الجمعة، 1 يوليو 2022

ليبيا و الشعب الليبي بين ابليس والجرذان

في الدراما اليونانية القديمة وما زالت تستعمل الى الان، ما يسمى بالكوميديا السوداء. وهو طرح المواقف التراجيديا بأسلوب كوميدي ساخر، لا يقلل من سوداوية الموقف، ولكنه يبرز مأساويته بصورة أوضح، لذا سميت بالكوميديا السوداء، كما سميت انثى العنكبوت التي تأكل زوجها بعد التزاوج بالأرملة السوداء.

وبحكم قربي من القضية الليبية، ومعرفتي بالكثير من تفاصيلها، لاحظت ان الشعب الليبي لدية هذه الصفة، وهي التعامل مع الاحداث بطريقة الكوميديا السوداء،

مثلا، انتقادا للظروف التي مر بها الشعب الليبي منذ الغزو الإيطالي وثم سقوط الملك الصالح ادريس السنوسي رحمه الله. وبعدها ثورة فبراير التي تحولت نكبة فبراير, وتدهور أحوال الليبيين ايما تدهور فيقول احدهم, كنا نريد بلدنا ان تنافس دبي فاصبحنا ننافس الصومال.

يلومون ساخرين سذاجتهم التي اوقعتهم في هذا، فيتناقلون بينهم حادثة، فيقال ان صاحب محل يهودي في احد المدن الليبية، يقوم الصباح فيلحس لحستين من قارورة العسل الأصلي التي يحتفظ بها، ثم يفتح خزنته ليرى ما تحوية من نقود وذهب وجواهر، وبعدها يجلس على مدخل متجره عابس الوجه.

يمر عليه الليبي البسيط من جيرانه فيسأله: مالك؟

فيرد اليهودي: الله لا يذوقك اللي ذقته ولا يريك الذي رأيته.

فيقول الليبي بكل براءة: آمين... آمين.

وهكذا دعى الليبي على نفسه دون ان يعلم، حتى استجيب لدعائه في أحد الأيام، فلم يذق عسلا ولم يرى غنى.

وفي مفارقة أخرى تدل على سذاجة الانسان العربي وبساطته، وتبنيه لمواقف تضر به وتضر بمجتمعه، ويتحمس لما يسوئه ويضره.

يقال انه خرجت مظاهرة في انقلاب الفاتح الذي قام به معمر القذافي وأسقط فيه حكم الصالح ادريس، تهتف " حكم ابليس ولا حكم ادريس". فدعا عليهم الملك الصالح ان يريهم الله حكم ابليس، فكان حكم معمر القذافي الذي كان أقرب الى حكم ابليس، ولا مجال لشرح مساوئه، ففيها تكتب مجلدات، وتحولت طرابلس التي كان المغفور له بأذن الله الشيخ زايد آل نهيان يتمنى ان تصبح ابوظبي مثل طرابلس.

هكذا دعا المواطن البسيط على نفسه فكان ان أستجاب الله دعاءه.

في حادثة أخرى، اثناء ثورة فبراير، أطلق معمر القذافي على اللذين قاموا ضد حكمه مسمى " جرذان" ويبدوا انه كان يعرف مع من يتعامل، فلقد لعبت الجرذان في ليبيا، وعبثت بأساساتها كما عبثت الجرذان بسد مأرب فكانت السبب في انهياره وانهيار دولة سبأ وتشتت أهلها واصبح يضرب بهم المثل " تفرقوا ايدي سبأ".

كيف عرف اليهودي ان يجعل الانسان البسيط يدعوا على نفسه؟

كيف صدق الملك الصالح ادريس بان البلد سوف يقع تحت حكم ابليس؟

كيف عرف القذافي ان اللذين يقفون ضده هم جرذان؟

انها الكوميديا السوداء.

نسأل الله السلامة لإخواننا وأحبائنا في ليبيا، وان يخرجوا من حكم ابليس ومن تفشى الجرذان.

صالح بن عبدالله السليمان

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام