الأربعاء، 5 أبريل 2023

أفضلُ الجهادِ كلمةُ عدلٍ عند سُلطانٍ جائرٍ

 سمعت وقرأت الكثير ممن يغردون في وسائل التواصل وينشرون في الواتس اب وغيرها من الوسائل يسبون ولي الأمر من حكام دول الإسلام وخصوصا المملكة العربية السعودية. يستشهدون بحديث صحيح وهو قوله (أفضلُ الجهادِ كلمةُ عدلٍ عند سُلطانٍ جائرٍ – أو أميرٍ جائرٍ -) وكلنا مؤمن بان الرسول أوتي مجامع الكلم، فهو () يستعمل الكلمة الصحيحة في المكان الصحيح،

قال " عند " سلطان جائر، و"عند" ظرف مكان، أي ان يكون في مجلسه وعنده وليس في الأسواق والمنابر، وفي زمننا هذا ليس في وسائل التواصل او الصحف او القنوات. ان يكون النصح مختصرا على السلطان او الأمير ومجلسه.  ويؤيد هذا حديث آخر فعن عياض بن غنم رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية، وليأخذ بيده، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه». رواه الإمام أحمد، وابن أبي عاصم في كتاب السنة وغيرهما، وصححه الألباني

ان ما يفعله من يظنون انهم يحسنون صنعا انما هو شق للطاعة وتفريق للامة وفتح الباب واسعا للمندسين وذوي الأطماع لكي يسقطوا الامة في اتون النزاعات والإحتراب الأهلي، واستبدال الاستقرار بالاضطراب، البناء بالتدمير، والسلم بالحرب.

هذا حديث واتضح لنا معناه بلا ريب، ولا لبس.

وامامنا أحاديث كثيرة تأمرنا بالسمع والطاعة لولي الأمر، وان نسأل الله لهم التوفيق والسداد.

سأورد بعض هذه الأحاديث الشريفة:

قال ﷺ "من أتاكم وأمرُكُم جَمِيْعٌ على رجل واحد، يُريد أن يَشُقَّ عَصَاكُم، أو يُفَرِّقَ جَمَاَعَتَكُم، فاقتُلُوهُ". [رواه مسلم]

قال رسول الله ﷺ: إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم

وقال ﷺ: الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة قالوا: يا رسول الله لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم

قال ﷺ: من ولي عليه والٍ فرآه يأت شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة

ولما سئل عن ولاة الأمر الذين لا يؤدون ما عليهم قال ﷺ: أدوا الحق الذي عليكم لهم، وسلوا الله الذي لكم

قال أبو إسحاق السبيعي -رحمَهُ اللهُ-: "ما سب قوم أميرهم إلا حرموا خيره" رواه ابن عبد البر في التمهيد (21/287) وسنده صحيح.

قال أبو مجلز لاحق بن حميد -رحمَهُ اللهُ-: " سب الإمام الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين" رواه ابن زنجويه في الأموال(رقم34) وإسناده حسن.

 دَخَلْنا علَى عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ وهو مَرِيضٌ، قُلْنا: أصْلَحَكَ اللَّهُ، حَدِّثْ بحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ به، سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: دَعانا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَبايَعْناهُ، فقالَ فِيما أخَذَ عَلَيْنا: أنْ بايَعَنا علَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ، في مَنْشَطِنا ومَكْرَهِنا، وعُسْرِنا ويُسْرِنا، وأَثَرَةً عَلَيْنا، وأَنْ لا نُنازِعَ الأمْرَ أهْلَهُ، إلَّا أنْ تَرَوْا كُفْرًا بَواحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فيه بُرْهانٌ.

قوله ﷺ: ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة

قوله ﷺ: ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله وطاعة ولاة الأمر، ولزوم جماعتهم فإن دعوتهم تحيط من ورائهم"

أما ما ورد عن فقهاء المسلمين وعلماءهم الربانيين من اقوال حول طريقة تعاملهم مع ولي الأمر فكثيرة، نورد منها البعض:

قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الذي سجن وعذب وضرب في فتنة خلق القرآن: (وإني لأرى طاعةَ أميرِ المؤمنين في السرِّ والعلانيةِ، وفي عُسري ويُسري، ومَنشطي ومكرهي، وأثرةٍ عليَّ، وإني لأدعو اللهَ له بالتسديدِ والتوفيقِ في الليلِ والنهارِ)

قال الأمام الفضيل ابن عياض "لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان" وقال "إذا جعلتها في نفسي لم تعدني، وإذا جعلتها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد"

قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله: (مَن قال: الصلاة خلفَ كُلِّ برٍّ وفاجرٍ، والجهاد مَعَ كُلِّ خليفةٍ، ولم يرَ الخروجَ على السلطان بالسيف، ودعا لهم بالصلاح، فقد خَرَجَ من قول الخوارج أوله وآخره)

وقال الامام الطحاوي: (ولا نرى الخروجَ على أئمتنا وولاةِ أُمورنا وإن جارُوا، ولا ندعُو عليهم، ولا ننزعُ يداً من طاعتهم، ونرى طاعَتهم من طاعة الله عزَّ وجل فريضةً ما لم يأمروا بمعصيةٍ، وندعُو لهم بالصلاح والمعافاة). وقال: (أُمرنا أن ندعو لهم بالصلاح)

وقال الإمام إسماعيل الصابوني رحمه الله: (ويرى أصحاب الحديث: الجمعة، والعيدين، وغيرهما من الصلوات، خلف كلِّ إمام مسلم، برَّاً كان أو فاجراً، ويرون جهاد الكفرة معهم وإن كانوا جورة فجرة، ويرون الدُّعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح.)

وقال الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف رحمَهُ اللهُ-: "وأما ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج عن الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس

عن أنس بن مالك قال: نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا، فإن الأمر قريب)) رواه ابن أبي عاصم في السنة وسنده صحيح.

وقال أبو إدريس الخولاني -رحمَهُ اللهُ-: "إياكم والطعن على الأئمة، فإنَّ الطعن عليهم هي الحالقة، حالقة الدين ليس حالقة الشعر، ألا إنَّ الطاعنين هم الخائبون وشرار الأشرار". رواه ابن زنجويه في الأموال(رقم38) وسنده حسن.

وقال أبو إسحاق السبيعي -رحمَهُ اللهُ-: "ما سب قوم أميرهم إلا حرموا خيره" رواه ابن عبد البر في التمهيد (21/287) وسنده صحيح.

وقال أبو مجلز لاحق بن حميد -رحمَهُ اللهُ-: " سب الإمام الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين" رواه ابن زنجويه في الأموال(رقم34) وإسناده حسن.

قال الإمام أبو محمد الحسن البربهاري رحمه الله: إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فأعلم انه صاحب هوى وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح والتوفيق فأعلم انه صاحب سنة إن شاء الله.

ومما يروى عن الإمام الحسن البصري أنه أتى رجل من الخوارج للحسن البصري فقال له: ما تقول في الخوارج؟

قال: أصحاب دنيا

قال الرجل: ومن أين قلت وأحدهم يمشي بالرمح حتى ينكسر فيه، ويخرج من أهله وولده؟

قال البصري: حدثني عن السلطان أيمنعك عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج والعمرة؟

قال: لا

قال: فأراه إنما منعك الدنيا فقاتلته عليها

أوردت هنا مجموعة من أحاديث الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم وثلة من اقوال السلف رحمهم الله. ففيها من الأدلة ما يكفي ولا نقول آخرا الا ما قال شيخنا الألباني رحمه الله: طالب الحق يكفيه دليل ، و صاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل ، الجاهل يُعلّم و صاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل ..

صالح بن عبدالله السليمان

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام