الخميس، 10 أكتوبر 2024

"مدينة زبالة الناس"

في مدينة "زبالة الناس"، كان هناك جدل دائر بين أهل المدينة: هل السب هو تعبير عن الحرية الشخصية، أم أنه مجرد بذاءة وقلة تهذيب في النفس؟ كل طرف كان يملك أسبابه، وكل واحد منهم كان يُطلق العنان للسانه بحرية، وكأنهم في مسابقة "أكثر سب يحتمل".
اجتمع فريق من "حرية التعبير" الذي يرتدي تيشرتات مكتوب عليها "السب حريتي"،
وأمامهم فريق آخر يحمل لافتات كتب عليها "السب رذيلة".
وكانت النقاشات مشتعلة كأنها منافسة في القاء السب والشتم.
قال "زرياب"، أحد رموز فريق السباسين: "السب عندنا هو كالهواء الذي نتنفسه! إنه تعبير عن المشاعر! إذا غضبت، لابد أن تصرخ بكلمات تعبر عن غضبك ثم تحس بأنك تحررت!"،
فإذا بأحدهم من الطرف الآخر يرد بلهجة ساخرة:
"تحررت؟! أراهن أنك لو كنت تحرر مزاجك بقدر ما تحرر لسانك، لكان عندك مزاج جيد!"
مرة أخرى، قاطعهم "نعيم" وهو رمز التهذيب: "بالطبع، مهما كانت انفعالاتكم، عليكم أن تحترموا مشاعر الآخرين! لأن السب لا يدل إلا على ضحالة الفكر!"
مما جعل أحدهم يجيب: "وإذا كان فكري ضحلًا، فأنا اخترت أن أتحدث عن مشاعري ولا أقدم محاضرات في الأدب!" وهنا، شهدت الساحة عرضًا حيًا لتبادل الشتائم بنمط أدبي مثير!
تحولت الساحة إلى مسرح افتراضي، حيث بدأ "زرياب" في تقديم عرض حول فوائد السب وكيف أنه يساعد في تحسين العلاقات الاجتماعية، مدعيًا أنه "بعد كل سب، يأتي التصالح كنموذج مثالي من العلاقات العامة".
ولكن أحد الجمهور وهو يضحك، قال: "نعم، مثالي مثل الحرباء التي تتلون بناءً على البيئة المحيطة!".
استمرت المبارزات الكلامية حتى جاء رجل مسن، يُدعي "ابو ألأفكار"، الذي أمسك بعصاه وضرب بها الأرض ليشكل جلبة. نظر إليهم وقال: "يا شباب،  هل يستطيع أحدكم أن يروي لي كيف أصبح سبكم هذا قدر التحرر الفكري؟". فجاءه رد سريع من أحدهم: "بسهولة، هو سلاحنا الذكي لنصمت المناقش لنا في أمور التي لا تعجبنا!
لذلك، وفي نهاية المطاف، وبدلاً من أن يتوصلوا إلى اتفاق، قرروا تنظيم مسابقة سنوية تُعرف باسم "بطولة السب العالمية". أطلقوا عليها النهائيات، حيث يتنافس المشاركون على لقب "أقذر لسان"، بينما الجمهور يتفجر ضاحكًا من أفكارهم! ومنذ ذلك الحين، أصبحت "زبالة الناس" وجهة مشهورة لمشاهدة فنون الهجاء، حيث أصبح الشتم سمة تعبر عن روح المدينة.
واصبحت جنسية مدينة "زبالة الناس" تمنح لأفضل شتام سباب, فهل تود التقدم للحصول على جنسيتها؟

صالح بن عبدالله السليمان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام