أحسن من حد.
حقيقة ان ما حدث تمثيل حقيقي واقعي لما نراه ونسمع عنه في الديمقراطيات العربية واسمي ما حدث في القصة انها تطبيق حي للنظرية " الحمارية"
هذا النوع من الديموقراطيات هي أساس الفوضى التي تعم البلدان العربية بل والاسيوية.
أصبحت بعد هذه الفوضى التي نراها فيما حولنا من المؤيدين والمنادين بما يعرف في العلم السياسي "النظريةَ الفولتاريةَ" أو ما يدعى (الديكتاتوريةِ المستنيرة) او (الدكتاتورية الخيرة) وبنظرة محقق في تاريخنا القريب يعطينا الأدلة على صحة اختياري.
لننظر الى مصر الملكية ومصر الجمهورية فلمن يكون الغلبة، اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا، ولنقارن بين عصر الملك صالح السنوسي في ليبيا وعصر القذافي ولنرى لمن الأفضلية؟ وعراق الملكية وعراق الجمهورية، وهكذا.
الديكتاتورية المستنيرة او ما يسميه البعض الدكتاتورية الخيرّة هي من جعل من روسيا القطب الثاني في العالم، وجعل من الصين الدولة الأولى صناعيا ونموا في العالم.
الاحلام الخيالية الغير مبنية على واقع على الأرض هي أحد اهم أسباب الفرقة بيننا، وليس كل من اختلفنا معه في الرأي او التوجه السياسي هو خائن او عميل او مرتزق او ما الى ذلك، فلكل الحق في رايه. ولكن لا تجبر الامة على رأيك وحتى ان ثبت بالأدلة التاريخية خطأ رأيك وعدم انطباقه على واقعنا.
تصلح الديموقراطية في شعوب ولا تصلح في شعوب أخرى لفوارق في الثقافة او العادات او التاريخ، فليس كل المجتمعات ينجح فيها نفس الحلول، فما نجح في المانيا لم ينجح في الصين وما نجح في روسيا لن ينجح في أمريكا، فكما ان للأفراد خصوصياتهم واختلافاتهم فكذلك للمجتمعات. بالطبع سيقوم من يرد ان العيب هنا او هناك، وتدخل هنا وتدخل هناك، ولكن كلما طرح هذا الطرح اسأل سؤال لا يأتيني جواب، ومن فتح الباب لهذا التدخل؟ ومن سمح للتدخل ان يحدث؟ اليس افراد في المجتمع. وهكذا نعود للمجتمع.
صالح بن عبدالله السليمان





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام