الأحد، 2 يونيو 2024

حراس الفضيلة !!!

 يبدو أن هناك من يعتقد أن لديه الحق في أن يكون ربانًا لسفينة حياة الآخرين. نعم، إنهم أولئك الذين يرون أنفسهم حراسًا للفضيلة، موجهين للبوصلة الأخلاقية.

في عالم مثالي حيث الحرية تعني الحرية، والخصوصية تعني الخصوصية، لا يجدر بنا حتى التفكير في التدخل في شؤون الآخرين الشخصية. لكن، يبدو أن هذا المفهوم قد ضاع في زحمة الحياة العصرية، حيث أصبح التدخل في حياة الآخرين نوعًا من الرياضة الوطنية التي يمارسها الجميع بحماس.

"ألا يجوز التدخل في حرية الآخرين الشخصية؟"، سؤال يطرح نفسه بقوة في زمن أصبح فيه الفضول أشبه بالفيروس المعدي. ولكن، دعونا نكون صريحين، من منا لم يستمتع يومًا بجرعة دسمة من الشائعات الطازجة؟ أو من لم يشعر بلذة خفية عند التنقيب في أسرار الآخرين؟

يجب أن نعترف أن هناك من يعتبر نفسه مؤهلاً للتدخل في حياة الآخرين بحجة "المصلحة العامة" أو  أو " الحلال والحرام " أو " الجائز والمكروه ""الحفاظ على النسيج الاجتماعي". وكأن النسيج الاجتماعي قطعة قماش تحتاج إلى خياط ماهر يصلح ما انقطع منها. ولكن، أليس من المثير للسخرية أن يكون الخياط أعمى؟

ثانيًا، هناك من يرى أن التدخل في الحريات الشخصية هو نوع من "الرعاية" و"الحماية". وكأن البالغين أطفال صغار يحتاجون إلى من يمسك بيدهم عند عبور الطريق. ولكن، ماذا لو كان الطريق هو طريق الحياة نفسها؟ هل نحتاج حقًا إلى من يقودنا في كل خطوة نخطوها؟

ثالثًا، لا يمكننا تجاهل أولئك الذين يتدخلون في حريات الآخرين بدافع "الغيرة الدينية" أو "الحفاظ على القيم". وكأن القيم ليست سوى كرات بلياردو تحتاج إلى من يضربها بالعصا في الاتجاه الصحيح. ولكن، هل يمكن للقيم أن تُفرض بالقوة؟ أم أنها تنمو وتزدهر في بيئة الحرية والاختيار؟

يبدو أن التدخل في الحريات الشخصية هو ممارسة شائعة، ولكنها محفوفة بالمخاطر. فالحرية، كما يقولون، ليست مجرد حق، بل هي أيضًا مسؤولية. وربما يكون من الأجدر بنا أن نتعلم كيف نحترم حريات الآخرين قبل أن نطالب بحرياتنا.

فلنكن صادقين مع أنفسنا، التدخل في حياة الآخرين ليس سوى تصرف سخيف ومزعج. دعونا نترك كل شخص يعيش حياته بحريته دون التدخل فيها، ولنركز على تحسين حياتنا وعلاقاتنا الشخصية بدلًا من التفكير في كيفية التدخل في حياة الآخرين.

صالح بن عبدالله السليمان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام