أولى مرحل حل أي
مشكلة نواجه هو الاعتراف بوجود المشكلة، فلا يعقل ان ننكر وجود مشكلة ونبحث لها عن
حل. ومشاكل المجتمع لا تختلف كثيرا عن المشاكل العضوية التي تصيب الجسد، وعند
الإقرار بوجود مشكلة في الجسد نبحث لها عن علاج ونجتهد في البحث عن طبيب بارع في
علاج مشكلتنا الجسدية، وإيجاد أفضل دواء لها. يبدأ جهدنا بالاعتراف بوجود المشكلة.
وهذا ينطبق على جميع أنواع المشاكل التي نواجه كأشخاص وكجماعات وكمجتمعات.
المجتمعات
العربية تعاني العديد من المشاكل، وتعاني الكثير من النواقص، وأول هذه المشاكل
هو انعدام لغة الحوار المجتمعي، بل ونحاول تبرير الخلاف في الرأي وانعدام لغة الحوار
بيننا من خلال ازدراء المخالف لنا, والصاق ما نستطيع الصاقه به من العيوب وجعل
فكرنا فكر منزل من السماء ولا يأتيه الباطل من امامه او من خلفه.
المخالف لنا في
الفكر، بدوي، فلاح، جاهل، مرتزق، مطبل، كاذب، منافق، ذو نوايا سيئة، متأمرك،
وأخيرا ظهرت مفردات أخرى تضاف للقائمة مثل وطنجي، ذباب، ذئاب، خائف، جبان، الى آخر
قائمة طويلة من الشتائم والعيوب التي نلصقها به، اما نحن، فنحن العارفون ببواطن
الأمور، العارفون بما تخفي الصدور، نحن الصادقون، ورأينا هو الصواب الذي لا يقبل
الخطأ ورأي غيرنا هو الخطأ الذي لا يقبل الصواب.
يبلغ بنا التعصب
لما نعتقده ونراه اننا نجتهد في البحث عما يؤكد صحة رأينا، وللرد على ما يؤكد
خطأه، نحكم على ما يؤكد صحة رأينا بانه صواب ولو قاله اكذب الناس واعتراف لو قاله
عدو نعرف انه لا يريد لنا الخير، ونبحث عن تبرير لمن نؤيد لو كان خبرا مؤكدا حول
من نؤيد.
هذا التحجر
الفكري الذي وقعت الامة ضحيته بسبب اتباع وسائل اعلام هدفها الأساس التفرقة بيننا
وضرب تكاتفنا. ودفعنا لحب أنظمة حكم لم نر
منها الا الشر المطلق، وكراهية أنظمة حكم لم نرى منها شرا ولكن سمعنا عنها مئات
والالاف الاشاعات.
السياسة
والاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي هي سلاح تفرقة الامة ونشر الفرقة والتنازع بين
مجتمعاتنا بدل ان تكون وسائل جمع الصوت وتوحيد الجهود ودفعنا لاحترام المخالف
واحترام فكره.
نرى دولة تدمر
دولا عربية تدميرا كاملا، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والبعض يحب ويؤيد الذي قام
بالتدمير ويعادي من لم يقم به بل ويتهم دولة أخرى بانها هي من قام بالتدمير.
لا اعلم هل نحن
عمينا عن الحق ام ان الاعلام وضع غشاوة على اعيننا؟
وسائل إخبارية
تركز ليلها ونهارها لحرب أنظمة أخرى وتنسب اليها كل مشاكل الامة، ونحن نعلم انها
ليست صادقه. وما أعلن مؤخرا عن ان دولة معادية للعرب تمتلك العشرات من المواقع
الإخبارية وتقوم بنشر سمومها علينا وفينا، ولكن للأسف لم يتابع صحافيونا هذا الخبر
وسكتوا عنه.
دولة تضح
المليارات في وسائل انباء لكي تشوه دولة من دولنا ونرى أسماء تتكرر تبث الكراهية
ضد دولة عربية، وبعض العرب سعيد بما ينشر،
نحن ندمر بعضنا
بعضا، ونجر بعضنا بعضا الى الخلف، ويسقط بعضنا بعضا في مهاوي التخلف والتأخر.
نرفض الاعتراف
بوجود الخطأ في أنفسنا اولا ثم نتكلم عن الاخرين، نصلح نفسنا اولا ثم نحاول اصلاح
ما حولنا.
اذكر معلما
مصريا ونحن في المدرسة الثانوية قال طرفة فهمت معناها بعد زمن، واشكر ذلك المعلم
الذي زرع فينا حب البحث وتبيان الحق وان ننقد الاخبار، فما آفة الاخبار الا
رواتها.
قال الأستاذ: لو
قلت لكم ان غدا سيكون عليكم "اختبار" لقلتم انه دعاية صهيونية.
وكم من تهمة
دعاية صهيونية اضرت بأوطاننا ودمرت بناء نهضتنا، وفرقت صفوفنا وبعثرت جهودنا.
لنعترف اننا
نتعرض لعملية غسل دماغ لكراهية امتنا، وكراهية بناء وبناة نهضتنا. ولنجتهد في تبين
الاخبار قبل تبنيها، والمنطق يقول ان لا اقبل ذمك من عدوك، وان لا اقبل اتهام لك
من شخص غارق فيما يتهمك به.
ومن يزوره
الإسرائيليون ليل نهار لا اقبل منه اتهام لك بانك تنسق مع إسرائيل، ومن يضع قواعد
أمريكية في بلده لا اقبل منه اتهام لك بانك تابع لأمريكا.
فلو كنت حقا
تنسق مع إسرائيل لسبح بحمدك لأنك تسير على طريق ساره هو، ولو كنت تابع لأمريكا
لجعلك اذكى الناس لأنك تبرر له ما يفعل.
وأخيرا أقول في حياتنا
نقابل صنفان من البشر، من يحبك، ولا يبحث عن سبب، فقط يحبك. ومن يكرهك، ويبحث عن ألف
عذر لكراهيتك ولو كانت كلها خطأ او خيال المهم انه يبحث عن عذر لكراهيته. اهتم بالأول
وتجاهل الثاني فالاهتمام به لن ينفع
صالح بن عبدالله
السليمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام