في أحد البلاد البعيدة وتدعى "بعيدستان", وأعتذر إذا كانت القصة التي سأذكرها تتفق في بعض او كل تفاصيلها مع ما حدث في أي منطقة في العالم, فهو تطابق غير مقصود, لذا ارجوا من القراء الكرام التكرم بعدم الظن او الشك أنى أقصد البلد بلدا بعينه فلا اقصد البلد الفلاني او الدولة الفلانية, بل هي قصة خيالية حدثت في " بعيدستان" وكنت قد ذكرت قصة بلد مجاور لها في مقالة سابق وتدعى "أعذارستان"
كان حاكم بعيدستان ظالما طاغية, يسرق مقدرات البلد ويوزعها على اصفيائه واقاربه ومحبيه واعوانه. ويترك للمواطنين القليل بل والقليل جدا,
كانت المزارع والمصانع تعمل لصالح الحاكم الطاغية, وهو يراقب اهل البلد مراقبه لصيقة ولم يدع لهم فرصة للتنفس.
قرارات حاكم بعيدستان مقدسة و تسمى مكرمات, ومكرمات الحاكم تصدر تباعا. مرة يسمح بعمل شي وأخرى بمنع عمله, تامر ببناء مصنع او مدرسة او جامعة, فيكون هذا الامر بالبناء مكرمة يجب ان يتغنى بها اهل بعيدستان مدة من الزمن,
وهذه المكرمة يستغلها من يعمل في إدارة الحاكم لتكون البنك الذي سيسرقون منه ميزانية المشروع والتي تمت مضاعفتها عشرات المرات, وتمضي السنين دون ان ينفذ المشروع, وتأتي الاعذار عن تأخر البناء, يستقدم خبير من البلد المجاور "أعذارستان" لكي يجد مجموعة من الاعذار التي ستغلق ملف التأخر او إيقاف المشروع دون ان يحدد سبب صرف الميزانية المقررة. ويصبح قرار الغاء المشروع أيضا مكرمه
هكذا تأخرت بعيدستان عن غيرها, والمرضى يسافرون بلاد بعيده لكي يحصلوا على العلاج, وأصبحت البلد تستورد جميع احتياجاتها, ولكن بقي لديها بعض المنتجات الزراعية التي بالكاد تسد احتياجات أهالي المنطقة,
بقي لديهم التلاحم والتقارب الوطني كانت الناس تنتقل من مدينة الى أخرى ومن قرية الى أخرى دون ان تعاني من تفرقة او مضايقة.
ولكن وفي يوم قرر شباب بعيدستان القضاء على حكم الطاغية, وانطلقت ثورة شعبية, واجهها الحاكم بالنار والحديد, ووقف العالم مع شعب بعيدستان للتخلص من الحاكم المكروه محليا وخارجيا, فمشاكله الخارجية أيضا كانت كثيرة , والكارهون له في الخارج كثر, والكارهون له في الداخل بسبب المجازر التي قام بها كثر, وقوانينه الجائرة التي اضرت بالمواطنين أكثر, وأحس أهالي بعيدستان انهم كبلد أصبحوا متأخرين عن البلاد التي حولهم في جميع مناحي الحياة.
ثار الشباب واعانه الكثير من بقية الشعب للتخلص من الحاكم المصاب بجنون العظمة.
ومرت أيام عصيبة, وتمكن السعب من إزالة الحاكم, وكان الأمل كبير ان تقوم دولة المواطنة, وان يكون في بعيدستان حكم الشعب بالشعب ولمصلحة الشعب وان تكون بعيدستان مثال يحتذى به في الدول الأخرى, حيث يكون للمواطن قيمته ورأيه.
الا ان ما حدث كان فاجعة بكل المقاييس, توزع أبناء بعيدستان, وكل مجموعة حملت السلاح لتحارب مجموعة أخرى من المواطنين, تكونت مجموعة حكومات كل منها يحكم منطقة صغيرة, أصبح البعض يطالب بدولة دينية حسب فهم الفقيه خنشور المتوكل والثاني دولة دينية حسب فقه القاضي أبو الرداء المتكسي, وبعضهم حارب لأجل منطقته ان يكون لها نصيب الأسد, واخرين حاربوا الاخرين لأجل ان لا يحكمهم الأخرون, اصبح القتال والقتل والتفجير شائع, انقطعت الكهرباء وصعبت المواصلات وانقت وسائل الاتصال, أقفلت البنوك وما افتتح منها ليس لديها نقد لتدفع ما عليها. أصبحت العوائل تعاني الامرين لتوفير لقمة العيش, واصبح الماء الجاري من ذكريات الماضي.
كره الناس عيشتهم واشتاقوا للظلم القديم لأن الظلم الجديد اشد وأقسى. إذ كره الناس بعضهم وأصبحوا يخافون بعضهم.
كان العيش في بعيدستان صعبا ولكنه أصبح الان مستحيلا, كان صعبا ولكن البطون شبعى والأفواه راوية, والرواتب في البنوك, أصبحت البطون جائعة والأفواه عطشى والبنوك خاوية.
أصبح أبناء بعيدستان يضعون اللوم على الخارج, كان الخارج ارسل لهم جنودا تقاتل, وكأنهم لم يحملوا السلاح ضد بعضهم البعض, كأنهم لم يلقموا مخازن السلاح بالرصاص وكأنهم لم يسحبوا الزناد. أصبح همهم القاء اللوم على الخارج وهم مشغولون بالقتال, وهم مشغولون بتدمير ما بقي من وطنهم,
هذه قصة خيالية, لا علاقة لها باي بلد حقيقي على الخريطة وأي تشابه في الحوادث او الوقائع هو محض صدفة وليس مقصودا.
صالح بن عبدالله السليمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام