الأحد، 16 سبتمبر 2012

حرق السفارات , هدف من ؟


الهجمات والإساءات للإسلام لم تتوقف منذ بعث الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا , هنالك قنوات تلفزيونية من الشرق إلى الغرب مهمتها الأولى الهجوم على الإسلام ورموزه , وبث الكراهية  كان وما زال هذا هو العمل اليومي للكثير من وسائل الإعلام , والفلم أو قصاصة الفيديو الأخيرة لم تكن الأولى وليست الأخيرة .

 هذه القصاصة المبهمة والتي اختلفت الأقوال حولها , وظهرت العديد من الروايات حولها وحول من عمل بها , وهل هي فلم كامل مدته ساعتان أم فقط الأربع عشر دقيقة التي ظهرت على اليوتيوب؟ ولكن الأكيد أن خلفها إسرائيليون وبعض أقباط المهجر المصريون . وهنا يحق لنا أن نشك في نواياهم , فهم يعملون بكل جهد لخلق القلاقل والمشاكل لعالمنا العربي والإسلامي .

ولكن لن نبحر في البحث عن من أنتج أو اخرج أو موّل أو غيرها من الأمور , ولكني سأركز فقط على التوقيت والهدف, توقيت ظهور هذا الفيديو للعلن , حيث انه أنتج منذ اكثر من سنة بل والبعض يقول انه أنتج منذ اكثر من سنتان , ونشر على النت منذ اكثر من شهران ولم يكن له مشاهدون , ولكن ما الذي جعله يتصدر الأخبار , وما الذي أوحى لخطباء المساجد بالحديث عنه , ومن الذي نشرة على وسائل التواصل الاجتماعي , خصوصا أن أمثال هذا الفلم أو المقالات أو المواضيع أو الصور التي تسيء للإسلام كثيرة بل وأكثر من أن تعد , ولكن تناول احد هذه الفيديوهات بهذه الصورة و بهذا التوقيت توجب علينا الوقوف والتفكر في الهدف المقصود , ومن المستفيد من ذلك ؟

فلم ظهر قبل اكثر من سنة على اقرب الأقوال , وظهر على النت قبل اكثر من شهرين , وفجأة , وفي ذكرى 9/11 يتصدر المشهد في العالم العربي , وتظهر الاحتجاجات الجماهيرية  والمظاهر الغوغائية خلالها , وتوجه  وتنّصب هذه لاحتجاجات على الولايات المتحدة الأمريكية ( وبالرغم من سجلها الأسود في تاريخنا المعاصر ) ولكنها ليست المسئولة عنه , ولم نرى أي لاحتجاجات على الممولين أو على موقع يوتيوب الذي تملكه شركة "جووجل" التي نشرت الفلم , ولم تقبل حجبه إلا عن بعض الدول العربية والمسلمة وأصرت على الاستمرار في عرضه , وركز الهجوم على الولايات المتحدة التي لا شأن لها بإنتاجه أو تمويله أو نشره , بل وقد وصمه كل المسئولين الأمريكان بعبارات منها "المقزز" و"التافه" و"المثير للاشمئزاز".
 
فلماذا ؟ لماذا تركزت الاحتجاجات على السفارات الأمريكية ؟

حاولت أن ابحث عما استطيع وصفه كفوائد لنشر هذا الفيديو وكل مظاهر الغوغائية في الاحتجاجات التي تصدرت المشهد العربي  ليس لنا نحن كمسلمين بل لمن أنتجه ونشره , واستطعت الوصول إلى بعضها وقد يكون بعضها قد غاب عن ذهني .

أولا , وفي هذا التوقيت حيث أن السباق الرئاسي قد انطلق على أشده في الولايات المتحدة , وقد استغل الرئيس أوباما ما حققه من تفاهم مع دول الربيع العربي واستعمال تحقيق الديمقراطية فيها كأحد أمثلة النجاح لسياسته الخارجية , وجاءت الأحداث بهدف إشعار كلا المرشحين بأن العالم العربي لا يعد شريكا أو حليفا مأمونا وان إعطائهم المساعدة على بلوغ الديمقراطية يعني وكما صرحت الوزيرة "هيلاري كلنتون" " إن الخروج من دكتاتورية الأنظمة يعني سقوط الدول العربية في دكتاتورية الغوغاء . وتصريح الرئيس أوباما أن مصر ليست حليفا أو صديقا للولايات المتحدة . ولهذا معاني يعرفها كل من يعيش في أمريكا , وهي محاولة لإعادة العالم العربي إلى العدو الذي يجب محاربته وبدعم شعبي .

ثم يمكننا ضمان نتيجة أخرى وهي منع أي نوع من الدعم ( مع انه غير موجود حاليا) عن الثورة السورية سواء سياسي أو  غيره , وخصوصا لأن الثورة السورية يغلب عليها الطابع الإسلامي , ومثل الاحتجاجات المتطرفة في العالم العربي والتي خرجت باسم الإسلام  وما صاحبها من هجمات على السفارات الأمريكية والحرائق التي حدثت فيها يجعل من المستحيل على أي سياسي غربي الحصول على أي دعم شعبي في بلده للثورة السورية .

كما تحققت نتيجة أخرى لما حدث , وهو توجيه الإعلام الداخلي والمحلي إلى ما يحدث من احتجاجات متطرفة وانحسارها عن تغطية الثورة السورية والمجازر اليومية التي تحدث في سوريا . وهذا يخفف الضغط على النظام السوري .

ولا ننسى,  فمثل هذه الاحتجاجات وضعت الديمقراطيات الناشئة في تونس أو مصر أو ليبيا في موضع حرج , وخصوصا الصدام هو بين قوى الأمن المحلي ومن يحاول الهجوم على السفارات وحرقها , وسقوط الكثير من الضحايا  من قوى الأمن والمهاجمين وجرح وقتل العشرات بل وقد نقول المئات , بينما نجد البلد يحتاج إلى عمل جبار لتحقيق الأمن الداخلي , وفي هذا تشتيت لجهود الحكومات الجديدة وترسيخ لحالة عدم الأمن فيها.  كما أن استمرار حالة عدم الآمن قد يسبب تحول هذه الديمقراطيات التي نبني عليها الكثير من الآمال إلى حالة " الدولة الفاشلة " مما يعرض ثرواتها وقدراتها إلى النهب وظهور نوع من لوردات الحرب كما ظهرت في الصومال " أقاله الله من عثرته " مما قد يتيح الفرصة للتدخل الأجنبي بدعوى فرض الآمن وحماية المدنيين .

وهذا أيضا يتسبب في وقف مد الربيع العربي, حيث أن الكثير من مواطني الدول التي تتعرض للقهر والظلم والتسلط ستقول كما يقول المثل الشعبي لدينا " أمسك مجنونك حتى لا يأتيك من هو أجن منه " أو يقول " وجه تعرفه أحسن من وجه تجهله " .

بالطبع كان هنالك هدف لهذا الفلم ولكنه لم يتحقق والحمد لله وهو تعميق الفتنة الداخلية في مصر بين أقباطها ومسلميها , وهذا كان بفضل الله ثم بفضل القوى العاقلة في المجتمع المصري .

قبضت القوات المصرية على الكثير من الذين هاجموا السفارة الأمريكية في القاهرة وظهرت صورهم على شاشات التلفزيون , وكان الكثير منهم من أرباب السوابق ومن غير المتمسكين بالإسلام بل ممن لا يعرف من الإسلام إلا الاسم  , في حين,  نرى جميع الحركات الإسلامية وعلماء المسلمين ودعاتهم وعلمائهم وجهوا الدعوات للمتظاهرين إلى عدم التطرف والسلمية وعدم مهاجمة السفارات , ولكن لم يستجيب هؤلاء الأشخاص لهم , وهذا يجعلنا نتأكد أن هذا التطرف وهذه الهجمات ليست بدوافع أسلاميه , ولم يشارك بها أي حركة أسلامية .  بل هي حركات خرجت لتحقق أهداف أخرى , وليس من بينها الدفاع عن الإسلام أو رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وخير كلمة تقال في هذا الموضوع , هي , أغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن بأخلاق رسول الله , وبخلق رسول وبأوامر رسول الله وبسنة رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام.

أما الجموع التي خرجت للدفاع عن رسول الله صلى الله وسلم فلقد خرجت سلمية , تطالب بتجريم من يتعرض لرموز الإسلام , وأدت رسالتها ثم رجعت إلى أعمالها وبيوتها دون أن يلوث أي شخص منهم يديه بدم رجل أمن أو يحرق عربة يملكها الوطن أو يخرب شارعا يستعمله أبناء الوطن . هؤلاء هم المسلمون , وهنا نسأل , ويجب أن نسأل , فمن هؤلاء الذين يهاجمون السفارات ويحرقون السيارات ويحرقون العربات ويتلفون الطرق ؟
تكلمت عن أهداف من اظهر هذا الفيديو في هذا الوقت , فما هدف أبناء جلدتنا ممن يساعدون هؤلاء , وماذا يستفيدون ؟
اترك الإجابة لكم .
صالح بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام